فقد وائل عرفات القدرة على السير على قدميه، كما فقد نحو 20 كيلو غراماً من وزنه منذ أن بدأ إضرابًا عن الطعام قبل 50 يومًا.
ويطالب الشاب البريطاني الفلسطيني البالغ من العمر 28 عاماً حكومة المملكة المتحدة باتخاذ تدابير لوقف العدوان الإسرائيلي المستمر منذ شهرين على قطاع غزة.
ومن داخل أحد المستشفيات في باث، جنوب غرب إنجلترا، حيث يتلقى العلاج، قال عرفات: ” أدرك أنني قد أموت، وأعلم أن شيئا ما قد يحدث لصحتي، وأنا لا أريد أن أموت، لكنتي أخوض هذا الإضراب عن الطعام من أجل شعبي الذي يعاني، كل شخص في غزة هو أخي وأختي”.
تعود أصول عرفات إلى دير البلح وسط قطاع غزة، وقد فقد والديه عندما كان في الخامسة من عمره وربته جدته في القطاع المحاصر، قبل أن ينتقل إلى المملكة المتحدة عندما كان مراهقًا صغيرًا.
توقف الشاب عن تناول الطعام والشراب في 22 تشرين الأول / أكتوبر بعد أن علم أن شقيقته وأطفالها الأربعة قتلوا في غارة جوية إسرائيلية على منزلهم في مدينة غزة.
لم يكتشف عرفات أن لديه أختاً في غزة إلا قبل عامين فقط، وقد تواصل معها من خلال جيرانه السابقين.
“أحلم بالعودة إلى غزة، أرغب في العمل في خدمة الإسعاف أو في منظمات حقوق الإنسان” – وائل عرفات، بريطاني من أصل فلسطيني
وقال عرفات: ” أبلغتني شقيقتي خلال الاتصال أنهم في المنزل وأنهم آمنون لكنهم قد يضطرون إلى الإخلاء، فسألتهم: إلى أين ستذهبون؟ قالوا لا نعرف”.
وبعد اسبوعين من الحرب تحدث عرفات مع شقيقته للمرة الاخيرة، حيث وصف مجريات تلك المحادثة بالقول: ” اتصلت بي شقيقتي لتخبرني أن بقيت وعائلتها في المنزل وأنهم قد يموتون، وكانت تلك آخر مكالمة أجريتها معها، لم أتمكن من مقابلتها أبداً”.
وكثيرا ما كانت دير البلح هدفا للقصف الإسرائيلي، بما في ذلك الغارات الجوية التي شنتها إسرائيل هذا الشهر والتي أسفرت عن استشهاد عشرات المدنيين.
وأوضح عرفات: ” لا يوجد مكان آمن في غزة، لقد طُلب من الناس أن يتحركوا، لكن الوضع ليس آمنًا، نريد أن يُسمع صوتنا، نريد أن نقول كفى”.
“تخفيف الصدمة”
وخلال الأسبوع الماضي، تناول عرفات كمية صغيرة من السوائل من خلال التقطير الوريدي، بعد أن أخبره الأطباء أن حالته تدهورت بشكل خطير.
وقال إنه شعر أن الإضراب عن الطعام هو الطريقة الوحيدة لإسماع صوته.
وأضاف: “هذا بالضبط ما يفعلونه في السجون الإسرائيلية، في إشارة إلى الفلسطينيين الذين يتوقفون عن تناول الطعام والشراب احتجاجاً على اعتقالهم والظروف غير الإنسانية التي يعيشونها في السجون الإسرائيلية.
وتابع: ” هم لا يملكون صوت، وليس لديهم سوى الإضراب عن الطعام”.
من جهتها، ذكرت والدة عرفات بالتبني، باتريشيا ديفيس توماس أن عائلته في المملكة المتحدة تعيش قلقاً شديداً على حاله.
وقالت: ” عائلتي بأكملها مستاءة، نريد أن يكون وائل بخير وأن يعود إلى المنزل، أريده أن يدرك أنه من الجيد الاحتجاج ولكن هذا لا يعني أنه يجب أن يموت بسبب ذلك.
وأضافت: “نريده أن يستمر في الحياة، وبعد ذلك يمكنه الاستمرار في دعم الشعب الفلسطيني”.
يذكر أن ديفيس توماس وزوجها قاما برعاية عرفات وتبنيه منذ عام 2009 بعد وصوله إلى المملكة المتحدة وعمره 14 عامًا.
وقالت السيدة البريطانية أنها وزوجها حصلا على “سطر واحد فقط من المعلومات” عنه في ذلك الوقت، لكنها سرعان ما أدركت أنه أصيب بصدمة شديدة بسبب ما حدث في غزة.
وتابعت: ” لم نكن نعرف أي شيء عن فلسطين أو عن وائل، أخبرته بعد قدومه أنني سأقف إلى جانبه دائمًا، لقد كان يحتاج فقط إلى شخص ما، إنه جزء أساسي من عائلتنا”.
وأكدت ديفيز توماس إن عرفات كان يكافح من أجل مواجهة الدمار الذي لحق بوطنه خلال الشهرين الماضيين.
بدوره أكد عرفات اعتزامه مواصلة إضرابه عن الطعام إلى أن تدعم الحكومة البريطانية وقف إطلاق النار.
وقال: “أريد من حكومة المملكة المتحدة أن تفعل شيئاً، وأريد من الحكومة الإسرائيلية أن تتوقف عن قتل الناس”.
وقد كتبت والدته بالتبني إلى النائب المحلي كريس سكيدمور لإبلاغه بحالة عرفات، لكنه رد عليها بشرح مطول عن حركة حماس.
وعقبت توماس على ذلك: ” لم يقدم سكيدمور لوائل أي دعم، لقد أخبرته أن كل هذه المصطلحات لا تريحني فهي لا تساعد الذين يعيشون المعاناة الحقيقية”.
ينتمي سكيدمور إلى حزب المحافظين الحاكم، وهو واحد من عشرات النواب الذين امتنعوا عن التصويت لصالح دعوة الحزب الوطني الإسكتلندي إلى وقف إطلاق النار في 16 تشرين الثاني/نوفمبر، والذي تم التصويت لصالحه بأغلبية 294 صوتًا مقابل 125 صوتًا.
“أخبرني وائل أنه يشعر بالتجاهل من قبل النائب عن منطقته ومن قبل حكومة المملكة المتحدة” – كارلا دينير، الزعيمة المشاركة لحزب الخضر
وزارت كارلا دينير، المستشارة المحلية في بريستول والزعيمة المشاركة لحزب الخضر، عرفات في المستشفى يوم الجمعة، ونقلت عنه القول أنه يأمل في العودة إلى غزة في المستقبل القريب.