ترجمة وتحرير موقع بالعربية
في الوقت الذي تتجه فيه أنظار معظم الإسرائيليين نحو الجنوب حيث لا أخبار عن يحيى السنوار، ووسط تعالي أصوات عائلات الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة وهم يتوسلون حكومتهم لقبول صفقة لإطلاق سراحهم، ترتفع سخونة الحدود الشمالية رغم برد الشتاء بشكل خطير يوماً بعد يوم.
فقد أعلنت إسرائيل رسمياً أنها لا تعتزم فتح جبهة عسكرية أخرى والدخول في قتال مع حزب الله المشتبك معها فعلياً منذ بدء القتال في قطاع غزة.
وأسفرت الهجمات الإسرائيلية المتبادلة مع حزب الله حتى الآن عن استشهاد ما لا يقل عن 280 لبنانياً بينهم 44 مدنياً وأكثر من 200 من مقاتلي الحزب.
كما توسع مدى العمليات الإسرائيلية إلى عمق 60 كيلومتراً داخل لبنان، حيث قتلت إسرائيل مقاتلين اثنين من الحزب في أول عملية استهداف لشرق البلاد يوم الاثنين.
على الجهة المقابلة، تتواصل هجمات حزب الله الصاروخية اليومية مسببةً الفوضى في إسرائيل، وقد أسفر آخرها عن مقتل جندي في الجيش الإسرائيلي.
وحتى يوم الاثنين، أسفرت هجمات حزب الله عن مقتل 10 جنود إسرائيليين وستة مدنيين، حيث يركز الحزب هجماته على استهداف القواعد العسكرية الإسرائيلية فيما يبدو استناداً إلى معلومات استخباراتية محكمة.
ولكن من الذي يريد حقاً حرباً شاملة مع لبنان تشمل عملية برية، بعد مرور أكثر من عشرين عاماً على انسحاب إسرائيل من هناك في ظل حكومة إيهود باراك؟ ولكن يبدو أن الجمهور الإسرائيلي يميل إلى دعم العمل العسكري ضد حزب الله.
فوفقاً لاستطلاع للرأي العام أجرته صحيفة معاريف اليومية ونشر في 16 شباط/ فبراير، يؤيد 71% من المستطلعين العمل العسكري لإبعاد حزب الله عن الحدود، بينما يؤيد 17% نهج “الاحتواء” الذي يتبعه الجيش تجاه الفصيل المقاتل.
وأظهر استطلاع آخر أجراه معهد الديمقراطية الإسرائيلي في الفترة من 12 إلى 15 شباط/ فبراير أن أغلبية ضئيلة من اليهود الذين شملهم الاستطلاع يؤيدون هجوماً شاملاً على حزب الله، في حين تدعم أغلبية كبيرة من العرب التوصل إلى اتفاق سياسي بوساطة دولية لإنهاء القتال.
وعندما تم تقسيم العينة اليهودية على أساس التوجه السياسي، فإن المستطلعين من اليسار يفضلون التوصل إلى اتفاق سياسي، مقابل أغلبية قوية بين اليمينيين تؤيد الحل العسكري.
رسائل متضاربة من الجيش
وخلال الأسبوع المنصرم، اجتمع رؤساء السلطات المحلية لمستوطنات شمال إسرائيل الذين يمثلون 120 ألف نسمة من المستوطنات التي تم إخلاؤها بأمر عسكري أو من الذين نزحوا أمام هجمات حزب الله بحضور رئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي لمناقشة الحال السائد هناك.
وقال رئيس مجلس ماروم الجليل الإقليمي عميت سوفير في مؤتمر صحفي عقب الاجتماع أن المشاركين تلقوا رسائل متضاربة من الجيش الذي يتوقع عودتهم إلى منازلهم حتى بدون خطة واضحة لحمايتهم من عمليات عبور الحدود المستمرة.
ودعا هاليفي السكان للعودة إلى منازلهم وأخبرهم في الوقت نفسه أن الجيش يستعد للحرب في الشمال.
لكن، سوفير يؤكد أن مستوطني شمال إسرائيل غير مقتنعين بإمكانية العودة بأمان قبل أن يتمكن الجيش الإسرائيلي من تحييد التهديد الذي تشكله قوة الرضوان الخاصة التابعة لحزب الله بالقرب من الحدود.
وأضاف ” إذا ظلت هذه القوة سليمة فلا يمكننا أن نستبعد وقوع حدث مشابه للسابع من أكتوبر”.
ولا يبدو اللواء الاحتياطي جيورا إيلاند، الذي كان رئيساً لمجلس الأمن القومي خلال حرب لبنان الثانية عام 2006 متفائلاً بشأن وقف التصعيد.
فقد قال إيلاند لصحفيين إسرائيليين: ” أعتقد أن هناك فرصة لا تزيد عن 30% لنجاح جهود خفض التصعيد، هذه فرصة ليست بكبيرة، ولكنها ليست ضئيلة أيضاً”.
وفي وقت سابق من هذا الشهر تقدمت فرنسا التي تربطها علاقات تاريخية مع لبنان بوثيقة مكتوبة إلى الحكومة اللبنانية تدعو إلى انسحاب مقاتلي حزب الله إلى عمق عشرة كيلومترات على الأقل من الحدود.
وتنص الوثيقة التي تهدف إلى منع نشوب صراع لا يمكن السيطرة عليه على ” وقف محتمل لإطلاق النار”، ثم إطلاق مفاوضات حول ترسيم الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل.
لكن خطة خفض التصعيد الفرنسية لم تحصل بعد على الموافقة أو الضوء الأخضر من أي دولة أخرى بما في ذلك إسرائيل.
وفي 12 شباط/ فبراير، جدد السفير الفرنسي في لبنان هيرفيه ماغرو تأكيده أن بلاده ” لا تزال ملتزمة تجاه لبنان” خلال هذه الأزمة.
وشدد ماغرو على رغبة فرنسا في منع أي تصعيد إقليمي قد يكون كارثياً معترفا بدور فرنسا الحاسم في الحفاظ على استقرار جنوب لبنان، ولا سيما من خلال مساهمتها في القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن الانسحاب الإسرائيلي من لبنان في عام 2006.
وبحسب إيلاند فإن حزب الله لن يوقف هجماته بشكل أحادي، مشيراً إلى أن الحزب بحاجة إلى الحصول على شيء في المقابل لتبرير انسحابه أمام أنصاره.
وأضاف إيلاند أن أحد الأسباب التي قد تجعل زعيم حزب الله حسن نصر الله يقبل اتفاق وقف إطلاق النار هو أن الحرب لن تستهدف الحزب فحسب، بل لبنان ككل، بما في ذلك البنية التحتية للدولة.
وقال: ” الحرب يمكن أن تدمر أحياء بأكملها في بيروت”.
وكانت إسرائيل قد اجتاحت بيروت واحتلتها خلال الحرب الأهلية اللبنانية في الثمانينات وحاصرت النصف الغربي من المدينة بحثاً عن المقاتلين الفلسطينيين.
وأدى الغزو الإسرائيلي وقتها إلى استشهاد آلاف المدنيين واعتبر أحد أكثر الأحداث تدميراً في تاريخ لبنان الحديث.
وأوضح إيلاند: ” يدرك نصر الله أن مثل هذا الدمار الكبير في ظل صعوبة أوضاع البلاد سيجعله محط لوم المجتمع اللبناني بأكمله وحتى مناصريه”.
للإطلاع على النص من المصدر الأصلي من (هنا)