بقلم كارلا دينير
ترجمة وتحرير مريم الحمد
يتزايد عدد الضحايا في غزة يوماً بعد دون أن يكون هناك مخرج يلوح في الأفق حتى الآن، خاصة مع إعلان إسرائيل عن استعدادها لشن هجوم شامل على رفح، مما ينذر بقتل آلاف المدنيين الأبرياء!
من جانبه، فقد عبر حزب الخضر عن موقف واضح منذ بداية الحرب على غزة بالدعوة إلى وقف إطلاق النار الفوري وإطلاق سراح جميع الرهائن وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة.
بوصفنا قادة الحزب، فقد استخدمنا أنا وأدريان رامزي منصتنا للضغط على الحكومة والمعارضة من أجل إعادة النظر في مواقفهما، من خلال رفع عريضة إلى كل من وزير الخارجية ووزير خارجية الظل، والتحدث في المناسبات، وإثارة القضية في البرامج التلفزيونية والإذاعية كلما سنحت لنا الفرصة.
في الوقت الذي ترفض فيه الحكومة الإسرائيلية الاستجابة للتحذيرات حول العواقب الكارثية لهجومها على رفح، تعتبر المملكة المتحدة متواطئة في القتل مع الفشل في الدعوة إلى إطلاق النار شهراً بعد شهر
لقد أدى هذا الهجوم الإسرائيلي غير المسبوق على غزة إلى دفع الناس للتحرك، حيث انضم العديد من أعضاء وأنصار حزب الخضر إلى حشود المحتجين سلمياً في جميع أنحاء البلاد، كما أقرت بعض مجالس البلدية مقترحات قدمها أعضاء حزب الخضر تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار.
منذ أكتوبر الماضي، شاركت وتحدثت للجموع المحتشدة في عدد من المسيرات في مدينتي بريستول ولندن من أجل الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار، الأمر الذي لمسنا أثره مع مرور الوقت بزيادة أعداد المحتجين على الموت والدمار الحاصل في غزة.
من أهم الأمثلة التي أدهشتني على الصعيد الشخصي، قيام طلاب مدرسة بريطانية بالإضراب المدرسي تضامناً مع فلسطين، حيث اتخذ الشباب موقفاً لمدة يوم لإحياء ذكرى الآلاف من الأطفال الذين قتلوا في غزة.
العدالة للفلسطينيين
أشار الطلاب الذين نظموا الفعالية التضامنية إلى أنهم اتصلوا بنواب حزب العمال الأربعة الذين يمثلون بريستول، وطلبوا مقابلتهم وتقديم التماسهم، ولكن للأسف لم يستجب أي من النواب، ثم طلب مني الطلاب استلام العريضة وإيصال صوتهم.
بدوري، أخذت الالتماس إلى اجتماع مجلس مدينة بريستول، وطلبت رسميًا من رئيس البلدية أن يكتب إلى وزير الخارجية ووزير خارجية الظل نيابة عن المجلس ويطلب منهما دعم وقف إطلاق النار.
قمت أيضاً بزيارة وائل عرفات، وهو رجل فلسطيني بريطاني بدأ إضراباً عن الطعام في أواخر أكتوبر بعد مقتل شقيقته وأطفالها في غارة جوية إسرائيلية على مدينة غزة، لقد انفطر قلبي عندما سمعت الأحداث التي مر بها وائل، فقد فقد والديه عندما كان طفلاً صغيراً، وجاء إلى المملكة المتحدة كلاجئ شاب، والآن قتل العديد من أصدقائه ومن تبقى من عائلته.
نحن، حزب الخضر، ندعو الحكومة البريطانية إلى إيقاف كل أشكال التعاون العسكري مع إسرائيل، بما في ذلك السماح لإسرائيل باستخدام القواعد البريطانية ورحلات استخبارات سلاح الجو الملكي البريطاني فوق غزة
ولن أستغرب إن صنعت تجربة كهذه رجلاً غاضباً مريراً، لكن من حديثي مع عرفات في المستشفى، كان واضحاً أنه لا يرغب في أي نوع من الانتقام، وإنما يريد السلام فقط، يريد أن تتم معاملة شعبه بإنصاف وعدالة من قبل المجتمع الدولي، ولا أخفي أني شعرت بالارتياح عندما علمت أنه بدأ الآن في تناول الطعام مرة أخرى وأن ذلك لم يغير من حقيقة رسالته.
لسوء الحظ، لم يغير النواب في مدينتنا موقفهم، رغم من أن الفضل في تحريك الأمر يعود إلى 56 نائباً من حزب العمال تمردوا على إملاءات الحزب ودعموا وقف إطلاق النار في البرلمان في نوفمبر الماضي!
سوف يواجه حزب العمال اختبارًا آخر قريباً، وذلك في جلسة التصويت على اقتراح يدعو إلى وقف إطلاق النار “الفوري”، ومما يبدو فإن كير ستارمر ربما قام بتغيير موقفه قليلاً، حيث أخبر المندوبين في مؤتمر حزب العمال الاسكتلندي أنه يريد أن يرى “وقفاً دائماً لإطلاق النار”، إلا أن رفضه العلني لوقف إطلاق النار سيجعل من أسبوعه ذاك صعباً ومع ذلك، فإن رفضه الدعوة إلى وقف إطلاق النار “الفوري” سيزيد التحديات على حزب العمال في جلسة التصويت القادمة.
تداعيات كارثية
في الوقت الذي ترفض فيه الحكومة الإسرائيلية الاستجابة للتحذيرات حول العواقب الكارثية لهجومها على رفح، تعتبر المملكة المتحدة متواطئة في القتل مع الفشل في الدعوة إلى إطلاق النار شهراً بعد شهر.
من وجهة نظر حزب الخضر، فإن على الحكومة البريطانية ليس الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار فقط، بل واتخاذ إجراءات محددة ضد حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فما هي أهم تلك الإجراءات؟
أولاً، يجب أن يكون هناك حد لمبيعات الأسلحة، حيث تعتمد إسرائيل على أجزاء معينة من الأسلحة المصنعة في المملكة المتحدة، بما في ذلك مقاتلة F-35 Joint Strike Fighter، كما أمرت محكمة هولندية مؤخرًا الدولة بوقف تصدير أجزاء من طائرات F-35 إلى إسرائيل.
نحن، حزب الخضر، ندعو الحكومة البريطانية إلى إيقاف كل أشكال التعاون العسكري مع إسرائيل، بما في ذلك السماح لإسرائيل باستخدام القواعد البريطانية ورحلات استخبارات سلاح الجو الملكي البريطاني فوق غزة.
ثانياً، نحتاج إلى تفعيل التدابير التي تتماشى مع حركة المقاطعة (BDS) في البلاد، من ذلك استبعاد إسرائيل من الأحداث الرياضية والموسيقية الدولية وسحب كافة الأموال العامة من الأموال التي لها استثمارات في إسرائيل وإنهاء الترتيبات التجارية مع إسرائيل.
ثالثًا، نناشد سلطات المملكة المتحدة، بما في ذلك شرطة العاصمة ومدير النيابة العامة، بملاحقة مرتكبي جرائم الحرب المرتكبة في غزة.
رابعاً، زيادة الضغط على القادة الإسرائيليين من خلال فرض عقوبات مستهدفة ضد أفراد رئيسيين، من ذلك حظر السفر وتجميد أصول القيادة الإسرائيلية وأعضاء مجلس الوزراء، وخاصة أولئك الذين يدعون إلى بناء مستوطنات جديدة في غزة وضم الضفة الغربية المحتلة.
لا شيء يمكنه إيقاف إسرائيل عن حربها المجنونة، عدا الضغط الخارجي لدفعها إلى وقف القتل في غزة، من ذلك ضغط المملكة المتحدة التي يمكنها بل ومن واجبها القيام بعدد من الخطوات للضغط على إسرائيل، أما إذا لم تتحرك بريطانيا، فإنها بذلك تعد متواطئة في المذبحة المروعة في غزة!
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)