بقلم هلا الصفدي
ترجمة وتحرير مريم الحمد
في عام 2020، فازت أسماء مصطفى، معلمة اللغة الإنجليزية في غزة، بجائزة المعلم العالمية من بين آلاف المعلمين من 110 دولة، فرغم ظروف الحصار التي كانت تعيشها أسماء، إلا أنها استطاعت تقديم إبداعية لتعليم اللغة الإنجليزية من خلال الألعاب والرحلات الخيالية حول العالم.
واليوم، بعد مرور 4 سنوات، نزحت أسماء قسراً إلى منطقة المواصي في رفح، بعد أن اضطرت إلى الإخلاء 3 مرات حتى الآن، بدءاً من منزلها في شمال غزة وانتهاءً بمدرسة إيواء في الجنوب، تقول أسماء: “بعد الإخلاء إلى المدرسة، بقيت أنا وعائلتي في المكتبة، كان هناك الكثير من الكتب، فبدأت بقراءة الكتب لأطفالي وأطفال أقاربي”.
“أعتقد أنه إذا خسر هؤلاء الأطفال حقهم الأساسي في التعليم، فإن مستقبل فلسطين سوف يضيع أيضًا، ولذلك فإن واجبي كمعلمة هو الاعتناء بعقول الطلاب وتشجيعهم على النضال من أجل حقوقهم وتعليمهم مهما كانت الظروف” – أسماء مصطفى- معلمة فلسطينية نازحة
لم يستغرق الأمر طويلاً حتى قررت أسماء استخدام معرفتها وخبرتها لمساعدة المزيد من الأطفال الذين اضطروا أيضًا إلى الإخلاء إلى نفس المدرسة، تقول: “لقد أخبرت جميع الأهالي في المدرسة أنني سوف أستخدم أحد الفصول يومياً في الساعة الثالثة بعد الظهر لإعطاء درس للأطفال، بهدف مساعدتهم على التعامل مع الحرب المحيطة بهم”.
وعن الكيفية التي أدارت بها الدرس تقول: “أحصل على كتب من المكتبة وأقرأ القصص ثم نتناقش معًا، وأحاول أيضًا تعليمهم بعض مفردات اللغة الإنجليزية فأنا مدرسة لغة إنجليزية منذ 16 عاماً”.
يذكر أن منطقة المواصي تقع بالقرب من الحدود مع مصر، وكانت إسرائيل قد صنفتها خلال الحرب على أنها منطقة آمنة، لكنها الآن معرضة لخطر الهجمات خاصة مع اقتراب اجتياح رفح، وهي المنطقة التي لجأ إليها مئات الآلاف من الأجزاء الشمالية من غزة ويعيشون حاليًا في خيام مؤقتة هناك، ويفصل بين المنطقة ورفح المصرية جدار مرتفع مغطى بأسلاك شائكة يمكن رؤيتها بسهولة.
ظلت أسماء منتظمة في دروسها داخل مدرسة الإيواء لمدة شهرين قبل اشتداد القصف الإسرائيلي على المنطقة، مما اضطر أسماء إلى مغادرة المكان الذي أقامت فيه والفصل الذي منحها هي والأطفال بعض الاستقرار، ولكن هذه المرة، لم يكن لديها مكان تذهب إليه، فانتهى بها الأمر في خيمة تغمرها المياه كلما هطل المطر.
تقول أسماء: “بمجرد استقراري في هذه الخيمة، قررت مواصلة ما بدأته في المدرسة لأن الخيام مليئة بالأطفال الذين لم يذهبوا إلى المدرسة منذ أكتوبر”.
وتكافح أسماء كغيرها من سكان غزة، ليس فقط في العثور على الأمان والمأوى من الرصاص والقصف الإسرائيلي، وإنما أيضًا للعثور على ضروريات مثل الكهرباء والغذاء والمياه والأدوية ومنتجات النظافة.
اليوم تعيش أسماء وطلابها حالة ترقب وخوف مع تصاعد العملية الإسرائيلية في الجنوب والتهديدات بتوسيع العملية البرية في رفح، فهم يخشون من فقدان ما عملوا على تطويره في المنطقة، والاضطرار للنزوح مرة أخرى!
تصف أسماء الحال بقولها: “أنظر إلى الأطفال من حولي وأعتبرهم كنزاً، فلا يجب أن يتوقفوا أبدًا عن التعلم، وأعتقد أنه إذا خسر هؤلاء الأطفال حقهم الأساسي في التعليم، فإن مستقبل فلسطين سوف يضيع أيضًا، ولذلك فإن واجبي كمعلمة هو الاعتناء بعقول الطلاب وتشجيعهم على النضال من أجل حقوقهم وتعليمهم مهما كانت الظروف”.
“أفتقد كتبي المدرسية”
تعتقد أسماء أن أطفال غزة ليسوا فقد بحاجة ماسة إلى المأوى والغذاء والماء، ولكن “قلوبهم وعقولهم بأمس الحاجة أيضاً إلى الرعاية، فبينما يتطلع أطفال العالم إلى قضاء عطلتهم المدرسية وعطلات نهاية الأسبوع والاستراحة من واجباتهم المدرسية، يتمنى أطفال غزة العودة إلى المدرسة”!
تصف الطفلة لمى كيشكو أسماء فتقول: “أنا أحب الآنسة أسماء مصطفى، فهي تعملنا بطريقة مرحة، وقد ساعدتنا كثيرًا أثناء وجودنا هنا في الخيام، فهي تقرأ لنا القصص ثم نناقشها معها، لكنني ما زلت أتمنى العودة إلى المدرسة والتعلم بشكل طبيعي، فأنا أفتقد كتبي المدرسية، أنا متعبة وأريد أن ينتهي الأمر حتى أتمكن من العودة إلى حياتي الطبيعية”.
أما الطفلة ناهدة دلول، والتي تعيش في خيمة مجاورة، فتقول أنها اختارت حضور دروس الآنسة أسماء، تقول: “أريد حضور الدروس لأنني لم أتعلم أي شيء منذ 4 أشهر، أريد أن أتعلم وأتمنى أن أكتب في دفاتري وأرى زملائي ومعلمي وأكتب على السبورة.
لقد نالت دروس أسماء إعجاب أولياء الأمور الذين أشاروا إلى أنها خلقت جوًا نجح في إبعاد انتباه أطفالهم عن الحرب، فقد ساعدت أسماء الأطفال على التعرف على بعضهم البعض وتكوين صداقات.
ويرى والد إحدى طالبات أسماء أنها قد خففت الكثير من الضغط عن أكتاف الوالدين، بقول: “لقد ساعدت دروس أسماء في خلق حياة لهؤلاء الأطفال، فبدلاً من الحديث المستمر عن الحرب والسعي للحصول على بعض الماء، يعود الأطفال إلى الخيمة مع بعض القصص الجديدة ليشاركوها معنا.
واليوم تعيش أسماء وطلابها حالة ترقب وخوف مع تصاعد العملية الإسرائيلية في الجنوب والتهديدات بتوسيع العملية البرية في رفح، فهم يخشون من فقدان ما عملوا على تطويره في المنطقة، والاضطرار للنزوح مرة أخرى!
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)