بقلم أليكس مادونالد
ترجمة وتحرير مريم الحمد
لقد أوقفت 9 دول بالفعل دعمها للأونروا بعد ادعاءات إسرائيل بأن 12 موظفاً من الوكالة الأممية قد شاركوا في الهجوم الذي وقع في 7 أكتوبر على جنوب إسرائيل، حيث أدى قطع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وإيطاليا وهولندا وسويسرا وفنلندا وأستراليا وكندا دعمها للوكالة إلى تحذير الأونروا من فقدانها القدرة على تقديم المساعدة إلى 2.2 مليون شخص في غزة.
على الرغم من أنها إنشائها في البداية كإجراء مؤقت لمساعدة النازحين من الشعب الفلسطيني، إلا أن استمرار الفشل في حل قضية اللاجئين لعقود أدى إلى تحول عدد كبير من المخيمات التي تعمل بها الأونروا إلى أحياء كاملة
تعليقاً على المزاعم، قال وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس: “لقد حذرنا منذ سنوات من أن الأونروا تساهم في إطالة عمر قضية اللاجئين، مما يعرقل السلام، وهي تعمل كذراع مدني لحركة حماس في غزة، فهي ليست الحل لأن العديد من موظفيها ينتمون إلى حماس ويساعدون في الأنشطة الإرهابية”.
وتعد هذه الادعاءات محل جدل وتشكيك كبير من جانب الأونروا والأمم المتحدة، خاصة مع وجود 13 ألف موظف في غزة وحدها، فالحقيقة أن بقاء الأونروا من عدمه قد يعني الحياة أو الموت للعديد من سكان القطاع.
وتسلط الحملة الحالية ضد الأونروا الضوء على عدد من المحاولات السابقة التي قامت بها إسرائيل لتقويض وكالة اللاجئين، فما هي تلك المحاولات؟
لماذا كل تلك العدائية؟
تعد الأونروا، التي تضم أكثر من 30 ألف موظف، أكبر هيئة تابعة للأمم المتحدة، وتعمل مع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا ولبنان والأردن والأراضي الفلسطينية المحتلة.
وعلى الرغم من أنها إنشائها في البداية كإجراء مؤقت لمساعدة النازحين من الشعب الفلسطيني، إلا أن استمرار الفشل في حل قضية اللاجئين لعقود أدى إلى تحول عدد كبير من المخيمات التي تعمل بها الأونروا إلى أحياء كاملة بها مرافق دائمة مع بقاء الأونروا فيها، حيث يتم تعيين 99% من موظفيها من السكان المحليين.
لسنوات، انتقدت إسرائيل وجود هيئة منفصلة خاصة باللاجئين الفلسطينيين إلى جانب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، على اعتبار أنها ساهمت في منع اندماج اللاجئين في الدول التي يتواجد بها اللاجئون.
عام 2018، دعا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى إدراج مسؤولية اللاجئين الفلسطينيين ضمن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مدعيًا أن الأونروا “تعمل على إدامة مشكلة اللاجئين الفلسطينيين” من خلال منح وضع خاص للاجئ الفلسطيني الذي يحمل جنسية دولة أخرى.
عام 2021، أعلن الاتحاد الأوروبي عن حجبه بعض المساعدات عن الأونروا بسبب مناهج الدراسة التي يتم تدريسها في مدارسها، وذلك بحجة أنها تتضمن “تحريضاً على العنف” وتحفيزاً على الكراهية ضد اليهود”
لاشك أن إنهاء الأونروا يعد خطوة سوف تؤدي إلى تجريد ما يقرب من 5.7 مليون فلسطيني من وضعهم كلاجئين، وبالتالي تقويض حق العودة الذي نص عليه قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 بعودة اللاجئين الفلسطينيين وأحفادهم إلى ديارهم التي طردوا منها عام 1948.
وبغض النظر عن الادعاءات الأخيرة بوجود علاقات للأونروا مع حماس في غزة، فإن العلاقة بين الأونروا والجماعة الفلسطينية لطالما كانت متوترة في كثير من الأحيان، رغم إدراك الجهتين لضرورة التنسيق بحكم الواقع، إلا أن حماس تدخلت في بعض الأحيان في المناهج التعليمية وقامت أغلقت الأنشطة التي ترى أنها تتعارض مع أجندتها المحافظة.
قطع الدعم في عهد ترامب
لقد واجهت الأونروا عدداً من الأزمات المالية منذ إنشائها، فقد أدت الادعاءات المستمرة حول “اختراقها من قبل حماس” إلى التأثير على الدعم المالي في فترات متعددة، والضغط باتجاه توجيه الأموال بعيداً عن الهيئة الأممية.
“كانت الولايات المتحدة تدفع لهم مبالغ هائلة من المال، ولكننا لن ندفع بعد اليوم حتى يتم عقد صفقة” – دونالد ترامب- 2018
في عام 2010، أعلنت الحكومة الكندية توجيه الأموال التي تمنحها بعيدًا عن الأونروا “بما يتوافق مع القيم الكندية”، وذلك بسبب ما أسمته مخاوف من تمتع حماس بسلطة كبيرة داخل الأونروا، ثم عاد العدم في عام 2016.
وفي عام 2021، أعلن الاتحاد الأوروبي عن حجبه بعض المساعدات عن الأونروا بسبب مناهج الدراسة التي يتم تدريسها في مدارسها، وذلك بحجة أنها تتضمن “تحريضاً على العنف” وتحفيزاً على الكراهية ضد اليهود”، فقد أشار بيان لجنة الميزانية في البرلمان الأوروبي إلى أن “البرلمان الأوروبي يصر على أن الرواتب التي يمولها الاتحاد الأوروبي لموظفي الخدمة المدنية الذين يقومون بصياغة الكتب المدرسية الفلسطينية يجب أن تكون مشروطة بمواد تعكس قيم السلام والتسامح والتعايش”.
أما أسوء المواقف فقد كان في عام 2018، حين أعلن الرئيس الأمريكي آنذاك، دونالد ترامب، وقف تمويل الأونروا فتم تجريد الوكالة من مئات الملايين من الدولارات، في خطوة اعتبرها ترامب مبررة في ظل عدم عدم رغبة القيادة الفلسطينية في التفاوض مع إسرائيل!
ففي اتصال له مع زعماء يهود في أمريكا، قال ترامب: “ما سأقوله لكم هو أنني أوقفت مبالغ ضخمة من المال كنا ندفعها للفلسطينيين والقادة الفلسطينيين، فقد كانت الولايات المتحدة تدفع لهم مبالغ هائلة من المال، ولكننا لن ندفع بعد اليوم حتى يتم عقد صفقة”.
لاحقاً، أدانت إدارة جو بايدن الخطوة بعد وصولها للسلطة وأعادت التمويل.
تخفيض إلى حد التسول!
في مؤتمر صحفي عام 2021، أشار المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، إلى أن تعليق المساعدات للأونروا “لم يحقق تقدمًا سياسيًا، كما لم يضمن تنازلات من القيادة الفلسطينية وأضر بالفلسطينيين الأبرياء فقط”.
في تقرير صدر في سبتمبر 2023، أي قبل شهر من اندلاع الحرب الحالية، حذرت مجموعة الأزمات الدولية من خفض التمويل و”إرهاق المانحين”، الأمر الذي ترك ميزانية المنظمة في “ضائقة شديدة”.
جاء في التقرير: “حتى لو تم إنقاذ الأونروا في اللحظة الأخيرة، كما حدث من قبل ويمكن أن يحدث بالفعل مرة أخرى في عام 2023، إلا أن تكرار الأزمة باستمرار يقوض معنويات الموظفين، ويدفع إلى الإضراب عن الرواتب، ويقلل من شأن وكالة دولية ذات سجل وتاريخ من العمل، فمن الخطر تحول مساعدة اللاجئين الفلسطينيين إلى حالة تسول للصدقات، ومن غير المعقول إدارة 3 مليون شخص بميزانية محدودة، فذلك يؤثر على الاستثمار في البنية التحتية، مما يؤدي إلى تآكل جودة الخدمات”.
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)