لم تقدم دولة الاحتلال في ردها على المقترح الذي قدمه الوسطاء أي ضمانات لوقف إطلاق النار الدائم والانسحاب الكامل من غزة.
بل وأظهرت نسخة من المقترح اطلع عليها موقع ميدل إيست آي أن ما قبله الاحتلال بدلاً من ذلك هو “وقف مؤقت للعمليات العسكرية” لمدة 42 يوماً، يتبعه محادثات مفتوحة للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار.
وأشارت الوثيقة إلى أنه سيتم تمديد “وقف إطلاق النار المؤقت” بعد المرحلة الأولية التي تبلغ 42 يوماً “طالما استمرت المفاوضات بشأن شروط المرحلة الثانية من الاتفاق”.
كما يعرض رد الاحتلال انسحاباً محدوداً لقواته في المرحلة الأولى من الاتفاق المكون من ثلاث مراحل ويحيل الانسحاب الكامل إلى المرحلة الثانية، والتي تخضع لمزيد من الحوارات.
كما ينص على أنه يمكن لسلطات الاحتلال الاعتراض على إطلاق سراح ما لا يقل عن 100 أسير فلسطيني يقضون أحكاماً بالسجن مدى الحياة في المرحلة الأولى.
يعود تاريخ الوثيقة، التي كشف عنها موقع ميدل إيست آي حصرياً، إلى تاريخ 27 أيار/مايو، أي قبل أربعة أيام من الإعلان عن أجزاء منها من قبل الرئيس الأمريكي جو بايدن.
وقد وصف بايدن المقترح بأنه “اقتراح إسرائيلي شامل” لوقف إطلاق النار الكامل، معلناً أنه “قد حان الوقت لإنهاء هذه الحرب”.
ورغم ذلك، فإن المسودة عبارة عن عرض من قبل الاحتلال مضاد لمقترح توسطت فيه الولايات المتحدة وقطر ومصر في 6 أيار/مايو، والذي أعلنت حماس موافقتها عليه.
يتكون كلا الاقتراحين من ثلاث مراحل مدتها ستة أسابيع تبدأ بهدنة مؤقتة وتبادل محدود للأسرى، وتؤدي في النهاية إلى وقف دائم لإطلاق النار والإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة مقابل أسرى فلسطينيين.
ويختلف عرض الاحتلال المضاد عن اقتراح 6 أيار/مايو، الذي اطلع عليه ميدل إيست آي أيضاً، في ثلاثة جوانب رئيسية وهي:
أولاً، شكل وقف إطلاق النار مع العمل على تبادل الأسرى، حيث يعرض كلاً من المقترحين إجراء محادثات خلال المرحلة الأولى لاستكمال تفاصيل المرحلة الثانية.
وتتضمن المرحلة الثانية في المقترحين إعلان “وقف العمليات العسكرية والأعمال العدائية بشكل دائم”، والانسحاب الكامل لقوات الاحتلال والإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين المتبقين مقابل إطلاق سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين.
وينص المقترح الأول على أن هدف المحادثات هو التوصل إلى اتفاق بشأن عدد الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم مقابل كل أسير إسرائيلي من الذكور على أن تنتهي المحادثات خلال خمسة أسابيع.
لكت رد الاحتلال يضيف إلى المقترح اشتراط امتداد وقف إطلاق النار المؤقت إلى المرحلة الثانية “طالما أن المفاوضات بشأن شروط تنفيذ المرحلة الثانية من هذا الاتفاق مستمرة”.
وتنص الوثيقة كذلك على أن: “الضامنين لهذا الاتفاق سيبذلون كل جهد ممكن لضمان استمرار المفاوضات غير المباشرة حتى يتمكن الجانبان من التوصل إلى اتفاق بشأن شروط تنفيذ المرحلة الثانية من هذا الاتفاق”.
ثانياً، يضع رد الاحتلال قيوداً على تصنيف الأسرى الفلسطينيين الذين يمكن إطلاق سراحهم في المرحلة الأولى، ويتعلق ذلك أساساً بالذين يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد.
وتوافق دولة الاحتلال على إطلاق سراح 50 أسيراً، بمن فيهم 30 يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد، مقابل كل جندية يتم إطلاق سراحها حية، كما اقترح في السادس من أيار/مايو.
لكن الاحتلال يقول أن 100 أسير على الأقل من هذه الفئة سوف يتم استبعادهم من الإفراج في المرحلة الأولى، علماً أن ما لا يقل عن 550 أسيراً يقضون حالياً أحكاماً بالسجن المؤبد من إجمالي يقدر بنحو 11800 أسير فلسطيني في سجون الاحتلال.
بالإضافة إلى ذلك، يقول الاحتلال أن ما لا يقل عن 50 أسيراً محكوماً بالسجن المؤبد سوف يتم “إطلاق سراحهم إلى الخارج أو إلى قطاع غزة”.
ثالثاً، حذف الاحتلال من المقترح ذكر “رفع الحصار” عن غزة، والذي كان مدرجاً في مسودة السادس من أيار/مايو، واقترح بدلاً من ذلك “فتح المعابر الحدودية وتسهيل حركة الأشخاص ونقل البضائع”.
ولم تقدم حماس حتى الآن ردها الرسمي على عرض الاحتلال، لكت قادة الحركة وصفوا إعلان بايدن عن المقترح في بادئ الأمر بأنه “إيجابي”، قبل أن يعربوا لاحقاً عن قلقهم إزاء عدم الالتزام بوقف إطلاق النار الدائم بعد المرحلة الأولى.
وقال رئيس الحركة إسماعيل هنية يوم الأربعاء أن حماس “ستتعامل بجدية وإيجابية مع أي اتفاق يقوم على إنهاء شامل للعدوان والانسحاب الكامل وتبادل الأسرى”.
وفي دولة الاحتلال، أدت تفاصيل المقترح الذي كشف عنه بايدن إلى توترات سياسية في الائتلاف الحاكم لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
فقد هدد وزراء اليمين المتطرف إيتامار بن غفير و بتسلئيل سموتريتش بالانسحاب من الائتلاف إذا تم المضي قدماً في الاتفاق، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى انهيار الحكومة.
وفي ظل ضغوط متصاعدة، ورد أن نتنياهو قال إن المرحلة الأولى من الاتفاق يمكن أن تتم دون الالتزام بمراحل لاحقة، وأعلن مراراً وتكراراً أنه لن يوافق على إنهاء الحرب.
وفي غضون ذلك، وصل مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ويليام بيرنز إلى الدوحة يوم الأربعاء لإجراء المزيد من المحادثات.
والتقى بيرنز بمسؤولين قطريين ومصريين كبار أجروا أيضاً محادثات مع قادة حماس امتدت إلى يوم الخميس، لكن مصدرين أمنيين مصريين قالا لرويترز إنه لا توجد أي إشارات على حدوث انفراجة حتى الآن.