طالب الحكم الذي أصدرته محكمة العدل الدولية يوم الجمعة إسرائيل بمنع إلحاق الضرر بالمدنيين في غزة وضمان عدم ارتكاب أعمال إبادة جماعية هناك.
كما دعت المحكمة في قرارها إسرائيل إلى تسهيل إيصال المساعدات إلى غزة ومنع التحريض على الإبادة الجماعية ومعاقبة المحرضين.
لكن قرار المحكمة لم يرتقٍِِِ إلى مستوى طلب جنوب أفريقيا اتخاذ تدابير من شأنها وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة.
وذكّرت المحكمة في حيثيات القرار بأن أوامرها بشأن التدابير المؤقتة ” تحمل طبيعةً ملزمةً، وتنشئ بالتالي التزامات قانونية دولية على أي طرف تنطبق عليه هذه التدابير “.
وبحكم القرار فإن إسرائيل ستكون ملزمة بتقديم تقرير إلى المحكمة في غضون شهر حول ما فعلته لتنفيذ الإجراءات.
كما دعت المحكمة حماس وغيرها من الفصائل الفلسطينية المسلحة إلى إطلاق سراح جميع الرهائن الذين تحتجزهم فوراً.
وقالت وزيرة خارجية جنوب أفريقيا ناليدي باندور خارج مبنى المحكمة في لاهاي أنها لا تشعر “بخيبة الأمل” إزاء إجراءات المحكمة الدولية، مبينةً أن نجاح تنفيذ الإجراءات التي أقرتها المحكمة يتطلب وقف إطلاق النار.
والسؤال الآن هو ماذا يعني قرار المحكمة المؤقت بالنسبة للحرب في غزة، وهل ستلتزم به إسرائيل؟
لا توجد آلية لإجبار إسرائيل على الامتثال للأوامر التي تعد ملزمة قانوناً لكن محكمة العدل الدولية لا تستطيع تنفيذها بسبب عدم قدرتها على تفعيل أي آلية لفرض الامتثال.
وعلى المدى القصير، يمكن للدول أن تطلب من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التحرك وتنفيذ عقوبات منفصلة تهدف إلى إجبار الدولة غير الممتثلة على اتباع أوامر المحكمة.
وفي هذه القضية بالتحديد، فإن خطر استخدام الولايات المتحدة حق النقض ضد أي قرارات لمجلس الأمن تهدف إلى فرض أحكام محكمة العدل الدولية على إسرائيل يبقى قائماً.
وكانت الحكومة الإسرائيلية قد أعلنت في وقت سابق أن أحداً لا يمكنه منعها من استعادة “الأمن في جنوب وشمال البلاد” بما في ذلك المحكمة التي تتخذ من لاهاي مقراً لها.
يذكر أن أكثر من 26,000 فلسطيني معظمهم من النساء والأطفال قد استشهدوا في العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول / أكتوبر.
ورفضت إسرائيل في السابق الامتثال لأحكام محكمة العدل الدولية التي وصفت الجدار العازل الذي تقيمه مع الضفة الغربية المحتلة بأنه غير قانوني بموجب القانون الدولي.
ما هو التأثير الأوسع الذي يمكن أن يحدثه الحكم؟
ويمكن للقرارات التي اتخذتها المحكمة أن تفرض ضغوطًا على إسرائيل وحلفائها، حتى لو لم يتم تنفيذ تلك القرارات.
وقالت جولييت ماكنتاير، محاضرة في القانون بجامعة جنوب أستراليا: ” القرار يعني أن جنوب إفريقيا أثبتت أن هناك احتمالاً معقولًا لوقوع لإبادة الجماعية لكنه لا يعني أنها قد ارتكبت فعلاً”.
وأضافت: ” قد يكون للقرار تأثيرات مضاعفة على دول أخرى يحول دون تقديمها المساعدة في ارتكاب أفعال غير مشروعة أخرى، مثل الإبادة الجماعية”.
وتابعت: ” قد توقف الدول دعمها لإسرائيل بما في ذلك الدعم العسكري، حيث يلقي القرار على عاتق هذه الدول واجب منع الإبادة الجماعية التي يمكن أن تأخذها على محمل الجد بمجرد أن تثبت المحكمة أن مخاطرة ارتكاب الإبادة الجماعية معقولة”.
كيف سيكون رد فعل حلفاء إسرائيل؟
ولم تتضح بعد كيفية رد فعل حلفاء إسرائيل الرئيسيين، وبالتحديد الولايات المتحدة والحلفاء الأوروبيين، على أحكام محكمة العدل الدولية.
وقال مارتن كونيكني، الذي يدير مشروع الشرق الأوسط الأوروبي، إنه في قضايا سابقة، مثل حكم محكمة العدل الدولية ضد ميانمار وأوكرانيا وسوريا، “شددت الدول الغربية على أن التدابير المؤقتة لمحكمة العدل الدولية ملزمة ويجب تنفيذها بالكامل”.
وقال كونيكني في منشور على منصة X ” يجب قياس ردود الحكومات الغربية على أمر محكمة العدل الدولية في ضوء السوابق السابقة”.
وأضاف: ” ليس لدي أدنى شك في أن دولاً مثل بلجيكا وإسبانيا وأيرلندا وسلوفينيا ستلتزم بمواقفها السابقة، لكن الأمر أقل وضوحاً بكثير فيما يتعلق بالولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وغيرها”.
جدير بالذكر أن الاتحاد الأوروبي قد أعلن أنه يتوقع أن تلتزم إسرائيل وحماس بشكل كامل بأحكام محكمة العدل الدولية.