بقلم أسيل موسى
ترجمة وتحرير مريم الحمد
في فبراير عام 2021، ودون أي مقدمات، تم تشخيص الفلسطيني من غزة، أحمد اليعقوبي البالغ من العمر آنذاك 28 عاماً، بسرطان الدم، ومنذ ذلك اليوم شكل ذلك التشخيص نقطة تحول في حياته فضعفت مناعته وأصبحت حياته تتمحور حول الحاجة إلى وحدتين من الدم أسبوعياً.
بسبب خطورة حالته، تم نقل اليعقوبي من مستشفى الرنتيسي في غزة إلى مستشفى النجاح في مدينة نابلس بالضفة الغربية المحتلة، وعن تشخيصه، يقول أحمد “بعد إجراء خزعة من جسدي وخضوعي لاختبارات شاملة، أصبح من الواضح أن نوع سرطان الدم الذي كنت أعاني منه هو MDS وهو شكل نادر من سرطان الدم، يتطلب عملية زرع نخاع”.
“لقد كنت متعبًا للغاية، وقد تبين أن هناك مشكلة في تصريح العبور من نابلس إلى تل أبيب، لقد كان الانتظار مؤلمًا، بالكاد كنت ألتقط أنفاسي” – أحمد اليعقوبي- مريض سرطان
منذ 7 أكتوبر، لم يعد يعقوبي قادراً على الحصول على الدواء الضروري لحياته، فقد خرج ما لا يقل عن 26 مستشفى في القطاع المحاصر عن الخدمة منذ بدء القصف الإسرائيلي، بالإضافة إلى قيام إسرائيل بقطع المساعدات والمياه والغذاء والوقود والكهرباء عن غزة، مما ترك العديد من الفلسطينيين الذين يعانون من أمراض خطيرة في حالة خطرة حقاً.
“لقد نجوت من الموت”
كانت السلطات الإسرائيلية تعلم خطورة حالة أحمد، ومع ذلك فقد أُجبر على الانتظار لأكثر من 4 ساعات عند حاجز قلنديا قرب القدس أثناء محاولته الوصول إلى تل أبيب لتلقي العلاج.
“العدد الإجمالي لمرضى السرطان في غزة يبلغ 10 آلاف مريض، جميعهم يعانون من آلام شديدة، إلا أن مستشفى دار السلام لا يستقبل حاليًا سوى 12 مريضًا بالسرطان، وحالتهم صعبة للغاية” – الدكتور صبحي سكيك- مدير مستشفى الصداقة التركية الفلسطينية
يقول أحمد “لقد كنت متعبًا للغاية، وقد تبين أن هناك مشكلة في تصريح العبور من نابلس إلى تل أبيب، لقد كان الانتظار مؤلمًا، بالكاد كنت ألتقط أنفاسي”، وعن رحلة العلاج يقول أحمد “كنت أغادر منزلي في السابعة صباحاً، ولا أصل إلى المستشفى إلا في الرابعة بعد الظهر، كنت أتأخر عن مواعيدي ولم يكن هناك أي اعتبار للمرضى”.
مع تقدم مرضه، انخفض وزن أحمد من 86 كجم إلى 40 كجم، كما تسببت علاجاته الكيميائية في تلف أعصابه، يقول واصفاً الحال، ”الألم الذي شعرت به لا يمكن وصفه، فأنا أعاني حتى الآن من آلام في أعصاب أطرافي، ومناعتي باتت ضعيفة جداً، لقد تحملت الكثير، وبعد ذلك علمت أن حالتي ميؤوس منها، ولكن بفضل الله نجوت من الموت”.
صراع بين الموت والحياة
مثل الكثير من مرضى السرطان، تغيرت حياة أحمد منذ خضوعه للعلاج الكيميائي، حتى أصبح لا يستطيع التنقل خارج المنزل دون قناع ولا يمكنه التعرض لأشعة الشمس لأن طبقة الميلانين الموجودة تحت الجلد قد دمرت بسبب العلاج، مما يزيد من خطر الإصابة بسرطان الجلد.
ويقول أحمد أنه “حتى مع العلاج فأنا أصارع بين الحياة والموت”، خاصة وأن الحرب المستمرة قد حرمت الكثير من الفلسطينيين من الحصول على العلاج، وفقاً لأحمد فقد “أصبح الوضع كارثياً منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، لقد توقف الدواء الذي كنت أتناوله لتخفيف آلامي ومحاولة منع جهاز المناعة من مهاجمة جسدي بالكامل، وبسبب تدهور حالتي الصحية، فأنا بحاجة إلى مراجعة مستشفى الضفة الغربية مرة أو مرتين في الشهر، فجهازي العصبي يتدهور بالتدريج، مما أدى إلى آلام شديدة في أعصاب عيني وفي جميع أنحاء جسدي “.
مع غياب المسكنات، يكافح أحمد من أجل النوم لمدة ساعة واحدة في الليل، كما أن قسم مرضى السرطان في مستشفى الصداقة التركية الفلسطينية لم يعد يعمل، بسبب نفاذ الوقود، فتم نقل المرضى إلى مستشفى دار السلام في خان يونس جنوب غزة، إلا أن المستشفى غير مجهز للتعامل مع مرضى السرطان، ويفتقر إلى المعدات الحيوية.
معظم مرضى السرطان في غزة اليوم تم تركهم دون علاج أو دواء، حتى تدهورت حالة العديد منهم، وقد أوضح الدكتور صبحي سكيك، مدير مستشفى الصداقة أن “العدد الإجمالي لمرضى السرطان في غزة يبلغ 10 آلاف مريض، جميعهم يعانون من آلام شديدة، إلا أن مستشفى دار السلام لا يستقبل حاليًا سوى 12 مريضًا بالسرطان، وحالتهم صعبة للغاية”.
قبيل القصف الإسرائيلي على غزة، كان من المقرر تحويل حوالي ألف مريض بالسرطان للعلاج في الخارج، وبعد العدوان، ارتفع عدد المرضى الذين صاروا يحتاجون إلى العلاج الطبي في الخارج، حيث أوضح الدكتور سكيك أن هناك ألفي مريض بالسرطان بحاجة إلى العلاج في الخارج!
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)