بقلم عزام التميمي
ترجمة وتحرير مريم الحمد
بعد أيام من الترقب، لم تأتِ محادثات القاهرة التي طال انتظارها بجديد فيما يتعلق بوقف إطلاق النار على غزة ولم تتحول بعد إلى واقع ملموس، فلم يتم التوصل إلى أي اتفاق.
الكلمة الأخيرة في مسألة مثل الصفقة لوقف إطلاق النار تكون لغزة، فإن لشعب غزة وقيادته الحق المطلق في تقرير ما إذا كانت الشروط المقترحة مقبولة أم لا
من جانبها، رفضت قيادة حماس الخضوع للتنمر وسحبت وفدها من القاهرة، بعد إدراكها أن نتنياهو يريد فقط كسب الوقت، فقد قام بالفعل بتكثيف الهجوم الجوي على رفح، ووعد بغزو بري وشيك.
لقد أصبح العقاب العشوائي والقاسٍ للسكان المدنيين الفلسطينيين نموذجاً في هذه الحرب، ومع ذلك، فقد بقي وفد حماس في القاهرة لبعض الوقت، حتى لا يظهر على أنه الطرف المسؤول عن عرقلة التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
وما إن تنظر إلى تصريحات نتنياهو وتهديداته المستمرة، يمكنك أن تستنتج أنه ليس لديه أي نية للتوقف عن حربه المجنونة!
لقد استغرقت حماس قرابة أسبوع قبل أن ترد على المقترح المقدم لوقف إطلاق النار، مقدمة في نهاية المطاف عرضاً مضاداً، دعا إلى وقف إطلاق النار على 3 مراحل وتبادل الأسرى الإسرائيليين والفلسطينيين، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى إنهاء الحرب، ولكن إسرائيل رفضت الاقتراح.
يمكن تفسير السبب وراء استغراق حماس وقتًا طويلاً للرد بطبيعة صنع القرار في الحركة، فمن المفترض أن يمثل التسلسل الهرمي لقيادتها 3 دوائر انتخابية: غزة والضفة والشتات، ولذلك فإن التواصل بين هذه الهياكل القيادية الثلاثة بشأن القضايا الحساسة للغاية يمكن أن يكون عملية طويلة ومعقدة.
رغم كل الألم والمعاناة، فإن سكان غزة لا يرون في الاقتراح الإسرائيلي الأمريكي فرصة حقيقية لاستئناف حياة “طبيعية” داخل المنطقة، فهي لا تعدو كونها فترة راحة قصيرة أمام أبواب الجحيم!
ومع ذلك، فإن الكلمة الأخيرة في مسألة مثل الصفقة لوقف إطلاق النار تكون لغزة، فإن لشعب غزة وقيادته الحق المطلق في تقرير ما إذا كانت الشروط المقترحة مقبولة أم لا، ولذلك عندما تم نقل الاقتراح خارج غزة، كان لابد من نقله إلى قيادة غزة والنظر فيه بعناية.
تبادل الأسرى
على مدى الأشهر الأربعة الماضية، قتل أكثر من 28 ألفاً في غزة نتيجة القصف الإسرائيلي المستمر، ومؤخراً، أقرت محكمة العدل الدولية، التي اعتبرت القضية المرفوعة ضد إسرائيل بمعقولية وجود قضية إبادة جماعية، تدابير مؤقتة تهدف إلى وقف القتل، ولكن القصف الإسرائيلي لم يتوقف، بل بات التركيز الآن على رفح!
على إثر ذلك، تقدمت جنوب إفريقيا بدعوة المحكمة إلى النظر فيما إذا كان بإمكانها استخدام سلطتها لمنع حدوث المزيد من الانتهاكات لحقوق الفلسطينيين في غزة، في ضوء قرار إسرائيل تمديد عملياتها العسكرية في رفح.
إسرائيل تريد إعادة رهائنها، ولذلك تضمن مقترحها وقف القتال مؤقتًا والسماح بالإفراج عن بعض الأسرى الفلسطينيين، ربما تصور الإسرائيليون وحلفاؤهم في الولايات المتحدة وأوروبا أن هذا الاقتراح سوف يحظى بالترحيب على الفور.
وعلى الجانب الآخر، فإن اقتراح حماس الذي ردت به يشير إلى أن الجناح العسكري للحركة لا يزال في حالة جيدة، وإلى أنه رغم كل الألم والمعاناة، فإن سكان غزة لا يرون في الاقتراح الإسرائيلي الأمريكي فرصة حقيقية لاستئناف حياة “طبيعية” داخل المنطقة، فهي لا تعدو كونها فترة راحة قصيرة أمام أبواب الجحيم إن صح التعبير!
المرجح هو أن يقوم نتنياهو بمعاقبة سكان غزة على رفض عرضه، وفي هذا السياق يأتي التهديد باجتياح رفح التي يتكدس فيها نحو 1.4 مليون شخص، وما ذلك سوى دليل آخر على يأسه
نظراً لتجربة السنوات الماضية، فإن قيادة حماس في غزة لن تتخذ قراراً حول مسألة مثل الصفقة دون قياس مزاج السكان أولاً، وهو أمر ليس بالأمر السهل في ظل الظروف الحالية، فقد ساعد هذا النهج في استمرار شعبية الحركة منذ فوزها بانتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني عام 2006.
يد عليا
يتضمن الاقتراح الذي ردت به حماس على وقف إطلاق النار 3 مراحل، تستمر فيه كل مرحلة 45 يوماً، مما يتيح تبادل الأسرى، كما أن الهدف النهائي هو إنهاء الحرب والحصار، والسماح بالإغاثة وإعادة الإعمار، وضمان حق الناس في العودة إلى ديارهم والتنقل بحرية في جميع أنحاء غزة.
إن جدولة عملية التبادل على 3 مراحل من شأنها اختبار التزام إسرائيل بتنفيذ الصفقة، فقد اعتاد الفلسطينيون على تراجع إسرائيل عن وعودها!
لقد كان رفض إسرائيل للصفقة متوقعاً، فإذا ما قدم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أي تنازلات لحماس، فإن مسيرته السياسية قد تنتهي على الفور فهو لم يتمكن من تحقيق أي من أهدافه حتى الآن، كما أن مقترح الحركة بشأن الأسرى سيزيد من الضغط على نتنياهو لقبولها.
من غير المرجح أن تقبل حماس بسقف أقل بكثير مما عرضته في مقترحها، ولكن المرجح هو أن يقوم نتنياهو بمعاقبة سكان غزة على رفض عرضه، وفي هذا السياق يأتي التهديد باجتياح رفح التي يتكدس فيها نحو 1.4 مليون شخص، وما ذلك سوى دليل آخر على يأسه.
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)