قالت الإدارة الأمريكية أن هناك أسباباً معقولة للاعتقاد بأن يكون الاحتلال قد استخدم في مناسبات عدة أسلحة قدمتها الولايات المتحدة “بما يتعارض” مع القانون الإنساني الدولي.
وأفاد تقرير أصدرته وزارة الخارجية في إدارة بايدن أن الولايات المتحدة لم تتمكن، رغم هذه الشكوك، من التحقق مما إذا كانت الأسلحة الأمريكية قد استخدمت خلال تلك الحوادث، نظراً “لنقص أفراد طواقمها العاملة على الأرض في غزة”.
وصدر تقرير وزارة الخارجية الأمريكية استجابةً لمذكرة الأمن القومي (NSM-20) التي أصدرها الرئيس جون بايدن في أوائل شباط/فبراير وطلب فيها تقدير ما إذا كانت الإدارة متيقنة بالأدلة بأن استخدام الاحتلال للأسلحة الأمريكية لا ينتهك قانون الولايات المتحدة أو قرارات المجتمع الدولي.
وفي حال خلوص إدارة بايدن إلى أن الاحتلال استخدم الأسلحة الأمريكية في انتهاك للقانون الدولي، فإن ذلك يعني أن واشنطن ستضطر إلى تعليق المساعدات العسكرية لتل أبيب.
وكان من المفترض أن يتم تسليم التقرير إلى الكونغرس في وقت سابق من هذا الأسبوع، لكن الإدارة أخرت نشره حتى مساء الجمعة بالتوقيت المحلي.
وعرض التقرير عدة حالات أثارت فيها تصرفات جيش الاحتلال “مخاوف جدية” من استخدام الأسلحة الأمريكية في انتهاكات للقانون الأمريكي والقانون الدولي الإنساني.
وشملت هذه الحوادث الغارة الجوية التي شنها جيش الاحتلال على عمال الإغاثة العاملين في الجمعية الخيرية العالمية “المطبخ المركزي العالمي”، و”مذبحة الطحين” التي ارتكبها في شمال غزة، وهجماته على منظمات الإغاثة الدولية الأخرى والجمعيات الخيرية العاملة في غزة.
وعلى الرغم من التقارير واسعة النطاق عن هذه الحوادث، فقد أكد التقرير أن إدارة بايدن لم تتمكن من إجراء أي تقييم نهائي بشأن ما إذا كانت الأسلحة الأمريكية قد استخدمت في تلك الهجمات.
ويقول التقرير أيضاً أن الاحتلال “لم يشارك معلومات كاملة للتحقق مما إذا كانت المواد الدفاعية الأمريكية المشمولة بموجب NSM-20 قد استخدمت على وجه التحديد في أعمال يُزعم أنها انتهاكات للقانون الدولي أو القانون الإنساني الدولي”.
لكنه استدرك بالقول: “بالنظر إلى اعتماد إسرائيل الكبير على مواد دفاعية أمريكية الصنع، فمن المعقول تقييم أن المواد الدفاعية المشمولة بـ NSM-20 قد استخدمت من قبل قوات الأمن الإسرائيلية منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر في حالات لا تتفق مع التزاماتها بالقانون الإنساني الدولي أو مع أفضل الممارسات المعمول بها في مجال الدفاع عن النفس والتي تحض على تخفيف الضرر الذي يلحق بالمدنيين”.
وأكدت إدارة بايدن أيضاً أن “التزام الاحتلال العام بالقانون الدولي الإنساني لا يتم إثباته بالضرورة من خلال الانتهاكات الفردية للقانون الإنساني الدولي”، زاعمةً أن سلطات الاحتلال ملتزمة بالتحقيق في هذه الانتهاكات الفردية.
وقال التقرير: “ستواصل وزارة الخارجية العمل مع حكومة إسرائيل لإنشاء قناة اختصاصية لمراجعة الحوادث المثيرة للقلق وتقديم توصيات للحد من مخاطر إلحاق الضرر بالمدنيين”.
وكان عدوان الاحتلال على غزة قد بدأ في 7 تشرين الأول/أكتوبر، بعد أن شن مقاتلو حماس هجوماً على مستوطنات غلاف غزة من داخل القطاع، مما أسفر عن مقتل حوالي 1200 شخص واحتجاز حوالي 240 أسيراً إسرائيلياً.
ورد الاحتلال بإعلان الحرب، وشن عدواناً استهله بقصف عشوائي أعقبه غزو بري استشهد فيه حتى الآن ما يقرب من 35 ألف فلسطيني، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقاً لوزارة الصحة الفلسطينية.
وتجاوبت إدارة بايدن مع الحرب بتسريع شحنات الأسلحة إلى الاحتلال وتوفير غطاء دبلوماسي له في الأمم المتحدة، مما أدى إلى عرقلة العديد من القرارات التي تدعو إلى وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب.
لكن الاحتجاجات واسعة النطاق في جميع أنحاء الولايات المتحدة وترافقها مع تزايد الرفض الشعبي الأمريكي لموقف بايدن الداعم للحرب بين قاعدة ناخبيه، دفعته لتوجيه بعض الانتقادات المحدودة لعدوان الاحتلال.
كما أوقفت الإدارة الأمريكية شحنة واحدة من الذخائر إلى الاحتلال، وهي خطوة قالت منظمات حقوق الإنسان أنها لا تفي بالتزامات واشنطن المعلنة بالقانون الدولي وحقوق الإنسان.
يذكر أن التقرير تناول كذلك تقييم ما إذا كان الاحتلال يعرقل وصول المساعدات إلى غزة.
واتهمت وكالات الإغاثة والجمعيات الخيرية ومنظمات حقوق الإنسان الاحتلال بتقييد كمية المساعدات المسموح لها بدخول غزة.
وقالت الأمم المتحدة أن شمال غزة يواجه مجاعة شاملة بسبب نقص المساعدات التي تدخل المنطقة.
وينفي الاحتلال منعه وصول المساعدات عن القطاع الفلسطيني المحاصر، لكن الولايات المتحدة ذكرت في تقريرها أن حجم المساعدات التي تدخل غزة غير كافية، غير أنها لم تخلص، رغم ذلك، إلى أن الاحتلال يقيد جهود واشنطن لإيصال المساعدات.
وقال تقرير الخارجية: “لا نعتقد حالياً أن الحكومة الإسرائيلية تحظر أو تقيد نقل أو إيصال المساعدات الإنسانية الأمريكية بالمعنى المقصود في المادة 620I من قانون المساعدة الخارجية”.