بقلم مها حسيني
ترجمة وتحرير نجاح خاطر
أظهرت مقاطع فيديو مشاهد لعشرات الرجال الفلسطينيين، وهم عراة إلا من ملابسهم الداخلية، حفاة الأقدام، ويجلسون في الشارع واضعي أيديهم على رؤوسهم، بعد أن اعتقلتهم قواتٌ من الجيش الإسرائيلي في شمال قطاع غزة.
نُشر الفيديو في 7 تشرين الثاني / نوفمبر ويبدو أنه سجل من قبل الجيش الإسرائيلي في بلدة بيت لاهيا عقب حملة اعتقالات جماعية نفذها في أوساط السكان والنازحين الذين كانوا يتواجدون في مبان سكنية متعددة بالإضافة إلى مدرستين تابعتين لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة (الأونروا)، هما مدرسة خليفة بن زايد ومدرسة حلب الجديدة.
وفي إحدى روايات أقارب المعتقلين المذكورين وشهود العيان، ذكر الصحفي محمد الكحلوت، النازح في جنوب قطاع غزة قائلاً “اعتقل الجيش جميع المتواجدين في بنايات ثلاثة تعود لعائلة الكحلوت منهم أشقائي وأبناء عمومتي وغيرهم من النازحين من أبناء العائلة الذين لجأوا إلى منطقتنا”.
وقال: ” لقد اعتقلوا نحو 40 شخصًا، تمكنت من التعرف على 12 منهم في الصور ومقاطع الفيديو التي تم تداولها في منصات التواصل الاجتماعي”.
بعض أبناء عائلة الكحلوت أخبروا محمد أن أشقاءه وأبناء عمومته تعرضوا قبل اعتقالهم لإساءات وتعنيف من قبل الجنود الإسرائيليين الذين ” كان لديهم نية إذلالهم وتركهم شبه عراة” في الشارع، حيث مكثوا 19 ساعة.
وأوضح الكحلوت: ” لقد اقتادوهم من المنزل و ضربوهم و أجبروهم على خلع ملابسهم، وقاموا بتقييد أيديهم، وتركوهم في الشارع في البرد دون ثياب من الساعة السابعة صباحاً حتى الثانية من فجر اليوم التالي”.
وفي وقت لاحق، أفرجت قوات الاحتلال عن عدد من المعتقلين، فيما نقلت آخرين إلى جهة مجهولة، حيث توقع شهود العيان أنه ربما يكون قد جرى نقلهم إلى مركز احتجاز في زيكيم، بين قطاع غزة وتل أبيب.
وأضاف الكحلوت: ” أخبرني شاب من عائلة اللبد أنه تم إطلاق سراح سبعة أفراد من عائلته، وتركوا بالقرب من حدود بيت لاهيا وأجبروا على العودة سيرًا على الأقدام”.
وفي أحد المباني التي تم إخلاؤها قسراً، كان يتواجد رئيس مكتب موقع العربي الجديد في غزة ضياء الكحلوت وعائلته.
ووفقاً لشهود عيان، فقد طُلب من جميع من كانوا في المبنى من عائلة ضياء الكحلوت الذين تزيد أعمارهم عن 15 عاماً تسليم أنفسهم لقوات الاحتلال.
وقال محمد الكحلوت: ” ضياء نزح في وقت مبكر من الحرب وانتقل ليعيش مع عائلته في منطقة الكرامة، لكن الجنود اعتقلوه هو و شقيقيه وثلاثة من أبناء أخيه، ثم أطلقوا سراحهم فيما بعد، لكن ضياء واثنين آخرين لم يطلق سراحهم و مازالوا رهن الاعتقال”.
ومضى يقول: “قامت القوات الإسرائيلية بتفجير المنازل في المنطقة وإحراقها، وكان من ضمنها منزل عائلة ضياء”.
بدوره، أفاد أحد أبناء عائلة اللبد، أن قوات الاحتلال دعت سكان عدد من المباني، بمن فيهم المقيمين داخل المدرستين اللتين تؤويان النازحين إلى النزول إلى الشارع.
وانصاعت العائلات، بمن فيها من رجال ونساء وأطفال للتعليمات حيث احتجزهم الجنود لمدة ساعتين قبل إطلاق سراح النساء والأطفال، بينما أُمر الرجال بخلع ثيابهم باستثناء ملابسهم الداخلية والجلوس في طوابير في الشارع.
ووثقت وسائل الإعلام قائمة بيانات لـ 25 شخصاً من بين المعتقلين تشمل أسماءهم الكاملة وأعمارهم ومهنهم.
وفيما أعلنت مصادر إسرائيلية أن المعتقلين هم أعضاء في الفصائل الفلسطينية المسلحة، فإن القائمة التي تتطابق مع إفادات شهود العيان تشير إلى أن المعتقلين هم أكاديميون وصحفيون ومعلمون في المدارس التي تديرها الأونروا وطلاب في ذات المدارس وعمال وموظفون لدى السلطة الفلسطينية.
ومن بين المعتقلين الذين وثقت القائمة أسماءهم درويش الغرباوي، 58 عاماً، مدير مدرسة تديرها الأونروا، وأحمد أكرم محمد لبد، 35 عاماً، مدرس في مدرسة تديرها الأونروا، ويوسف خالد محمد لبد، 15 عاماً، طالب مدرسة، وتامر عمر سرور، 35 عاماً، حلاق، وعطية لبد، 43 عاماً، خياط، وإبراهيم عبد الرؤوف لبد، 35 عاماً، مهندس كمبيوتر، والطلاب الجامعيون عبد الله أكرم لبد، 19 عامًا، وعبد الرحمن عبد الرؤوف لبد، 19 عاماً، وحمزة جميل لبد، 19 عاماً، وجهاد عبد الرؤوف لبد، 22 عاماً.
وقالت امرأةٌ تسكن في إحدى البنايات السكنية التي أخلاها الجيش إن الجنود طرقوا أبوابهم بأعقاب أسلحتهم لإجبار السكان على فتحها، مضيفةً “وكانوا ينادون باستخدام مكبرات الصوت للنزول، سمعنا الأصوات، لكننا لم نكن نعرف أن هذا هو الجيش، ثم أجبر الجنود الرجال على “خلع ملابسهم والانتظار في الشارع”.
وتابعت: “شرع الجنود بالتجول في المباني وقاموا بإخلائها، شقة تلو الأخرى، كانوا يطرقون الأبواب بقوة، وعندما وصلوا إلى منزلنا، طلب رجال العائلة منا أن نلزم الصمت كي يتركونا ويرحلوا، لكننا خشينا من أن ينسفوا المبنى فغادرنا”.
وأضافت: ” رفعنا راية بيضاء وخرجنا، فأخذوا الرجال وقالوا لنا نحن النساء أن نجلس على الدرج، ثم أجبروا الرجال على خلع ملابسهم و أمرونا بالذهاب إلى المدرسة، ولا يزال والدي محتجزاً لديهم”.
وكانت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإسرائيلية، قد ذكرت الخميس، أن الجيش الإسرائيلي اعتقل حوالي 700 فلسطيني من قطاع غزة ووضعهم في الاعتقال الإداري منذ 7 تشرين الأول / أكتوبر.
ولا يشمل هذا العدد اولئك الذين عبروا الحدود مع إسرائيل وتم اعتقالهم في بداية القتال.
وقالت المرأة: “ما زلنا لا نعرف أين ذهبوا بالرجال، لكننا على يقين بأنهم يعذبونهم، لا أدري ماذا يريدون منهم، فهم لا يملكون أي صلة بحماس أو بأي حزب سياسي”.
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)