مؤخراً، حكم قاض بريطاني بأن أستاذ علم الاجتماع السياسي، ديفيد ميلر، الذي طُرد من جامعة بريستول عام 2021 بسبب آرائه المناهضة للصهيونية، بأن فصله كان ظلماً وتمييزاً.
وصف محامو ميلر القرار التاريخي للقاضي بأنه “انتصار كبير” لحرية المعتقدات المناهضة للصهيونية في مكان العمل، فقد كسب ميلر القضية بناءً على دعوى رفعها بتعرضه للتمييز على أساس اعتقاده الفلسفي بأن الصهيونية عنصرية وإمبريالية واستعمارية بطبيعتها، وهي خاصية محمية بموجب قانون المساواة لعام 2010.
“قضية تاريخية وتمثل لحظة محورية في تاريخ بلادنا لأولئك الذين يؤمنون بدعم حقوق الفلسطينيين، كما أن توقيت هذا الحكم سيلقى ترحيباً من قبل كثيرين يواجهون اضطهاداً اليوم في أماكن عملهم بسبب انتقادهم علناً لجرائم إسرائيل بالإبادة الجماعية التي تجري في غزة” – زيل الرحمن- أحد محاميي ميلر
وقد خلص الحكم إلى أن ميلر تعرض للتمييز على أساس معتقده الفلسفي وتم فصله بشكل غير عادل من قبل جامعة بريستول، الأمر الذي أشاد به المدافعون عن حرية التعبير، حتى وصفه أحد المعلقين بأنه “انتصار رئيسي لحرية التعبير والحرية الأكاديمية”.
يذكر أن هذه القضية كانت قد حظيت باهتمام كبير في السنوات الأخيرة، خاصة بين الأكاديميين والمدافعين عن العدالة والإنصاف والمساواة في فلسطين.
انتقاد إسرائيل
تم إقالة ديفيد ميلر عام 2021 بعد اتهامه إسرائيل بالرغبة في “فرض إرادتها على كل العالم”، وعلى إثر فصله تقدم بدعوى إلى محكمة العمل مفادها الفصل التعسفي وخرق العقد والتمييز أو الإيذاء على أساس الدين أو المعتقد.
“الجامعة أصرت على أنني طُردت لأن الطلاب الصهاينة شعروا بالإهانة من تصريحاتي، ولكن اتضح بالتحقيقات ومن خلال الشهود عدم صحة ذلك، ولكن العامل الحاسم كان آرائي المعلنة في مناهضة الصهيونية” – ديفيد ميلر- بروفيسور بريطاني
وفي جلسة الاستماع الأولى أوضح ميلر أن معاداة الصهيونية ليست مثل معاداة السامية، وأنه من المستحيل أن تقوم دولة صهيونية مثل إسرائيل بغير عنصرية، كما وصف غزة بأنها “سجن في الهواء الطلق”.
تعليقاً على القضية، وصف أحد محاميي ميلر، ويدعى زيل الرحمن، القضية بأنها “تاريخية وتمثل لحظة محورية في تاريخ بلادنا لأولئك الذين يؤمنون بدعم حقوق الفلسطينيين، كما أن توقيت هذا الحكم سيلقى ترحيباً من قبل كثيرين يواجهون اضطهاداً اليوم في أماكن عملهم بسبب انتقادهم علناً لجرائم إسرائيل بالإبادة الجماعية التي تجري في غزة”.
في إطار رده على القرار، قال ميلر بأنه يأمل أن يصبح انتصاره منطلقاً في كل المعارك المستقبلية التي سوف يواجهها آخرون مع “الأيديولوجية العنصرية وعقيدة الإبادة الجماعية التي تحملها الصهيونية والحركة المرتبطة بها”، وأضاف “أنا سعيد للغاية لأن حكم المحكمة جاء لصالحي، كما أنني فخور جدًا بتمكننا من إثبات أن الآراء المناهضة للصهيونية لابد أن تكون محمية بموجب قانون المساواة في المملكة المتحدة”.
واستطرد ميلر بقوله أن “الجامعة أصرت على أنني طُردت لأن الطلاب الصهاينة شعروا بالإهانة من تصريحاتي، ولكن اتضح بالتحقيقات ومن خلال الشهود عدم صحة ذلك، ولكن العامل الحاسم كان آرائي المعلنة في مناهضة الصهيونية”.
“نشعر بالاستياء والخطر”
من جانبه، انتقد اتحاد الطلاب اليهود، وهو هيئة وطنية تمثل الجمعيات اليهودية الجامعية والطلاب اليهود، الحكم باعتبار ميلر “مذنباً وجديراً باللوم”، حيث جاء في بيان الاتحاد أن “هذا يشكل سابقة خطيرة تجاه الطلاب اليهود في الجامعات سوف يجعلهم يشعرون بعدم الأمان”.
أما جامعة بريستول، فقد أعلنت في بيان لها، أنها تشعر بخيبة أمل إزاء الحكم وأنها “بعد تحقيق ومداولات، خلصت إلى أن الدكتور ميلر لم يلتزم بمعايير السلوك المتوقعة من موظفينا فيما يتعلق بالتعليقات التي أدلى بها في فبراير 2021 بشأن الطلاب والجمعيات الطلابية المرتبطة بالجامعة”، واستطرد البيان: “تظل جامعة بريستول ملتزمة بتعزيز بيئة العمل والتعلم الإيجابية التي تثري الحياة وحيث يتم الحفاظ على المبادئ الأساسية للحرية الأكاديمية”.