بقلم فراس أبو هلال
ترجمة وتحرير نجاح خاطر
جمدت أكثر من اثنتي عشرة دولة غربية بينها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا تمويلها لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، التي تقدم المساعدات للاجئين الفلسطينيين، في ظل مزاعم إسرائيلية بأن عدداً من موظفي الوكالة انخرطوا في هجمات حماس في السابع من أكتوبر.
وردت مزاعم إسرائيل في ذات اليوم الذي أصدرت فيه محكمة العدل الدولية قرارها بشأن التدابير المؤقتة التي طلبتها جنوب أفريقيا لمنع القوات الإسرائيلية من ارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة، حيث ظهر النفاق الغربي بوضوح في ردود الفعل المتباينة من جانب الولايات المتحدة وحلفائها على هذين الحدثين.
وقضت محكمة العدل الدولية بأنه يجب على إسرائيل منع أي أعمال إبادة جماعية ضد الفلسطينيين، وتمكين وصول المساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها في جميع أنحاء غزة، ولكن بدلاً من حث إسرائيل على الامتثال لأوامر المحكمة، اعتبرت الولايات المتحدة الحكم متوافقاً مع وجهة نظرها بأن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، فيما قالت المملكة المتحدة في موقف نقلته قناة الجزيرة أن لديها “مخاوف كبيرة” تجاه قضية محكمة العدل الدولية، ” الأمر الذي لا يساعد على تحقيق وقف دائم لإطلاق النار”.
وفيما امتنعت الدول الغربية عن الضغط على إسرائيل من أجل وقف إطلاق النار، باعتباره السبيل الوحيد لإنفاذ حكم محكمة العدل الدولية، اتخذت الدول الغربية إجراءات فورية لمناهضة القرار من خلال فرض عقوبات على الأونروا دون اتخاذ أي إجراء ضد إسرائيل، التي أدت حربها منذ 7 تشرين الأول / أكتوبر إلى قتل أكثر من 150 من موظفي الأونروا الذين تتعلق الادعاءات الإسرائيلية بـ 12 منهم فقط من أصل 30 ألف موظف لدى الوكالة.
يعد هذا دليل آخر على النفاق والعنصرية المتأصلة في العديد من الحكومات الغربية التي يسلط قرارها بمعاقبة 2.3 مليون فلسطيني في غزة بشكل جماعي، في حين فشلت في مطالبة إسرائيل بوقف قصفها بعد استشهاد أكثر من 27 ألف فلسطيني، الضوء على وجهة نظرها بأن حياة الفلسطينيين لا تساوي حياة الإسرائيليين.
دعم الإبادة الجماعية
بالنسبة لمعظم الشعوب العربية، فإن عنصرية المسؤولين الغربيين وبعض وسائل الإعلام الرئيسية ليست جديدة، ومع ذلك، فإن العدوان على غزة قد زاد من وضوح الأمر بشكل صارخ وخاصة بالنسبة للجيل الجديد الذي لا يقتصر تلقيه للسرديات على وسائل الإعلام الرئيسية، بل يراقب الفظائع التي ترتكبها إسرائيل في غزة والضفة الغربية المحتلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
أما الأخبار السيئة بالنسبة للقوى الغربية فهي أن دعمها المخزي للإبادة الجماعية في غزة سوف يشكل نظرة العرب والمسلمين إليها لعقود قادمة.
كما أن الحملة الإسرائيلية ضد الأونروا ليست جديدة، فقد اتهمت إسرائيل الوكالة عدة مرات في الماضي بدعم الإرهاب وتعليم الكراهية في مدارسها ومساعدة حماس، مشيرة إلى اكتشاف نفق تحت إحدى منشآتها، ولا ننسى أن الجيش الإسرائيلي يهاجم بشكل روتيني مدارس الأونروا وملاجئها خلال أوقات الحرب.
عملت إسرائيل على تسريع إنجاز هدف تصفية الأونروا من خلال مهاجمتها، مما أعاق قدرة الوكالة على تقديم الخدمات وجعل غزة غير صالحة للسكن
وفي قلب هذه الحملة يكمن هدف إسرائيل المتمثل في إنهاء حق العودة للفلسطينيين، حيث كان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قد وصف الأونروا في وقت سابق بأنها “منظمة تعمل على إدامة مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وتبقي سردية حق العودة، إذا جاز التعبير، بهدف القضاء على دولة إسرائيل وبالتالي يجب تصفية الأونروا من الوجود”.
ومنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، قامت إسرائيل بتسريع تحقيق هذا الهدف من خلال مهاجمة الأونروا، مما أعاق قدرتها على تقديم الخدمات، وجعل غزة غير صالحة للسكن.
ولطالما حذر الفلسطينيون من أن إسرائيل تبذل كل ما في وسعها لتحقيق “الترانسفير”، في إشارة إلى حملة التطهير العرقي المستمرة منذ النكبة، ورغم أن إسرائيل أنكرت ذات يوم هذه الاتهامات، فإن مسؤوليها يتحدثون الآن علناً عن التطهير العرقي، مستخدمين لغة “الهجرة الطوعية” الجديدة.
قد يكلف تعليق تمويل الأونروا من قبل الولايات المتحدة ودول غربية أخرى الوكالة أكثر من نصف ميزانيتها، مما يعرض برامج إنقاذ الحياة للخطر، وفقاً لرئيس الوكالة، ويصل هذا التحرك من جانب الدول الغربية إلى حد التواطؤ مع النظام الإسرائيلي في تجويع الفلسطينيين في غزة، وفي التطهير العرقي للفلسطينيين من أراضيهم.
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)