عن مقال جدعون ليفي
في مقال له في صحيفة هآرتس العبرية، يتحدث الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي عن التحولات التي تشهدها الساحة السياسية الإسرائيلية مع حكومة مرتقبة وصفت بالأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل، حيث يقدم لمقالته بالإشارة إلى تحول شديد السرعة قد يلمسه الغرب نحو القومية المتطرفة ومزيد من الفاشية والعنصرية والراديكالية الدينية أو ما أسماه “تهاوياً في البنية الديمقراطية” في إسرائيل مع مجيء الحكومة الجديدة.
أشار الكاتب إلى أن “الغرب الذي طالما اعتبر إسرائيل ديمقراطية غربية، سوف يبدأ برؤية تحولات، ليست تحولات جذرية بقدر ما هي إزالة للقناع وتغير في شكل الخطاب الذي كان يتمسك به الليبراليون واليساريون في إسرائيل، ستقود هذه الحكومة إسرائيل الآن وتسيطر على المناصب الحساسة فيها، وإنه لمن السخرية بمكان فوق كل هذا أن يقودها بنجامين نتنياهو العلماني الليبرالي!”
أكد ليفي على أن “إسرائيل تنتظرها العديد من المخاوف في ظل هذه الحكومة من بينها، تدهور النظام القضائي، والتمييز ضد الأقليات، وتطبيق أوسع لاستعلاء القومية اليهودية، وفرض المزيد من ملامح الحياة الدينية في المجتمع، وزيادة الممارسات العنصرية ضد الفلسطينيين في إسرائيل”.
ويعتبر الكاتب أن هذه المخاوف أقلقت أحزاب اليسار والوسط الإسرائيلية فلا يمر يوم إلا ويعبر فيه سياسي يساري عن تخوفه وقلقه على حد وصفه، مشككاً بموقف هذه الأحزاب بقوله ” هل يشكل هذا التهديد خطراً كبيراً فعلا؟ وهل كانت إسرائيل قبل هذه الحكومة دولة ديمقراطية ملتزمة بالمواطنة وحقوق الإنسان لا تمارس التمييز العنصري وتتبع القانون فعلاً؟ وكأن هذه الحكومة جاءت لتنسف كل هذا؟!”
ثم يؤكد أن الحملة لا تهدف إلا إلى الإضرار بسمعة الحكومة الجديدة لصالح صورة أحزاب اليسار والوسط، والتي هاجمها بالإشارة إلى اعتداءات حكومة لابيد اليسارية والتي أودت بحياة 166 فلسطينياً في الضفة والقدس الشرقية و49 آخرين في قصف إسرائيلي على غزة، “فهل قُتل هؤلاء في حكم “بن غفير” أم خلال حكم من تسمي نفسها “حكومة التغيير” بقيادة يائير لابيد وبيني غانتس؟” على حد قوله.
“ستقود هذه الحكومة إسرائيل الآن وتسيطر على المناصب الحساسة فيها، وإنه لمن السخرية بمكان فوق كل هذا أن يقودها بنجامين نتنياهو العلماني الليبرالي!”
يقول ليفي “سيظل الفرق بين الحكومات الإسرائيلية هو لغة الخطاب، فالأحزاب اليسارية الليبرالية تحاول الاختباء وراء لغة دبلوماسية، فيما لا تخفي الأحزاب اليمينية شيئا في خطابها”، الأمر الذي خمن الكاتب أن يكون سبباً في دفع حلفاء إسرائيل وأحزابها الليبرالية إلى “الإقرار بواقع إسرائيل اليوم، والإدراك أنه لا وجود لعملية سلام أو حل لدولتين بشكل جدي، وستجعل العالم الغربي يعترف أخيراً ولو لنفسه بأن إسرائيل دولة فصل عنصري، وربما يقوم بعضها بخطوات ضد إسرائيل مستقبلاً”.
وتخيل الكاتب السيناريو المتطرف بمزيد من التطرف القومي والمزيد من الهدم والاشتباكات في الضفة، والسماح بقتل الفلسطينيين بأعداد غير مسبوقة وضم المزيد من الأراضي في الضفة، وبهذا “لن تترك الحكومة للدول الغربية مجالاً إلا أن تضطر لأخذ موقف ضد “محبوبتها” إسرائيل!” بحسب تعبيره.
“ربما يفهم الغرب وقتها أنه لا يوجد فارق أخلاقي ولا قانوني بين احتلال أوكرانيا واحتلال الأراضي الفلسطينية، وأن الموقف الذي اتخذته تجاه روسيا كان يجب اتخاذه ضد الاحتلال الإسرائيلي أيضاً بعد 55 سنة من تأجيل ذلك الموقف!”
يرى الكاتب الإسرائيلي أن توجهات الحكومة الجديدة ستؤدي إلى التضييق على الفلسطينيين في المناطق المحتلة في الضفة والقدس الشرقية بالدرجة الأولى، إضافة إلى الفلسطينيين في إسرائيل، ومجموعات يسارية إسرائيلية تنشط في حقوق الإنسان.
ويعتقد الكاتب أن الأمر لم يعد شأناً إسرائيلياً داخلياً بل يتطلب رداً دولياً ويضيف ” الحقيقة أن العالم تقبل إسرائيل بعنصريتها واحتلالها زمناً طويلاً، فيما تجاهلت إسرائيل كل القوانين والقرارات الدولية دون أن تدفع أي ثمن، لكن ربما يدفع غرور الحكومة الجديدة وتطرفها العالم إلى أخذ موقف أخيراً”.