رفع المركز الدولي للعدالة من أجل الفلسطينيين (ICJP) دعوى قضائية ضد كبار الساسة في المملكة المتحدة بمن فيهم الوزراء، متهماً إياهم بالتواطؤ في جرائم الحرب المرتكبة في قطاع غزة.
وقال المركز الحقوقي الذي يتخذ من المملكة المتحدة مقراً له أنه سلم ملفات الأدلة ومرفقاتها إلى وحدة جرائم الحرب التابعة لشرطة العاصمة الأسبوع الماضي.
وأوضح رئيس المركز طيب علي في مؤتمر صحفي عقده الثلاثاء أن المركز سلم المحكمة دفعةً أولى من الأدلة وقائمة أوليةً من المشتبه بهم، وأضاف: ” سنقدم للمحكمة المزيد من الأدلة على الجرائم وفئات أخرى من المشتبه بهم بدعم جرائم الحرب”.
وتشير الشكوى، التي تم نشرها بعد طلب علني من الشرطة للحصول على أدلة على جرائم حرب في إسرائيل وغزة، إلى تورط سياسيين إسرائيليين ومواطنين بريطانيين بينهم عدد من الذين غادروا البلاد للقتال في صفوف الجيش الإسرائيلي.
وتعرضت شرطة العاصمة لانتقادات من رموز المحافظين ومن بينهم رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون، الذين أشاروا إلى أن دعوة الشرطة للجمهور لتقديم الأدلة تمثل تسييساً للقضية.
لكن طيب علي وصف تصريحات جونسون بأنها ترقى بحد ذاتها إلى حد “التدخل السياسي” غير المرحب به في عمل الشرطة.
بدورها، ردت الشرطة على الانتقادات الموجهة لها موضحةً أن فريق جرائم الحرب التابع لها ملزم بموجب نظام روما الأساسي بدعم أي تحقيقات تفتحها المحكمة الجنائية الدولية والتي يمكن أن تشمل رعايا بريطانيين.
كما نشرت الشرطة على موقعها على الإنترنت دعوةً لتلقي البيانات من الراغبين في الإبلاغ عن القضايا المتعلقة بجرائم الحرب.
وتتضمن شكوى المركز الدولي المكونة من 78 صفحة أدلة فوتوغرافية بالإضافة إلى روايات شهود عيان مروعة، بمن فيهم مواطنون بريطانيون كانوا إما حاضرين في غزة بعد 7 تشرين الأول / أكتوبر أو لديهم أفراد من عائلاتهم زودوهم بالمعلومات والأدلة من داخل القطاع.
وقالت المحكمة الدولية إنها أبقت أسماء السياسيين والأفراد سرية لأسباب قانونية في ظل تواصل تحقيقات الشرطة.
وقدم أحد الشهود رواية عن معلمه السابق في المدرسة الابتدائية الذي قُتل مع كافة أقاربه الـ 20 في منزل عائلتهم شمال غزة.
وأفاد آخر أن شقيق صديقه، وهو طبيب في مستشفى الشفاء، لم يعلم بوفاة زوجته وأطفاله الثلاثة إلا عندما وجد جثثهم في أروقة المستشفى.
وروى ثالث عن مقتل جدته البالغة من العمر 91 عامًا، والتي تعاني من الزهايمر لكن الجنود الإسرائيليين قتلوها بالرصاص عندما اقتحموا المنزل الذي كانت تأوي إليه في مخيم جباليا للاجئين.
ويتضمن الملف أيضًا أدلة تدعم الادعاءات القائلة بأن الجيش الإسرائيلي استخدم الفسفور الأبيض ضد المدنيين في غزة، بما يتعارض مع القانون الدولي.
وتقول الشكوى أن الوزراء البريطانيين المذكورين في الدعوى مسؤولون عن المساعدة والتحريض على جرائم الحرب من خلال دعمهم العسكري المستمر لإسرائيل وتشجيعهم المعنوي.
ويقيم أغلب المدعى عليهم في إسرائيل، لكن المركز الدولي يقول إن العديد منهم مسؤولون يسافرون بشكل متكرر وطلب من الشرطة مراقبة دخولهم إلى المملكة المتحدة.
ويأتي تقديم الشكوى في المملكة المتحدة بعد أن بدأت محكمة العدل الدولية في لاهاي الاستماع إلى شكوى قدمتها جنوب أفريقيا الأسبوع الماضي، تتهم فيها إسرائيل بارتكاب “ممارسة إبادة جماعية” في غزة.
وظلت حكومة المملكة المتحدة من بين أشد المؤيدين لإسرائيل طوال فترة الصراع وقاومت الضغوط للدعوة إلى وقف إطلاق النار في الحرب.
وقال رئيس الوزراء ريشي سوناك لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تشرين الأول / أكتوبر ” أنا فخور بالوقوف إلى جانبك في أحلك ساعات إسرائيل كصديق لك، وسنقف معك متضامنين، وسنقف إلى جانب شعبك، ونريدك أن تنتصر”.
أما وزير الخارجية في ذلك الوقت جيمس كليفرلي فأشار ” نريد أن نوضح لأصدقائنا الإسرائيليين أننا نقف معهم جنبًا إلى جنب في دفاعهم عن النفس”، زاعماً أن ” الدعوات لوقف إطلاق النار من الناحية النظرية لن تجدي نفعًا”.
وقال متحدث باسم وزارة الأعمال والتجارة أن المملكة المتحدة ” تدعم حق إسرائيل المشروع في الدفاع عن نفسها واتخاذ إجراءات ضد الإرهاب، بشرط أن يكون ذلك ضمن حدود القانون الإنساني الدولي”.
يذكر أن شكوى المركز الدولي تطالب بإحالة القضية إلى فريق جرائم الحرب التابع لشرطة العاصمة لإجراء فحص تحديد النطاق، الأمر الذي سيسمح للشرطة بأن تقرر ما إذا كانت ستواصل التحقيق أم لا.
وقالت هايدي ديكستال، رئيسة قسم القانون الدولي في 33 بيفورد رو تشامبرز أنه لم يتم توجيه الاتهام للذين وردت أسماؤهم في الشكوى اعتباطاً، بل من خلال الأدلة.
وأوضحت أن تقديم الأدلة والشكاوى إلى وحدة جرائم الحرب في سكوتلاند يارد إجراء موجود ومتبع منذ فترة، وقد جرت عليه أسبقيات في ملفات أخرى، حيث تم تقديم شكاوى فيما يتعلق باليمن، وكذلك بأسطول الحرية لغزة.
وأردفت: ” لذلك أعتقد أنها عملية يتطلع إليها ضحايا جرائم الحرب ويتطلعون إليها تاريخيًا، وقد تم التعامل معها من أجل الاستفادة من مبدأ الولاية القضائية العالمية المعمول به في المملكة المتحدة”.
“في هذا الوقت، لا يوجد تحقيق في المملكة المتحدة في هذه المسألة، أو أي أمور أخرى تتعلق بهذا الصراع بالذات” – المتحدث باسم شرطة العاصمة
من جهته، ذكر القائد دومينيك ميرفي، الذي يقود قيادة مكافحة الإرهاب التي تستضيف فريق جرائم الحرب ” أريد أيضًا أن أطمئن الجمهور بأن لدينا مجموعة واضحة جدًا من المبادئ التوجيهية التي نستخدمها عند تقييم جميع الإحالات المتعلقة بجرائم الحرب المقدمة إلينا وسنضمن اتباعها “.