تتابع عائلة السلايمة بترقب كبير كل معلومة تتعلق باتفاق محتمل بين حماس وإسرائيل لوقف القتال وتبادل الأسرى.
وأمس الأربعاء، أعلن الجانبان أنهما توصلا إلى اتفاق هدنة لمدة اربعة ايام، بوساطة قطرية، سيشهد أيضًا إطلاق سراح 50 أسيرًا تحتجزهم حماس مقابل 150 امرأة وطفلًا فلسطينيًا من السجون الإسرائيلية.
وكان اسم أحمد السلايمة من بين تلك الأسماء، حيث يقول والداه، نواف السلايمة وزوجته سحر، أن رؤية اسم ابنهما البالغ من العمر 14 عامًا على القائمة التي نشرتها وسائل الإعلام الإسرائيلية للسجناء الفلسطينيين المقرر إطلاق سراحهم اليوم، منحتهما ارتياحاً كبيراً خالطه شعور بالأمل والقلق معاً.
وقال نواف أنه لا يمكنه تصديق مثل هذه الأخبار إلا عندما يرى ابنه بأم عينيه خارج السجن، حيث يقبع أحمد في السجون الإسرائيلية منذ عدة أشهر، ووالداه يترقبان بلهفة موعد تنفيذ الصفقة.
ووفقا لنادي الأسير الفلسطيني، فإن أكثر من 250 طفلاً فلسطينياً دون سن 18 عاماً محتجزون حالياً في السجون الإسرائيلية.
وكان أحمد قد اعتقل برفقة ثلاثة من أبناء عمومته في 17 أيار/ مايو، من قبل الشرطة الإسرائيلية التي اعتقلتهم من منازلهم في حي رأس العامود في سلوان، في القدس الشرقية المحتلة، بتهمة رشق الحجارة.
وبعد أيام من الاعتقال، أُطلق سراح أحمد بشرط الإقامة الجبرية، حيث ظل محتجزًا في منزله حتى 30 تموز/ يوليو.
وأوضح والده: “لكن الشرطة الإسرائيلية أخبرتنا أنها غير راضية عن وضع الطفل تحت الإقامة الجبرية وأنه يجب عليه تسليم نفسه”.
ومنذ ذلك الحين، لم يُسمح لعائلة أحمد بزيارته مطلقًا لأن والده أسير سابق فلم يسمح له بزيارته، كما أن والدته تحمل هوية الضفة الغربية وهو ما حال دون أن يُسمح لها بالحصول على تصريح زيارة.
وقال نواف “إن أحمد معتقل حالياً في سجن الدامون ولم نعرف عنه أي شيء منذ 7 أكتوبر في ظل حرمان الأسرى من الاتصالات والزيارات”.
وأضاف: “نعلم أن الأسرى يتعرضون لضغوط كبيرة من قبل السجانين، وقلقنا على سلامته يتزايد كل يوم.
وتابع: “ننتظر عودة أحمد بفارغ الصبر، ونأمل أن يعود جميع الأسرى إلى منازلهم”.
كما اعتقل أيهم، شقيق أحمد البالغ من العمر 13 عامًا، بعد أيام قليلة من اعتقال شقيقه، وفرضت عليه الإقامة الجبرية منذ ذلك الحين.
وقامت الشرطة الإسرائيلية، مساء الأربعاء، بتصوير منازل الأسرى المقرر إطلاق سراحهم في القدس، وهددت ذويهم بالاعتقال إذا أبدوا أي شكل من أشكال الاحتفال بالإفراج عنهم.
وفي السنوات الأخيرة، منعت إسرائيل أي عرض احتفالي عندما تستقبل العائلات أبناءها وبناتها المحررين، وفي بعض الحالات، أعيد اعتقال الأسرى المفرج عنهم حديثاً بعد احتفال عائلاتهم بعودتهم، وفي حالات أخرى، تم ترحيل الأسرى المحررين من القدس لقضاء الأيام الأولى من الحرية في الضفة الغربية المحتلة.
وقال رئيس لجنة أهالي الأسرى في القدس، أمجد أبو عصب، إن قمع احتفالات الأهالي بحرية أبنائهم، بعد طول انتظار، هو جزء من حالة التضييق الدائم التي تسعى إسرائيل إلى فرضها.
كما تُخضِع إسرائيل الأطفال المعتقلين في القدس لإجراءات قاسية ومبالغ فيها، مثل الأحكام العالية والغرامات الباهظة والإقامة الجبرية، والتي، كما يقول أبو عصب، ليست تقييدًا جسديًا فحسب، بل أيضًا شكلاً من أشكال الضغط النفسي الذي يستمر لأشهر طويلة.
وبحسب أبو عصب، فإن الضرب هو السمة المميزة لاعتقال الأطفال المقدسيين بهدف الترهيب.
وأضاف: “منذ أن أحرق المستوطنون وقتلوا الطفل محمد أبو خضير في القدس عام 2014، بدأت إسرائيل باستهداف الأطفال في المدينة بشكل متزايد لمنعهم من الانتقام، كما طورت قوانينها لمضاعفة أحكامهم بحجة الردع” .
وأضاف أن استخدام القوة المفرطة في التعامل مع الأطفال في القدس هو سياسة ممنهجة تنفذها الشرطة الإسرائيلية بهدف إخضاعهم، واصفاً ظروف احتجازهم والتحقيق معهم بأنها أكثر وحشية من ظروف اعتقال بقية الأسرى.
فرحة غير مكتملة
وفي مدينة يطا جنوب الخليل، تنتظر عائلة أخرى معلومات عن إطلاق سراح ابنها براء ربيع (17 عاما).
وقال بلال ربيع، والد براء، إن المحامي أبلغ الأسرة أن ابنهم سيكون من بين المفرج عنهم، دون تقديم مزيد من التفاصيل.
سينهي إطلاق سراح براء عاماً من المعاناة التي سببتها قوات الاحتلال له ولعائلته، ففي كانون الأول/ ديسمبر 2022، اقتحمت القوات الإسرائيلية منزل العائلة واعتقلت براء ووالديه.
وقال بلال “لقد اعتقلوني لمدة 11 يوماً ووالدته ليوم واحد، واستجوبوني بشأن براء وأصدقائه، وأرادوا توجيه اتهامات كبرى ضده رغم صغر سنه، مثل محاولة إطلاق النار على جنود إسرائيليين”.
وتم تمديد اعتقال براء عدة مرات، دون إدانته بأي تهم، وبحسب والده، فإن النيابة الإسرائيلية تحاول إقناع القاضي بإصدار حكم طويل الأمد ضد براء رغم عدم كفاية الأدلة.
وشكل وجود اسم براء على قائمة تبادل الأسرى مفاجأة سعيدة للعائلة، خاصة وأنهم حرموا من زيارته ولم يسمح لهم إلا بثلاث زيارات انقطعت بعدها أخباره منذ نحو 50 يوماً.
إلا أن سعادة العائلة غير مكتملة بسبب الموت والدمار الذي أحدثته إسرائيل في غزة منذ بدء العدوان في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، حيث قُتل أكثر من 14.000 فلسطيني منذ ذلك الحين، الغالبية العظمى منهم من النساء والأطفال.
وقال بلال “لكن هذه الفرحة تضاءلت بسبب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وارتفاع عدد الشهداء والمشاهد المروعة التي نراها، نحن ننتظر براء بفارغ الصبر، لكننا نشعر بالأسى لما يحدث في غزة”.