قامت مدرسة باركليز الابتدائية شرق لندن بتحذير آباء الأطفال الذين ارتدوا الأعلام والملصقات دعمًا لفلسطين، خلال يوم خصص لجمع الأموال للأطفال المحتاجين بنداء من بي بي سي ، معتبرين أنهم بذلك الفعل يخاطرون بإحالتهم إلى مكتب الوقاية التابع للحكومة، برنامج الإرهاب “بريفنت”.
تم الإشارة في الرسالة التي أرسلتها إدارة المدرسة إلى أولياء الأمور، إلى أن ارتداء ألوان العلم الفلسطيني أو ارتداء “شارات ومجوهرات وملصقات” داعمة لفلسطين هي “مظاهر علنية للمعتقدات السياسية” والتي يمكن “اعتبارها مسيئة”، كما حذرت الرسالة من التعليقات المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى مجموعات الواتساب.
أكثر من ثلث الإحالات إلى برنامج “بريفنت” كانت من الأطفال دون سن 15 عامًا، ونصفهم تقريبًا من خلفيات إسلامية أو آسيوية- منظمة العفو الدولية
وقد جاء في الرسالة: “لا ينبغي إحضار هذه الأشياء إلى المدرسة أو التصرف بها في مجموعات الواتساب الخاصة بالآباء، والتي يمكن أن يساء فهمها بسهولة على أنها مهينة أو مثيرة للانقسام، وفي بعض الحالات شكل من أشكال التطرف، فالتعليقات غير اللائقة التي يتم الإدلاء بها في المدرسة أو إظهارها في المدرسة، بما في ذلك التعليقات المتطرفة أو المثيرة للانقسام، يمكن أن تؤدي إلى اجتماعات رسمية مع المدرسة، أو إحالة إلى فريق بريفنت أو فريق جرائم الكراهية في والثام فورست”.
وفي تعليقها على الخبر، أصرت مؤسسة Lion Academy Trust، التي تدير مدرسة باركلي الابتدائية، أن الرسالة “اختلست” و”أخرجت من سياقها”، مضيفة أن “الرسالة كانت خاصة بسوء السلوك من قبل بعض الأطراف، ونحن ملتزمون بواجبنا القانوني بموجب برنامج بريفنت، ورغم أننا لم نقم بإبلاغ برنامج بريفنت، إلا أننا نسعى إلى أن نكون شفافين من خلال توعية الأفراد بالالتزامات القانونية للمدرسة”.
عقب تحذيرها للأهالي، اضطرت المؤسسة إلى إغلاق المدرسة مبكرًا هذا العام بمناسبة عطلة عيد الميلاد المدرسية بسبب ما أسمته “التهديدات المتزايدة ضد الموظفين والمدرسة”.
وفي اليوم التالي، تجمع أولياء الأمور والناشطون المؤيدون لفلسطين خارج المدرسة احتجاجًا، فقد أظهرت لقطات متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي بضع عشرات من الأشخاص يحملون لافتات وأعلام، بينما يرفرف العلم الفلسطيني على عمود إنارة خارج المدرسة.
وفقاً لأحد أعضاء هيئة التدريس الذي كان مشاركاً في الوقفة الاحتجاجية، فإن إدارة المدرسة قد خلقت “ثقافة الخوف” تجاه أي شيء يخص فلسطين ومنعت المعلمين من الإجابة على الأسئلة حول هذه القضية، مضيفاً أنه “إذا أظهر أي منهم أي دعم للفلسطينيين، فإنهم سيقعون في مشاكل، مثل رفع تقرير بالأطفال إلى برنامج بريفنت أو إعادتهم إلى منازلهم أو تغيير ملابسهم”.
وفي شهادته، أشار الموظف في المدرسة إلى أنه “في السابق، كان الأطفال يصطفون في ساحة اللعب عند وصولهم إلى المدرسة ومغادرتها، أما الآن، فهم لا يفعلون ذلك لأنهم لا يريدون أن يرى الأطفال آباءهم الذين يدعمون فلسطين”.
ردًا على رسالة المدرسة، قام العشرات من أولياء الأمور بإرسال رسالة شكوى رسمية، واصفين التهديدات بالتبليغ عن الأطفال لبرنامج “بريفنت” بأنه اعتداء على حريتهم في التعبير، وهو ما يتعارض مع مواقف سابقة اتخذتها المدرسة بشأن الصراعات العالمية.
“برنامج بريفنت يتعارض مع التزامات المملكة المتحدة في مجال حقوق الإنسان” – ساشا ديشموخ- منظمة العفو الدولية
جاء في شكوى الآباء: “باعتبارنا آباء ومقدمي رعاية، وجدنا صعوبة في فهم رسالتكم المؤرخة في 17 نوفمبر مقارنة برسالتكم المؤرخة في 4 مارس 2022 فيما يتعلق بالغزو الروسي لأوكرانيا، فبدلاً من التوصل إلى حل سلمي في أوكرانيا وجميع الصراعات الأخرى في العالم، تحرم الأطفال من حقوقهم في حرية التعبير، وتذهب إلى حد الإشارة ضمنًا إلى أن ارتداء اللون الأحمر والأخضر يمكن أن يبررا التصعيد لفريق جرائم الكراهية”!
خطر الإحالة إلى “بريفنت”
تأتي هذه القضية في الوقت الذي أصدرت فيه منظمة كيج إنترناشيونال، وهي مجموعة مناصرة لحقوق الإنسان، تقريراً يسلط الضوء على فرض رقابة على التضامن مع فلسطين في المدارس وأماكن العمل.
وقد أشار المتحدث باسم منظمة كيج، محمد موسى، إلى أن المنظمة تعاملت مع أكثر من 200 حالة تتعلق بأطفال المدارس وطلاب الجامعات والموظفين والمتظاهرين الذين واجهوا المضايقات والقمع بسبب دعمهم لفلسطين، وقد جاء في بيان المؤسسة: “تدين منظمة كيج انترناشيونال تهديد مدرسة باركليز الابتدائية بإحالة الطلاب الذين يعبرون عن دعمهم لفلسطين إلى برنامج بريفنت”.
وأضاف موسى “أن هذا العمل الظالم يجسد القمع الأوسع للأصوات التي تطالب بالعدالة لشعب فلسطين، ويجب على سلطات المدرسة حماية حق الطالب في حرية التعبير، وليس إسكاتها”.
مؤخراً، نشرت منظمة العفو الدولية تقريراً بعنوان “هذه هي شرطة الفكر”، محذرة من أن أطفال المدارس في المملكة المتحدة “معرضون لخطر” إحالتهم إلى برنامج “بريفنت” بسبب دعمهم لفلسطين، كما سلطت المنظمة الضوء على أن أكثر من ثلث الإحالات إلى برنامج “بريفنت” كانت من الأطفال دون سن 15 عامًا، ونصفهم تقريبًا من خلفيات إسلامية أو آسيوية.
يقول الرئيس التنفيذي لمنظمة العفو الدولية في المملكة المتحدة، ساشا ديشموخ، أن “برنامج بريفنت يتعارض مع التزامات المملكة المتحدة في مجال حقوق الإنسان، فنحن نشعر بالقلق بشكل خاص إزاء العدد المتزايد من الشباب، وخاصة الأقليات والمسلمين والمتنوعين عصبيا الذين يتم إحالتهم إلى برنامج الوقاية”.