قال مصدران مسؤولان حالياً في جهاز المخابرات المصري ومصدر ثالث هو مسؤول سابق في الجهاز لموقع ميدل إيست آي أن مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) وليام بيرنز اطلع على مقترح وقف إطلاق النار في غزة الذي وافقت عليه حماس في وقت سابق من هذا الشهر قبل تقديمه إلى المسؤولين في دولة الاحتلال.
وكانت شبكة سي إن إن قد ذكرت الأسبوع الماضي أن مسؤولاً في الاستخبارات المصرية “غير بهدوء” بنود المقترح، مما أثار دهشة المفاوضين وأدى إلى رفض الاحتلال المضي قدماً نحو توقيع الاتفاق.
وفقاً لثلاثة مصادر مجهولة نقلتها شبكة سي إن إن، فإن المقترح الذي وافقت عليه حماس في 6 أيار/مايو كان بصيغة مختلفة عن المقترح الأصلي الذي قدمه القطريون والأمريكيون للحركة ضمن جهود الوساطة.
وأوضحت المصادر أن اللواء أحمد عبد الخالق، نائب رئيس جهاز المخابرات العامة المصري هو من قام بإجراء التعديلات على المقترح.
وورد أن بيرنز كان غاضباً ومحرجاً، وقال أحد المصادر لشبكة سي إن إن إنه “كاد أن ينفجر غضباً”.
غير أن المصادر الثلاثة في الاستخبارات المصرية قالت لموقع ميدل إيست آي إن بيرنز كان من بين عدة وسطاء قاموا بمراجعة المسودة قبل إرسالها إلى الاحتلال.
وتمثلت العقبة الرئيسية في المفاوضات في عبارة “الهدوء المستدام”، حيث سعى المفاوضون الفلسطينيون إلى تعريف أكثر وضوحاً لما يعنيه هذا التعبير، وقالت المصادر إن مطلبهم كان مدرجاً في المسودة المرسلة إلى تل أبيب.
وذكرت المصادر المصرية أن الإعلان الاستباقي عن قبول حماس بالمقترح وضع ضغوطاً على رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي رفض مقترح الاتفاق بعد ذلك.
ويتكون المقترح من ثلاث مراحل مدتها ستة أسابيع، ومن شأنه أن يؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار، والانسحاب الكامل لقوات الاحتلال من قطاع غزة وإنهاء الحصار.
كما يتضمن المقترح إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة مقابل عدد من الأسرى الفلسطينيين يتم الاتفاق عليهم في مرحلة لاحقة.
وقال مصدر مقرب من حماس، مطلع على محادثات وقف إطلاق النار، أن الحركة أبلغت الوسطاء بتعليق مشاركتها في مفاوضات وقف إطلاق النار حتى ينهي الاحتلال عدوانه على رفح ويسحب قواته ويعيد فتح معبر رفح، وهو نقطة دخول حيوية للغذاء والدواء وغيرها من الإمدادات لأكثر من مليوني شخص في غزة.
ولفت المصدر إلى أن “مصر تحولت إلى كبش فداء بعدما ألقيت عليها اللائمة في انهيار المحادثات لأن الأمريكيين لم يتمكنوا من إرضاء نتنياهو، فقد اتهموا مصر”.
ويُعرف اللواء أحمد عبد الخالق بعلاقاته الوثيقة مع الفصائل الفلسطينية في غزة، وهو الرجل الثاني في جهاز المخابرات العامة المصرية ومن قدامى المحاربين في القسم الفلسطيني بالجهاز.
برز اسم عبد الخالق عام 2011 كواحد من الوسطاء الرئيسيين الذين عملوا على صفقة تبادل الأسرى الفلسطينيين بجندي الاحتلال الأسير في ذلك الوقت جلعاد شاليط.
وقالت مصادر مطلعة على الاتفاق الذي تم إبرامه وقتها أنه تم تعليق الاتفاق لمدة ستة أشهر لأن الاحتلال كان يرفض إطلاق سراح يحيى السنوار، رئيس مكتب حماس الحالي في غزة، قبل أن يتم ذلك فعلاً بضغط مصري في نهاية المطاف.
ورغم الدور الحاسم الذي لعبه عبد الخالق، قال مصدران استخباراتيان إنه أُزيح عن إدارة القضايا الفلسطينية عدة مرات منذ عام 2011 بسبب ضغوط من الاستخبارات العسكرية، التي تتنافس مع جهاز المخابرات العامة على النفوذ والعلاقات.
لكن عبد الخالق عاد في الماضي من بوابة ملفات أحداث كبرى، حيث ساعد في التوسط في وقف إطلاق النار أثناء عدوان الاحتلال على غزة عام 2021، ثم في أعقاب الهجمات التي قادتها حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 وعدوان الاحتلال اللاحق على غزة.
وتشتبه مصادر الاستخبارات المصرية في أن تسريب اسم عبد الخالق، وهي المرة الأولى التي يتم فيها تسمية أحد أعضاء فريق المفاوضات علناً قد يكون محاولة لاستبعاده مرة أخرى.
ويحاول أعضاء جهاز الاستخبارات العسكرية المصري بالفعل استغلال الغضب الأمريكي والإسرائيلي المزعوم ضد عبد الخالق لاستبداله، لكن الجهاز لم يفعل ذلك حتى الآن، على حد قولهم.
وقال مصدر مقرب من حماس في وقت سابق من هذا الأسبوع أن المعلومات التي نقلتها المصادر إلى شبكة سي إن إن بشأن التعديلات المزعومة التي أجراها عبد الخالق على أحدث اتفاق بين الاحتلال والمقاومة الفلسطينية “لا معنى لها”.
وأضاف المصدر الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته واصفاً تلك المعلومات: “إنها غير واقعية، ليس من المتصور أن يفعل المصريون مثل هذا الشيء”.
وقال المصدر إن هذه الادعاءات كانت محاولة لتبرير رفض الاحتلال لاتفاق وقف إطلاق النار والغزو اللاحق لرفح.