بقلم الطيب علي
ترجمة وتحرير مريم الحمد
مثل الكثيرين حول العالم، تابعت عن كثب وفي ترقب أولى جلسات محكمة العدل الدولية في لاهاي فيما يتعلق بقضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل.
بعد مشاهدة الجلستين، يمكن القول أن هناك تبايناً كبيراً جداً بين وجهة نظر إسرائيل ووجهة نظر جنوب أفريقيا، فلم يحمل الخطاب الإسرائيلي أي اعتذار، كما أنه تلاعبه في الخطاب يجب أن يكون مصدراً حقيقياً للقلق.
وتنفي إسرائيل أنها قد قامت بانتهاك القانون الدولي رغم الأدلة التي قدمتها جنوب أفريقيا، بالإضافة إلى الحقيقة التي لا يرقى إليها الشك وهي أن أكثر من 24100 فلسطيني قتلوا خلال الهجوم الإسرائيلي على غزة خلال 100 يوم، وكان أغلبهم من النساء والأطفال.
هذه الأرقام في ارتفاع مستمر، خاصة مع فقدان الكثيرين تحت الأنقاض ولذلك من المرجح أن يكون الرقم الحقيقي للضحايا أعلى بكثير، وإذا لم يتم التوصل إلى قرار بوقف إطلاق النار، فسوف يكون ذلك بمثابة ضوء أخضر للقوات الإسرائيلية مما سوف يزيد من هجمات إسرائيل في غزة.
ضوء أخضر في هذه الحالة يعني موت المزيد من الناس وتشرد المزيد من الناس، وجوع المزيد من الناس، وهذا من شأنه أن يزيد من استقطاب الاحتلال ويصب الزيت على الوضع المتفجر أصلاً!
تصاعد الأوضاع
يعد عدم التوصل إلى قرار بوقف إطلاق النار بمثابة صب الزيت على النار، فقد هاجمت الولايات المتحدة وبريطانيا اليمن قبيل جلسات المحكمة الدولية!
من المفارقات أن الكثيرين سوف يقرؤون هذا الهجوم على اليمن باعتباره متعمدًا لصرف الأنظار عن جلسات محكمة العدل الدولية، وهي في حقيقتها ضربة عسكرية!
يجب أن تكون محكمة العدل الدولية جريئة هذه المرة تتخذ موقفاً و وتصنع التاريخ، فلا يمكنها الفشل هذه المرة في التدخل لوقف إطلاق النار، لأنها إن فعلت فذلك بمثابة تكرار لأخطاء في ماضيها، كما حدث عام 1993، عندما فشلت في إصدار الأمر بوقف إطلاق النار في البوسنة
أما عن توقيت إطلاق الصواريخ على المدمرات البحرية الأمريكية منذ 19 أكتوبر/تشرين الأول، فإن توقيت الضربة الأمريكية يثير تساؤلات حول احتمال تصعيد بات واضحاً.
لقد استهدف الحوثيون بالفعل سفينة مملوكة للولايات المتحدة، مما يثير شكوكًا حول ادعاءات الولايات المتحدة بأنها تسعى إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة.
هناك انقسام على الساحة الدولية أيضاً، فبالعودة إلى قضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، يصبح هناك شيء واضح فيما يتعلق بالدعم الدولي لفلسطين.
أعربت كل من ألمانيا وكندا عن دعمهما لموقف إسرائيل بينما حظيت جنوب أفريقيا بدعم تركيا وماليزيا وبوليفيا والبرازيل وكولومبيا والأردن وجزر المالديف وناميبيا وفنزويلا ومنظمة التعاون الإسلامي التي تضم 57 دولة، مما يشير بوضوح إلى تزايد الدعم بسرعة بين الجنوب العالمي.
ظلال البوسنة على غزة
فيما يبدو، فإن الجنوب العالمي لم يعد يقبل ازدواجية المعايير في تطبيق “النظام الدولي القائم على القواعد” من قبل الشمال العالمي، فقد ظهرت حقيقة مفادها أن الجنوب هو من يدعم القانون الدولي والتطبيق الحقيقي لهياكل ومؤسسات المساءلة القائمة على القواعد التي تم إنشاؤها منذ الحرب العالمية الثانية.
من المهم اليوم العمل على وقف العنف، فعندما ترى أغلبية العالم الأمور على حقيقتها، لابد أن تكون المؤسسة التي تم إنشاؤها لغرض تطبيق القانون الدولي قادرة على رؤية الحقيقة أيضاً.
يجب أن تكون محكمة العدل الدولية جريئة هذه المرة تتخذ موقفاً و وتصنع التاريخ، فلا يمكنها الفشل هذه المرة في التدخل لوقف إطلاق النار، لأنها إن فعلت فذلك بمثابة تكرار لأخطاء في ماضيها، كما حدث عام 1993، عندما فشلت في إصدار الأمر بوقف إطلاق النار في البوسنة.
بعد ذلك الفشل، وقعت الإبادة الجماعية في البوسنة، والتي لا يزال ظلها يطارد المحكمة!
يجب على المحكمة أن تأمر بوقف إطلاق النار، ويجب أن يتم تنفيذ ذلك من خلال دعوة محكمة العدل الدولية الأمم المتحدة للإشراف على وقف إطلاق النار مع قوات الأمم المتحدة على الأرض في غزة والضفة الغربية وعلى الحدود.
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)