ترجمة موقع تلفزيون سوريا– كشفت الممثلة اللبنانية-الفرنسية منال عيسى عن كواليس فيلم “السباحتان” الذي يروى قصة سارة ويسرى مارديني وكيف أنقذتا اللاجئين من الغرق في الطريق إلى أوروبا، وتقول عيسى لـ موقع “ميدل إيست آي” إن المنتجين الأميركيين والبريطانيين اختاروا معظم المرشحات لأداء الدور من مصر والمغرب ولم يكن هناك مرشحات من سوريا.
وأشارت إلى أن المنتجين فرضوا اللغة الإنجليزية في الفيلم “لا بل أرادوه كاملاً ناطقا باللغة الإنجليزية، وأضافت أنها واجهت أحد المنتجين الإنجليز وقالت له كيف تريد أن تنتج فيلما عن العرب ولا تريد سماعهم يتحدثون بالعربية في الفيلم فكان جوابه أن الإنجليزية أجمل، لافتة إلى أنها “شعرت بالإهانة”، وأضافت أنهم فرضوا أفكارا نمطية في الغرب عن المرأة العربية، ورفض المنتجون أيضا ذكر كلمة ثورة سورية وأرادوا إظهار السوريين وكأنهم فقط يتحاربون فيما بينهم.
وبعد الإعلان عن عرض الفيلم على شبكة نتفليكس أرسلت صحفية في ميدل إيست آي رسالة تهنئة إلى الممثلة منال عيسى، لكن لم يكن رد فعل النجمة اللبنانية – الفرنسية إيجابيا حول الفيلم، الذي تلعب فيه دور الأخت الكبرى سارة.
وتقول الصحفية “بدأت بهجتي تتلاشى بعد أن ردت منال على رسالتي، لم يكن هناك أثر للحماس في صوتها، على العكس من ذلك، كانت تتحدث وهي تشعر بالمرارة والرفض والغضب بشكل غير معهود، لكن عندما شاهدت الفيلم في النهاية، كانت نبرة السخرية والعداء في صوتها منطقية”.
الفيلم الذي يتم بثه الآن على نتفليكس، من إخراج المخرجة الويلزية المصرية سالي الحسيني، إلا أنه تلقى بعض الانتقادات اللاذعة، حيث وصف بأنه يشبه “فيلم ديزني الرياضي”، وأنه يحتوي على “مشاهد عتيقة وشخصيات فارغة”، لكن بالنسبة لمنال فإن المشكلات أعمق بكثير.
نص “ضعيف” وسوء بالاختيار
قبل أسبوعين من بث الفيلم على Netflix في 23 تشرين الأول الماضي، تواصلت معي منال للمرة الأولى منذ الصيف، وعلى الرغم من صراعها مع بعض القضايا الشخصية، كانت منال في مزاج أكثر تماسكا، أرادت التحدث بصراحة عن تجربتها في” السباحتان” ولكن فقط بعد عرض الفيلم لأول مرة للسماح للمشاهدين بتكوين رأيهم الخاص بالفيلم.
أخبرتني لاحقا “ما كنت لأتفاعل بالطريقة التي تعاملت بها مع رسالتك لو كنت سعيدة بالفيلم”.
بينما كانت ودية مع الحسيني، التي أعطت الفيلم بعض الكرامة، من الواضح أن الفيلم يثير تساؤلات حول العلاقة بين مديري الأفلام البيض والمواهب العربية حول الحريات المحدودة الممنوحة للمبدعين العرب لرواية قصصهم الخاصة، وحول نوع القصص التي تسمح التكتلات الأميركية والبريطانية للفنانين العرب بسردها.
أخبرتني منال: “لم يكن الأمر مختلفا عن مشاريع اللاجئين المماثلة التي أتلقاها كل عام، تحدثوا إلى وكيل أعمالي بعد أن رفضته، وكنت لا أزال مترددة لعدة أسباب: أولا تطلب الأمر دروس سباحة مكثفة، وثانيا شعرت بعدم الارتياح لأن الدور لم يُعرض على ممثل سوري”.
غيرت منال رأيها في النهاية بعد التحدث مع المخرجة الحسيني التي وعدتها بأنها ستأخذ مدخلاتها في صناعة الفيلم وتعمل على الحوار، والذي اعتقدت منال أنه “ضعيف” منذ البداية، ومع ذلك لم يتم تغيير السيناريو، لكن بمساعدة منها تعهدت الحسيني بجعل الفيلم أصليا قدر الإمكان.
قضية أخرى وهي أن الأجور التي تلقاها بعض الكومبارس المشاركين في العمل كانت غير متكافئة، عندما سألت الكومبارس – الذين كانوا يتألفون من الأتراك والسوريين، من بين آخرين – عن مقدار أجرهم، قالوا لها إنه كان نحو 10 دولارات في اليوم. منال تعفي Netflix من المسؤولية عن ذلك، مع إلقاء اللوم على وكالة اختيار الممثلين التركية المستأجرة.
المسألة الثانية هي شيك أجرها، حيث حصلت عيسى على 150 ألف دولار، تلقت منها نحو 80 ألف دولار فقط بعد اقتطاع الضريبية، هذا مبلغ ضئيل من انتاج شركات عملاقة مثل Working Title وNetflix.
الأمر الأكثر إزعاجا هو شيك الأجر الأكبر الذي دُفع لنجم أوروبي أبيض لعب دورا أصغر في الفيلم من منال عيسى.
تواصل موقع “ميدل إيست آي” مع Netflix عبر البريد الإلكتروني وقام بعدة محاولات للتواصل مع شركة Working Title عبر الهاتف لمعالجة المشكلات التي أثارتها عيسى هنا، ولكن لم تقدم أي من الشركتين تعليقا.
شخصيات سطحية
إلى جانب عدم وجود حوار باللغة العربية الأصلية، هناك قضية أخرى وهي ضعف الشخصيات.
تُقدَّم يسرى على أنها شابة طيبة وخالية من العيوب لم تشهد أي نمو ملموس، ولم تكتسب أي فكرة عن نفسها أو العالم من حولها، وشخصيتها مملة، أحادية البعد ولا تُصدق على الإطلاق.
يتم تجاهل العوامل الرئيسية للطبقة والدين – العوامل الحاسمة لفهم الأخوات الحقيقيات، وسرقة الشخصيات من الأبعاد التي لا غنى عنها.
من ناحية أخرى، تظهر سارة باعتبارها الصاحب والصديق الذي يتمثل سبب وجوده الوحيد في تحقيق المجد الأولمبي لشقيقتها.
إنها صورة غير مبهجة لا تعطي أي إنصاف لسارة الحقيقية، التي وجدتها تسارع في مساعدة اللاجئين – تم التغاضي عن نقطة مهمة في القصة الأخيرة حيث تم القبض عليها في جزيرة ليسبوس اليونانية في عام 2018 بعد اتهامها من قبل السلطات المحلية بتسهيل الهجرة غير الشرعية.
تعتقد منال أن سارة كانت مدفوعة بالذنب العميق تجاه امتيازها الجديد كمهاجرة شرعية – وهو شعور بالذنب لا يلمح إليه النص، لم تعطِ Netflix ولا صانعو الأفلام أي اهتمام حقيقي لهذا الأمر.
مع ذلك، أحبت منال ما يسمى “التآزر” بين الأختين، لقد ارتبطت بسارة بقوة – بانكسارها وضعفها وقلقها المكبوت، وتقول منال إنها قادرة على فهم شعور النزوح، حيث اضطرت هي أيضا إلى مغادرة بلدها لبنان إلى أوروبا.
سرد مفرط في التبسيط
حتى الآن تركز الجزء الأكبر من الدعاية للفيلم على إنجازات يسرى في حين أن مأزق سارة التي تواجه تهماً جنائية لدورها في إنقاذ حياة اللاجئين من جزيرة ليسبوس اليونانية لم يتطرق لها أحد، رغم أن حكم الإدانة قد يؤدي إلى سجن سارة لمدة 25 عاما.
كانت منال العضو الوحيد في فريق التمثيل الذي تناول القضايا التي تواجهها سارة علنا، بينما التزمت Netflix وصانعو الأفلام الصمت حيال ذلك.
وتقول إن الرسائل في الفيلم كانت مصطنعة: “لنكن صريحين هذه الرسالة لا تحتاج إلى فيلم، ربما يمكن للفيلم أن يرفع بعض الوعي بشأن اللاجئين، لكنه لن يغير أي شيء ولن يمكنه ذلك”.
وتضيف “الفيلم بأي حال من الأحوال ليس أول فيلم يعالج أزمة اللاجئين السوريين، ولكن على الرغم من التغطية الإعلامية الواسعة والأفلام والكتب التي لا حصر لها حول الأزمة، لا يزال نظام الأسد في السلطة دون رادع من الغرب الذي يدفع للعودة”.
يظهر الفيلم على أنه صبياني ومبالغة في التبسيط، ولا يخوض أبدا في العوامل الشائكة والمعقدة التي حولت ما بدأ كثورة جماعية إلى حرب مكتملة الأركان.
ينبع قرار منال بالتحدث علنا عن القضايا المختلفة في الفيلم من واجب أخلاقي ورغبة ليس فقط في تحسين ظروف رواة القصص العرب في هوليوود، ولكن لدفع المشاهدين إلى التساؤل عما يرونه.
لم يُحاسب النظام السوري على جرائمه، لا يوجد شيء احتفالي في الوضع السوري وهو ما يتركه الفيلم للمشاهدين، ولم تثبت أوروبا أنها أرض الميعاد كما يصورها الفيلم.
الغضب السوري من الفيلم مفهوم: السباحتان ليس فيلما من إنتاج سوريين إنه عرض مغرور لكيفية تعامل هوليوود مع العالم العربي.