تلقت صحيفة ليبراسيون الفرنسية اليومية سيلاً من الانتقادات الحادة بسبب نشرها رسماً كاريكاتورياً يسخر من الفلسطينيين الصائمين الباحثين عن الطعام في قطاع غزة.
ويصور الرسم الكاريكاتوري للرسامة كورين راي رجلاً فلسطينياً هزيلاً يطارد الفئران والصراصير وسط الأنقاض والمباني المدمرة، فيما تصفعه امرأة على يديه وتنبهه قائلة: ” ليس قبل غروب الشمس”.
ونشر الكاريكاتير يوم الإثنين على منصة X تحت نص ” رمضان في غزة”، في إشارة إلى الشهر الكريم لدى المسلمين الذين يمتنعون عن الطعام والشراب خلال ساعات النهار فيه.
وانتقد مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي الكاريكاتير واعتبروه “عنصرياً” و”مجرداً من الإنسانية” و نموذجاً مثيراً للاشمئزاز” عن حرية التعبير العام فيما يواجه مئات الآلاف من الفلسطينيين المجاعة بسبب منع إسرائيل وصول المساعدات إلى القطاع الذي مزقته الحرب.
وذكر أحد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي أن الكاريكاتير: ” مثال واضح على كيفية قيام وسائل الإعلام الغربية والفرنسية بتجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم وتجاهل عملية الإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة حالياً”.
وأوضح منتقد آخر للرسم الكاريكاتوري أن الصحيفة التي تنتمي إلى يسار الوسط سخرت من ” أسرع وأشد عملية تجويع متعمد للسكان على الإطلاق، وسخرت من 2.3 مليون فلسطيني جائع ونصفهم من الأطفال تحت القصف الإسرائيلي المدعوم من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي”.
وكانت إسرائيل قد قطعت الوقود والغذاء والمياه والمساعدات والكهرباء عن غزة في 9 تشرين الأول/ أكتوبر، فيما أدى قصفها المستمر للمستشفيات والمخابز ومحلات السوبر ماركت والصيدليات في القطاع المحاصر إلى انهيار القطاع الطبي بالكامل وإجبار السكان على البحث عن بقايا الطعام من أجل البقاء على قيد الحياة.
وحذرت الأمم المتحدة والعديد من وكالات الإغاثة مراراً وتكراراً من أن غزة باتت على شفا المجاعة داعيةً إسرائيل إلى السماح بدخول المساعدات على الفور.
واستشهد ما لا يقل عن 27 فلسطينياً بسبب سوء التغذية والجفاف منذ بداية الحرب، ومن بين الشهداء طفل في العاشرة من عمره كان مصاباً بالشلل الدماغي.
من ناحيتها، دافعت رسامة الكاريكاتير كورين راي عن رسمها، مؤكدة أنه يهدف إلى تسليط الضوء على اليأس الذي يعاني منه الفلسطينيون، و” إدانة المجاعة في غزة”، وكذلك تقديم نقد للدين.
ونشرت على منصة X يوم الثلاثاء نماذج لبعض الانتقادات التي تلقتها وعلقت عليها بالفرنسية : “هذه عينات صغيرة جداً من الهراء والتهديدات والرسائل المعادية للسامية التي تلقيتها بعد هذا الرسم الذي نُشر أمس في Libé وهو رسم أتحمل مسؤوليته بالكامل وهو يسلط الضوء على يأس الفلسطينيين، ويدين المجاعة في غزة، ويسخر أيضاً من عبثية الدين”.
وفيما اختار بعض المستخدمين لوسائل التواصل الاجتماعي الدفاع عن رسم راي الكارتوني باعتباره حرية تعبير، أعرب آخرون عن عدم رضاهم عن نشره واصفين توقيت ذلك بأنه لا يمثل أولوية مع تواصل الحرب.
وقال أحد المستخدمين: ” لقد تم ذبح السكان لمدة 4 أشهر، وأولئك الذين ما زالوا على قيد الحياة يتضورون جوعاً، وهذه البرجوازية تجد أنه من الملح انتقاد الدين”.
وقال العديد من المستخدمين أيضاً أن الرسم التوضيحي مجرد مثال آخر على التمييز المنهجي ضد المسلمين والعرب في المجتمع الفرنسي، والذي يقول العديد من المسلمين إنه زاد مع بداية الحرب في غزة.
وقال أحد المستخدمين أن الرسم الكاريكاتوري هو “مثال بغيض لكيفية انتشار العنصرية المناهضة للفلسطينيين والتعصب ضد المسلمين في قطاعات كبيرة من اليسار في المجتمع الفرنسي”.
الجدير بالذكر أن مجلة شارلي إيبدو الفرنسية الساخرة المثيرة للجدل كانت قد واجهت انتقادات حادة في شباط/ فبراير 2023، بسبب سخريتها من ضحايا الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا، والذي أودى بحياة أكثر من 55 ألف شخص وخلف عشرات الآلاف من الجرحى.