بقلم غادة الحداد
ترجمة وتحرير مريم الحمد
منذ بدأت الدول العربية والغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة، في إسقاط المساعدات جواً على غزة، تساءلت: لماذا لا يستخدمون الطرق البرية، خاصة وأن هناك آلاف الشاحنات المحملة بـالإمدادات الإنسانية تنتظر على الجانب المصري من معبر رفح؟!
وفقاً لتقرير نشرته قناة الجزيرة في فبراير، فقد أظهرت لقطات جوية وأخرى عبر الأقمار الصناعية وجود أكثر من 2000 شاحنة مساعدات تنتظر العبور من معبر رفح!
لماذا إذن يأتي هذا الإنزال الجوي للمساعدات بعد 5 أشهر من شن إسرائيل حربها على غزة؟ رغم أن هذا قد يبدو للوهلة الأولى وكأنه جهد إنساني، إلا أنه يبدو أن هناك دوافع خفية وراء ذلك.
استخدام عمليات الإنزال الجوي، خاصة من قبل الدول العربية، يؤكد على قصور الجهود العربية والأمريكية في تخفيف المعاناة عن غزة، فبدلاً من ممارسة الضغط على إسرائيل لفتح فتح معبر رفح، تحايلت تلك الدول بإطلاق عملية مساعدات أكثر تعقيداً وخطورة وتكلفة
منذ أن بدأت الحرب في أكتوبر الماضي، تزايدت النداءات الدولية لتقديم المساعدات لإنقاذ حياة الفلسطينيين المحاصرين في غزة، ولكن لم تكن هذه النداءات، ولا لقطات الفيديو المروعة التي ظهرت لمدنيين يتضورون جوعاً، كافية لدفع الدول المجاورة إلى وقف الفظائع الإسرائيلية التي أودت بحياة أكثر من 31 ألف شخص حتى الآن وتسببت بجوع مئات الآلاف.
قد يقول قائل أن هناك مساعدات تدخل، ولكنها لا تكفي على الإطلاق، حيث تتعمد إسرائيل حرمان الفلسطينيين في غزة من ضروريات الحياة الأساسية.
لقد كانت الموجة الأخيرة من المساعدات التي تم إسقاطها جواً بمثابة مصحوبة بضجة إعلامية كبيرة، وقد شارك فيها عدد من الدول بما في ذلك مصر والأردن وفرنسا والإمارات وقطر، والآن الولايات المتحدة.
علاوة على ذلك، فقد أعلنت إدارة بايدن عن خطط لبناء رصيف على ساحل غزة لتوصيل المساعدات عبر البحر، وهو أمر مثير للسخرية، حين يقوم الأمريكيون في نفس الوقت بتزويد إسرائيل بأنظمة الصواريخ، فالولايات المتحدة تقدم مساعدات إنسانية لذات السكان الذين تساهم في تدمير حياتهم وقتلهم!
تأكيد للسيطرة
لقد بات واضحاً أن إسرائيل تسعى إلى تأكيد سيطرتها المطلقة على الأوضاع الإنسانية في غزة، فلماذا توافق على إسقاط المساعدات جواً بينما تعرقل تسليم السلع عن طريق البر رغم أن ذلك سيكون أسهل وأرخص بكثير؟
وبصرف النظر عن الطريقة، فإن إسرائيل تصر على تفتيش جميع المساعدات التي تدخل غزة، فمن خلال عمليات الإنزال الجوي والجسور البحرية بدلاً من معبر رفح، ترسل تل أبيب رسالة مفادها أن سيطرة القاهرة على المنطقة الحدودية هي مجرد سيطرة رمزية وأن أدوات القوة الحقيقية موجودة في يد إسرائيل وحدها.
لسان أهل غزة الذين شوهدوا في لقطات الفيديو وهم يركضون نحو الإنزال الجوي، أنهم يتعرضون للإهانة برمي قطع قليلة من الطعام لملايين الأفواه الجائعة، في الوقت الذي يوجد فيه حل أسهل بكثير، وهو أن تفتح إسرائيل جميع المعابر البرية إلى غزة على الفور!
من جهة أخرى، فإن استخدام عمليات الإنزال الجوي، خاصة من قبل الدول العربية، يؤكد على قصور الجهود العربية والأمريكية في تخفيف المعاناة عن غزة، فبدلاً من ممارسة الضغط على إسرائيل لفتح فتح معبر رفح، تحايلت تلك الدول بإطلاق عملية مساعدات أكثر تعقيداً وخطورة وتكلفة.
من جانبها، تحرص إسرائيل على استخدام وسائل الإعلام لتحسين صورتها فيما يتعلق بالعمل الإنساني في أوقات الحرب، فمن خلال عرض طائرات المساعدات، تصرف إسرائيل الانتباه عن الوضع في رفح مما يؤدي إلى تخفيف الانتقادات العامة.
إضافة إلى ذلك، فإن ضمان استمرار إغلاق معبر رفح، البوابة الوحيدة لقطاع غزة إلى العالم الخارجي، يضمن لإسرائيل استمرار عزلة سكان القطاع.
وفي بعض الحالات، تحولت عمليات إسقاط المساعدات إلى سبب قاتل عندما لم تفتح المظلات فاندفعت الصناديق بقوة نحو الأرض في غزة، مما أسفر عن مقتل 5 فلسطينيين كانوا ينتظرون بفارغ الصبر تسلم مساعدات الإغاثة التي هم في أمس الحاجة إليها،حتى أن أحد الأصدقاء في شمال غزة أخبرني يقول: “مع تعرضنا للقتل حتى مع إسقاط المساعدات جواً، فقد شهدنا جميع أشكال الموت”.
وفي الوقت الذي يجتمع فيه المجتمع الدولي لدعم سكان غزة، فمن الضروري إعطاء الأولوية لسلامة وكرامة المحتاجين، فإسقاط مساعدات رمزية تافهة، مع عدم وجود خطة لتوزيعها بشكل آمن، لا يساعد سكان القطاع بل يزيد من إهانتهم وإذلالهم، فلسان أهل غزة الذين شوهدوا في لقطات الفيديو وهم يركضون نحو الإنزال الجوي، أنهم يتعرضون للإهانة برمي قطع قليلة من الطعام لملايين الأفواه الجائعة، في الوقت الذي يوجد فيه حل أسهل بكثير، وهو أن تفتح إسرائيل جميع المعابر البرية إلى غزة على الفور!
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)