أعلنت أرمينيا اعترافها رسمياً بدولة فلسطين، مشيرةً إلى أن”الوضع الإنساني الكارثي في غزة” من بين الأسباب التي تقف وراء قرارها.
ولقي القرار الأرميني ترحيباً من قبل كل من السلطة الفلسطينية وحركة حماس على السواء، وفي المقابل أثار استنكار دولة الاحتلال.
وذكرت وزارة الخارجية الأرمينية في بيان يوم الجمعة أن يريفان رفضت العنف ضد المدنيين واحتجاز الرهائن، مضيفة أنها ملتزمة بإقامة “مصالحة دائمة بين الشعبين اليهودي والفلسطيني”، كما أكد البيان “دعم أرمينيا لحل الدولتين”.
وجاء في البيان “بناءً على ما سبق وإعادة تأكيد التزامنا بالقانون الدولي ومبادئ المساواة والسيادة والتعايش السلمي بين الشعوب، فإن جمهورية أرمينيا تعترف بدولة فلسطين”.
وفي رد فعلها الأول، أشادت السلطة الفلسطينية بالاعتراف الأرميني واعتبرته “حاسماً في إطار الجهود الرامية إلى إرساء الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط”.
وقالت السلطة التي تتمتع بسلطات محدودة في ظل الاحتلال في الضفة الغربية، أن السلام يتحقق “من خلال إنهاء الاحتلال غير الشرعي وضمان حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير”.
كما رحبت حركة حماس بالقرار الأرميني ووصفته بأنه “خطوة مهمة أخرى على طريق إرساء الاعتراف الدولي بحقوق الشعب الفلسطيني وتطلعاته لإنهاء الاحتلال الصهيوني النازي وإقامة دولة مستقلة ذات سيادة كاملة وعاصمتها القدس”.
وفي رد فعل مغاير، أعلنت وزارة الخارجية في دولة الاحتلال أنها استدعت السفير الأرميني في تل أبيب “لتوبيخه بشدة” عقب القرار.
وكانت أرمينيا واحدةً من بين 121 دولة أيدت قراراً في الجمعية العامة للأمم المتحدة في 27 تشرين الأول/أكتوبر يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، حيث استشهد أكثر من 37400 فلسطيني وجرح 85 ألفاً آخرين في عدوان الاحتلال المتواصل عليه.
وفي العام 2016، عبر سيرج سركيسيان، رئيس أرمينيا في ذلك الوقت، عن تأييده لحق فلسطين في تقرير المصير، مشيراً إلى أنه لم يقم بزيارة رسمية لدولة الاحتلال.
وأوضح سركيسيان في مقابلة مع قناة الميادين التلفزيونية الإخبارية اللبنانية أن “هناك أشياء كثيرة تربطنا بشعب فلسطين، لا أريد أن أخوض في التاريخ، لكن لدينا موقف إيجابي للغاية تجاههم”.
وتعود العلاقات الأرمنية الفلسطينية المتينة إلى أمد بعيد، حيث يرحع تاريخ الوجود الأرمني في القدس إلى القرن الرابع ويعتبر أقدم مجتمع أرمني حي خارج أرمينيا، سيما بعد هجرة آلاف الأرمن من الأناضول وانتقالهم للإقامة في حي الأرمن في القدس بعد أحداث العام 1915.
لكن عدد الأرمن في القدس انخفض في ظل اضطهاد الاحتلال لهم وغياب الاستقرار الاقتصادي حيث يعيش 4500 أرمني حالياً في فلسطين، مقارنة بـ 15000 في عام 1948.
ويأتي إعلان أرمينيا في أعقاب خطوة مماثلة من إسبانيا وأيرلندا والنرويج، التي اعترفت الشهر الماضي رسمياً بدولة فلسطين، وانضمت إلى أكثر من 140 دولة عضو في الأمم المتحدة اعترفت بالدولة الفلسطينية على مدى العقود الأربعة الماضية.
وكان رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز قد وصف اعتراف بلاده بالدولة الفلسطينية بأنه “مسألة عدالة تاريخية”.
وقال: “الطريق الوحيد نحو إحلال السلام هو إقامة دولة فلسطينية تعيش جنباً إلى جنب مع دولة إسرائيل”.
وأوضح أنه يتوجب “أن تكون الدولة الفلسطينية قابلة للحياة مع ربط الضفة الغربية وغزة بممر وأن تكون القدس الشرقية عاصمة لها”.
على الطرف الآخر، أثارت الاعترافات الأوروبية بالدولة الفلسطينية غضب الساسة في دولة الاحتلال، مما دفعهم إلى استدعاء سفرائهم من الدول الثلاث.
واتهم وزير الخارجية في الدولة العبرية إسرائيل كاتس بيدرو سانشيز بأنه “شريك في التحريض” على “الإبادة الجماعية” لليهود.
وتعترف الغالبية العظمى من الدول في آسيا وأفريقيا وأميركا الجنوبية بدولة فلسطينية، في حين تعلن أعداد متزايدة من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي عن الاعتراف بها كذلك.
ولم تقم سوى 11 دولة من أصل 27 دولة أوروبية بهذه الخطوة، بما في ذلك بلغاريا وقبرص والتشيك والمجر وبولندا ورومانيا وسلوفاكيا والسويد.
ومن الجدير بالذكر أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التي لا تعترف بفلسطين كانت من بين الدول التي صوتت لصالح محاولات عضوية فلسطين في الأمم المتحدة في 10 أيار/مايو.
وتشمل هذه الدول فرنسا وبلجيكا والدنمارك وإستونيا واليونان ولوكسمبورج والبرتغال وسلوفينيا ومالطا.
وخلال الأسابيع الأخيرة، أشارت سلوفينيا ومالطا إلى أنهما تخططان للاعتراف بفلسطين، فيما تواصل فرنسا تأخير قرارها، حيث قال الرئيس إيمانويل ماكرون إنه ينتظر “وقتاً مفيداً” لاتخاذ هذه الخطوة.
ويتمثل موقف الاتحاد الأوروبي، الذي تتبناه أيضاً دول غربية أخرى مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، في أن الدولة الفلسطينية يجب أن تقام فقط كجزء من تسوية تفاوضية مع دولة الاحتلال.