بقلم أسيل موسى
ترجمة وتحرير نجاح خاطر
وسط العديد من الأطفال المعتقلين، والذين وضعوا في سيارة نقل، شعرت دانا ذات العشر أعوام بالدهشة عند استجوابها على يد جندي إسرائيلي، قائلةً: “لقد سألونا أشياء غريبة عن حماس ومواقع المحتجزين الإسرائيليين. أخبرتهم أنه ليس لدي أية معلومات.”
وكانت الفتاة الفلسطينية قد اعتقلت مع شقيقها عمار البالغ من العمر ستة أعوام فقط أثناء نزوحهما إلى جنوب غزة عبر “الممر الآمن” الذي حددته إسرائيل في تشرين الثاني/ نوفمبر.
كان الطفلان يسيران على طريق صلاح الدين مع والدتهما سارة وصديق والدهما، كريم، عندما أطلق الجنود رصاصتين في الهواء وأمروا الجميع بالاستلقاء على الأرض.
وأفاد والد الطفلين، والذي يدعى محمد، أن أحد الجنود، أشار إلى كريم منادياً: “الشاب الذي يرتدي قبعة سوداء وقميصاً أبيض، تعال.”
و في ذلك الوقت ،كان الأب ينتظر في جنوب غزة بفارغ الصبر كي يجتمع مع زوجته وأطفاله، وقال راوياً محنة أطفاله الذين اكتفى بذكر أسمائهم الأولى لأسباب تتعلق بالسلامة، “إن جنود الاحتلال أخضعوا كريم للضرب المبرح واحتجزوه لمدة 12 ساعة، وسط الشتائم والتحقيق، حتى أنهم جردوه من ملابسه”.
في هذه الأثناء، تم فصل دانا وعمار عن والدتهما ووضعهما في سيارة عسكرية، حيث قالت دانا “كنت مرعوبة للغاية، وكان عمار يبكي بشدة”.
وبعد رحلة استغرقت ساعة واحدة، وصلوا إلى مكان غير معلوم، حيث تم وضعهما مع أطفال آخرين في سيارة النقل.
وأضافت دانا، “لقد صدمت عندما رأيت أطفالاً آخرين، بما في ذلك أطفالاً رضع. كل الأطفال كانوا يشعرون بالرعب”.
وتابعت: “لقد كانت هناك ست شاشات كبيرة ذات جودة عالية جدًا، وظلوا يسألونني عن أمي وأبي. طلبوا مني مشاهدة مقطع فيديو تم تسجيله أثناء نزوحنا وجعلوني أشير إلى والدتي، لا أعرف لماذا طلبوا مني أن أفعل ذلك. إن أكثر ما آلمني هو خوف عمار وبكاؤه”.
وبالعودة إلى طريق صلاح الدين، كانت والدة الطفلين، سارة، في حالة صدمة، حيث قالت: “كدت أن أفقد عقلي، لم أكن أعرف كيف أتصرف، شعرت وكأن روحي تخرج مني.”
عندما علم محمد بما حدث، اتصل على الفور باللجنة الدولية للصليب الأحمر طالبًا المساعدة، وكان محمد، وهو أب لثمانية أطفال، قد أُجبر على التوجه إلى جنوب غزة، ضد إرادته، في وقت سابق من الحرب.
كانت الأسرة القادمة من شمال قطاع غزة، قد لجأت إلى جمعية أطفالنا للأطفال الصم في مدينة غزة في الأيام الأولى للعدوان الإسرائيلي.
ولكن بعد أسابيع من العيش في ظروف صعبة مع القليل من الطعام والماء، قررت عائلة أخت محمد النزوح إلى الجنوب، حيث قام محمد بإيصالهم إلى “الممر الآمن”، بينما كان ينوي العودة إلى عائلته بعد ذلك.
وأضاف محمد أن جندياً رصده على الطريق وأجبره على التوجه جنوباً تحت تهديد السلاح، ومن ملجأه في دير البلح، عمل على إلحاق زوجته وطفليه الأصغر به.
وبعد مرور 27 ساعة من إبلاغ الصليب الأحمر، قيل له أخيرًا أنه سيتم إطلاق سراح دانا وعمار وإعادة شملهما مع والديهما.
وقال: “كان [اعتقالهما] أصعب شيء واجهته أنا ووالدتهم على الإطلاق”.
ويستخدم الفلسطينيون الذين أجبروا على مغادرة المناطق الشمالية من القطاع إلى الجنوب ما يسمى “الممر الآمن”، الذي أقامته القوات الإسرائيلية في غزة في تشرين الأول/ أكتوبر.
ويؤكد العشرات من شهود العيان ومنظمات حقوق الإنسان أن الممر ليس آمنًا على الإطلاق، وسط اتهامات للقوات الإسرائيلية باستخدامه لقتل واحتجاز وإساءة معاملة الفلسطينيين، حيث اعتقل مئات الفلسطينيين أثناء نزوحهم إلى مناطق الجنوب منذ بداية الحرب، وكان من بينهم أطباء ونساء وأطفال.