رفض منظمو المسيرات المؤيدة لفلسطين في المملكة المتحدة “التشهير” الذي يتعرض له المتظاهرون كما عبروا عن رفضهم لاتخاذ سلامة السياسيين وأمنهم ذريعة لتعديل اقتراح وقف إطلاق النار في غزة بطريقة مثيرة للجدل.
جاءت تلك المواقف تعليقاً على حالة الجدل التي أثارها سعي رئيس مجلس العموم البريطاني للتصويت على تعديلات على اقتراح يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة قبل التصويت على المقترح الأصلي ذاته.
وكان الحزب الوطني الاسكتلندي، أحد أحزاب المعارضة في البرلمان البريطاني، قد تقدم باقتراح يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، يتضمن إدانة إسرائيل بسبب ممارستها “العقاب الجماعي” بحق الشعب الفلسطيني.
لكن حزب العمال، وهو أكبر حزب معارض، سعى بعد ذلك إلى تعديل المقترح عبر حذف كلمات مثل “العقاب الجماعي” و”ذبح” المدنيين الأبرياء.
وعادةً ما يصوت المشرعون على الاقتراح الرئيسي أولاً، يلي ذلك عرض التعديلات كما جرى يوم الأربعاء.
لكن ليندسي هويل، رئيس البرلمان، أعلن أنه سيخالف السوابق وسيسمح بالتصويت على تعديلات حزب العمال قبل التصويت على المقترح الأصلي المقدم من الحزب الوطني الاسكتلندي.
وأدى موقف هويل إلى إثارة حالة من الفوضى غادر خلالها أعضاء البرلمان من الحزب الوطني الاسكتلندي والمحافظين قاعة التصويت احتجاجاً على الإجراء دون التصويت على التعديل ولا على المشروع المقترح الأصلي.
وقالت مصادر أن شخصيات بارزة في حزب العمال أبلغت هويل، وهو أيضًا عضو برلماني عن الحزب سبق له أن زار إسرائيل في تشرين الثاني/ نوفمبر، أنه إذا لم يسمح بالتصويت على تعديل حزب العمال، فإنه “لن يكون رئيسًا بعد الانتخابات العامة”، لكن الحزب نفى صحة هذه المعلومات.
وذكرت صحيفة الغارديان أيضًا أن زعيم حزب العمال كير ستارمر التقى بهويل، وحذره من أن أمن نواب الحزب معرض للخطر من قبل المحتجين المؤيدين لفلسطين إذا لم يتم التصويت على التعديل.
وفي الوقت نفسه، قال مصدر لصحيفة ديلي ميل أن هويل ” قيل له إن يديه ستكونان ملطختين بالدماء إذا لم يسمح بهذا التصويت”، مشيرًا إلى خطر الهجمات المزعومة من قبل الناشطين المؤيدين لفلسطين.
وعلق بن جمال، مدير حملة التضامن مع فلسطين، التي نظمت أكبر المسيرات في المملكة المتحدة منذ تشرين الأول/ أكتوبر على المسألة بالقول: ” قضية أمن النواب خطيرة ومهمة، لكن لا يمكن استخدامها للتهرب من المساءلة الديمقراطية”.
وأضاف: ” عندما يرى الناس إبادة جماعية ترتكب بدعم سياسي وعسكري ودبلوماسي من المملكة المتحدة، فإن لديهم كل الحق في الاعتراض وكل الحق في المطالبة باتخاذ إجراء”.
وأوضح بن جمال أن 80 ألف شخص في بريطانيا خاطبوا نوابهم كتابةً لحثهم على دعم وقف إطلاق النار، بينما اصطف آلاف آخرون خارج البرلمان للضغط على ممثليهم لاتخاذ هذا الإجراء.
وأضاف: “في انتهاك لحقوقهم الديمقراطية، لم يُسمح إلا لعدد صغير بالدخول إلى البرلمان”.
وفي غرفة التصويت، اعتذر هويل مساء الأربعاء، بعد أن شعر المشرعون في الحزب الوطني الاسكتلندي بالغضب لعدم التصويت على اقتراحهم الأصلي، ومنذ ذلك الحين، دعا أكثر من 50 نائباً رئيس البرلمان إلى الاستقالة.
وقال هويل أمام مجلس العموم: ” اعتقدت أنني كنت أفعل الشيء الصحيح والأفضل، وأنا نادم على ذلك، وأعتذر عن الكيفية التي انتهى بها الأمر”.
وأضاف أنه سمح بالتصويت على تعديل حزب العمال بسبب مخاوف بشأن التهديدات الأمنية للنواب.
وقال العديد من السياسيين من حزبي العمال والمحافظين أنهم واجهوا تهديدات بالقتل والترهيب من الناخبين بسبب آرائهم بشأن الحرب في غزة.
لكن المظاهرات المؤيدة لفلسطين منذ اندلاع الصراع، كانت سلمية في الغالب، وشهدت مستوى منخفضاً من الاعتقالات.
في وقت سابق من هذا الشهر، ذكرت منظمة Open Democracy أن الاعتقالات في مسيرات فلسطين كانت بمعدل أقل مما كانت عليه في مهرجان جلاستونبري للموسيقى.
وتشير التقديرات إلى أنه تم اعتقال ما معدله 0.5 متظاهرًا مؤيدًا لفلسطين لكل 10,000 مشارك في المسيرات، فيما شهد مهرجان جلاستونبري العام الماضي ما معدله 1.75 حالة اعتقال لكل 10.000 من الحضور.
وطوال الفترة بين تشرين الأول/ أكتوبر وكانون الأول/ ديسمبر، جرى اعتقال 153 شخصاً فقط من بين ملايين المشاركين في الاحتجاجات في المملكة المتحدة، وقد أُطلق سراح 117 منهم دون توجيه اتهامات إليهم.
وقال بن جمال: ” لقد قام الناشطون المتضامنون مع فلسطين بذلك بمئات الآلاف لمدة أربعة أشهر، في جميع أنحاء المملكة المتحدة، بشكل سلمي وفي إطار القانون”.
وأضاف: ” نرفض أي محاولة لتشويه حركتنا التي هي من أجل العدالة والسلام في فلسطين أو تصنيفها على غير حقيقتها محملة مبدئية ومشروعة ومهمة تاريخياً”.
ووصف جمال ما شهده البرلمان البريطاني مساء الأربعاء بالقول أنه كان “وصمة عار على الديمقراطية في وقت يقتل فيه سكان غزة ويجوعون”.