ألقت خلاصات تحقيق صحفي حول استهداف جيش الاحتلال للصحفيين في غزة بضغوط جديدة على المؤسسة الإعلامية النسائية الدولية (IWMF)، والتي تعرضت لانتقادات لاذعة الأسبوع الماضي بسبب إلغائها جائزة حصلت عليها الصحفية الفلسطينية مها الحسيني.
نشرت صحيفة الغارديان البريطانية يوم الثلاثاء تقريراً عن تخفيف قوات الاحتلال لتفسيراتها لقوانين الحرب، بما في ذلك اعتبار بعض الصحفيين أهدافاً مشروعة.
وتم تنفيذ التقرير كجزء من مشروع غزة، وهو مشروع تعاوني تقوده منظمة غير حكومية تدعى Forbidden Stories ومقرها فرنسا.
ووفقاً للجنة حماية الصحفيين، فإن ما لا يقل عن 103 صحفيين فلسطينيين قد استشهدوا في عدوان الاحتلال على غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، في حين ترجح منظمات أخرى أن يكون العدد أعلى من ذلك.
وأشارت الغارديان إلى أن المسؤولين في دولة الاحتلال وصفوا الصحفيين الذين استشهدوا في غزة باستمرار بأنهم “إرهابيون”، رغم أنهم قدموا القليل من الأدلة على مزاعمهم.
ونقل التحقيق الصحفي عن إيرين خان، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحرية التعبير، القول أن سلطات الاحتلال “نشرت معلومات مضللة حول ارتباط الصحفيين بالمسلحين دون تكلف عناء إثبات هذه الادعاءات”.
وفي أحد الأمثلة، استشهد عصام بحر، وهو صحفي مستقل عمل لصالح شبكة الأقصى الإعلامية التي تديرها حماس، من بين مواقع إعلامية أخرى، بقصف من قبل الاحتلال في منتصف تشرين الأول/أكتوبر.
واتهم جيش الاحتلال بحر بأنه “إرهابي”، لكن أقاربه قالوا إنه “صحفي ومعلم للقرآن” وليس له “نشاط سياسي أو غيره”.
ويأتي التحقيق بعد أيام قليلة من سحب المؤسسة الإعلامية النسائية الدولية (IWMF) جائزة الشجاعة في الصحافة من حسيني، التي مُنحت الجائزة في 10 حزيران/يونيو لتقاريرها لصالح موقع ميدل إيست آي في غزة التي مزقتها الحرب.
لكن المؤسسة الإعلامية النسائية الدولية (IWMF) ألغت الجائزة في أعقاب مزاعم كاذبة من قبل نشرة Washington Free Beacon الأمريكية المحافظة.
ووصفت نشرة Washington Free Beacon الصحفية الحسيني زوراً بأنها مؤيدة لحماس ومعادية للسامية، مستشهدة بمنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تعلق على الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وتجربتها الشخصية كامرأة فلسطينية محاصرة تحت الاحتلال والحصار في قطاع غزة.
وتم اتخاذ قرار إلغاء الجائزة دون التشاور مع الحسيني، في إجراء أدانته ميدل إيست آي ومنظمات حقوق الإعلام والصحفية نفسها.
وقالت الحسيني إن قرار مؤسسة الصحافة الدولية عرض حياتها للخطر، مضيفةً أن “الهجمات الشخصية تعرض صحافيي غزة للخطر”، في ظل استهداف قوات الاحتلال للصحفيين الفلسطينيين عمداً وأي شخص له صلات مزعومة أو متصورة بحماس.
وتابعت الحسيني: “كل إعلان عن جائزة لصحفي فلسطيني يتبعه بشكل منهجي حملات تشويه سمعة واسعة النطاق وضغوط شديدة على المنظمات المانحة من قبل مؤيدي الاحتلال”.
ومنذ الهجوم الذي قادته حماس على مستوطنات الاحتلال وثكنات جيشه في 7 تشرين الأول/أكتوبر والحرب التي تلت ذلك على غزة، استشهد أكثر من 37 ألف فلسطيني معظمهم من النساء والأطفال على يد قوات الاحتلال.
وأفادت لجنة حماية الصحفيين أن هذه الفترة كانت الأكثر دموية بالنسبة للصحفيين منذ بدأت المنظمة غير الحكومية في جمع البيانات في عام 1992.
وفي هذا السياق، لقيت الحسيني موجةً من التضامن من قبل المدافعين عن حقوق الصحفيين الذين أعربوا عن قلقهم الشديد على سلامتها وظروف حياتها.
فقد عبرت شبكة Marie Colvin الصحفية، التي تدعم الصحفيات العربيات، عن “تضامنها ودعمها الكامل” لحسيني.
وفي الوقت نفسه، أدان الاتحاد الوطني للصحفيين في المملكة المتحدة “الحملة المنظمة لتشويه سمعة مها حسيني، وهي صحفية حائزة على العديد من الجوائز”.
وقال الاتحاد أنه “قلق بشأن التأثير الذي قد يخلفه هذا القرار على سلامتها في وقت يواجه فيه الصحفيون في غزة ضغوطاً وتحديات لا يمكن تصورها”.
وذكرت مؤسسة Rory Peck، التي تدعم الصحفيين المستقلين في جميع أنحاء العالم: “يتعرض الصحفيون الفلسطينيون مثل مها للتدقيق والنقد بسبب منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، ونادراً ما يتم تطبيق ذلك على الصحفيين في أماكن أخرى”.
وأضافت: “نحن قلقون بشأن سلامة مها وندافع عن حقها وحق جميع الصحفيين في حرية التعبير”.
يذكر أن الصحفية مها حسيني حصلت سابقاً على جائزة Martin Adler من مؤسسة Rory Peck، والتي تُمنح للصحفيين المستقلين الذين يعملون في ظروف صعبة.
وفي الوقت نفسه، قالت لجنة حماية الصحفيين لميدل إيست آي: “إن النبش في منشورات وسائل التواصل الاجتماعي للصحفيين هو تكتيك شائع يستخدم بشكل متزايد لتشويه سمعة تقاريرهم”.
وتؤدي هذه الحملات في كثير من الأحيان إلى هجمات شخصية على الصحافيين وأسرهم سواء على الإنترنت أو خارجها، مما يعرضهم لخطر شديد”.
وقالت لجنة حماية الصحفيين إنها دافعت عن حق الحسيني في حرية التعبير ونددت بحملات التشهير التي تعرض حياة الصحافيين الفلسطينيين للخطر
من جهة أخرى، لفت التحقيق الذي أجرته صحيفة الغارديان النظر إلى اتجاه داخل جيش الاحتلال يعتبر الصحفيين الذين يعملون لصالح وسائل الإعلام المرتبطة بحماس أهدافاً عسكرية مشروعة.
وفقًا للجنة حماية الصحفيين، فإن حوالي 30% من الصحفيين الذين استشهدوا في غزة عملوا لصالح وسائل إعلام مرتبطة بحماس أو مقربة منها.
وتصنف بعض المؤسسات الإعلامية في غزة بأنها تمتلك شكلاً من أشكال الارتباط بالجناح السياسي لحماس، سيما وأن الحركة كانت تمارس دور الحكومة في قطاع غزة.
وقال متحدث عسكري من جيش الاحتلال في التحقيق أنه “لا يوجد فرق” بين الأشخاص الذين يعملون لصالح شبكة الأقصى الإعلامية والجناح المسلح لحماس.
ووفقاً لقواعد الحرب، يمكن للصحفيين أن يفقدوا وضعهم المدني بسبب التخطيط أو التحضير أو لتنفيذ العمليات القتالية، لكن العمل لصالح شبكات إعلامية مثل قناة الأقصى لا يجعل من المراسلين أهدافاً مشروعة للقتل.