يواجه رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو اتهامات بمحاولة تخريب محادثات وقف إطلاق النار في غزة عبر تقديم مجموعة جديدة من المطالب “غير القابلة للتفاوض”.
ومساء الأحد، عمد نتنياهو إلى نشر خطوطه الحمراء الخمسة قبيل انطلاق المحادثات غير المباشرة الحاسمة مع حركة حماس والتي من المقرر أن تُجرى عبر الوسطاء في العاصمة القطرية الدوحة في وقت لاحق من هذا الأسبوع.
وقال نتنياهو أن أي اتفاق يجب أن يتيح للدولة العبرية مجال العودة إلى القتال حتى يتم تحقيق جميع “أهداف” الحرب، والتي يرى جيش الاحتلال أن بعضها غير قابل للتحقق.
في المقابل، سعت حماس إلى الحصول على ضمانات بأن يفضي التوقف الأولي للقتال إلى نهاية دائمة للحرب في نهاية المطاف.
أما الخط الأحمر الثاني الذي وضعه نتنياهو فيتمثل في ضمان منع تهريب الأسلحة عبر مصر إلى حماس.
ولم يكن هذا البند جزءاً من إطار وقف إطلاق النار المتفق عليه على نطاق واسع والذي تدعمه الولايات المتحدة ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
ويتلخص مطلب نتنياهو الثالث في ضمان عدم إمكانية عودة “آلاف المسلحين” إلى الاماكن التي سيطر عليها جيش الاحتلال في غزة.
وكانت مقترحات وقف إطلاق النار الإسرائيلية السابقة قد أشارت إلى موافقة الاحتلال على الانسحاب التدريجي من غزة والسماح بالعودة غير المشروطة للنازحين إلى شمال القطاع.
وحدد نتنياهو خطه الأحمر الرابع في زيادة “عدد الأسرى الأحياء الذين سيعادون من أسر حماس”.
وأخيراً، قال نتنياهو أن الخطوط العريضة التي وافقت عليها حكومة الاحتلال في مقترح الاتفاق والتي دعمها الرئيس الأمريكي جو بايدن، سمحت بالإفراج عن الأسرى الإسرائيليين دون “الإضرار بالأهداف الأخرى للحرب”.
وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فقد فوجئ الساسة والمسؤولون الإسرائيليون بإعلان رئيس الوزراء.
وقال مصدر أمني لموقع Ynet الإخباري العبري أن نشر المطالب المتشددة، التي يبدو أنها تراجع عن العروض الإسرائيلية السابقة، يهدف إلى تأخير التوصل إلى اتفاق قريباً والإضرار بفرص تحقيق ذلك.
وقال المصدر أن المطالب “سلوك غير لائق من شأنه أن يضر بفرصة إعادة الأسرى إلى ديارهم”.
من ناحيته، قال مسؤول أمني آخر للقناة 12 العبرية أن “نتنياهو يتظاهر بأنه يريد صفقة، لكنه يعمل على نسفها”.
كما تعرض الشرط المتعلق بتهريب الأسلحة المزعوم عبر مصر، والذي لم يكن جزءاً من المفاوضات مع حماس، لانتقادات بسبب الإضرار بالاتصال بالقاهرة، الوسيط الرئيسي في المحادثات مع حماس.
وأوضح مصدر لموقع Ynet: “موقف نتنياهو ضر بالحوار الذي يجري مع القاهرة ويؤثر سلباً على جميع المحادثات”.
كما ورد أن بيان نتنياهو أثار غضب الوسطاء، الذين قالوا إن مطالبه قد تعرقل التقدم الذي تم تحقيقه بشق الأنفس في المحادثات خلال الأسابيع الأخيرة.
ومنذ كانون الثاني/يناير، انخرطت دولة الاحتلال وحماس في محادثات غير مباشرة للتوصل إلى اتفاق ينهي الحرب على غزة ويتبادل الأسرى.
وقتلت دولة الاحتلال أكثر من 38 ألف فلسطيني في عدوانها المتواصل منذ أكثر من تسعة أشهر، بما في ذلك ما لا يقل عن 15 ألف طفل وأكثر من 10 آلاف امرأة.
أما المقاومة الفلسطينية، فتحتجز أكثر من 120 إسرائيلياً في غزة بينما تحتجز سلطات الاحتلال أكثر من 10 آلاف أسير فلسطيني.
وتبادل الجانبان المواقف بشأن مقترح من ثلاث مراحل للاتفاق قدمه وسطاء أمريكيون وقطريون ومصريون، حيث تم الانتهاء من معظم مكونات الاتفاق بعد أشهر من المفاوضات.
ومع ذلك، فإن التفاصيل المتعلقة بشروط وقف إطلاق النار الدائم وانسحاب قوات الاحتلال لم يتم حلها.
وقال بايدن أن سلطات الاحتلال وافقت على وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب كامل كجزء من الخطوط العريضة في عرضها الأخير الذي أرسلته إلى الوسطاء في 27 أيار/مايو.
ولم يعلن المسؤولون الإسرائيليون صراحةً بموافقتهم على إنهاء الحرب أو الانسحاب الكامل من غزة، فيما رحب مسؤولو حماس بإعلان بايدن لكنهم تحفظوا لاحقاً على فكرة أن العرض لا يضمن إنهاء الحرب.
وورد أن المنظمة الفلسطينية خففت من موقفها في الأسابيع الأخيرة، حيث تخلت عن المطالبة بضمان صريح لإنهاء الحرب قبل بدء الهدنة، وقبلت بدلاً من ذلك بصياغة مرنة تسمح بإجراء محادثات لوقف إطلاق نار دائم خلال هدنة مؤقتة أولية، وفقاً لتقارير إعلامية.
وقال مسؤول كبير من إحدى الدول الوسيطة لصحيفة تايمز أوف إسرائيل أن هذا التقدم أصبح الآن مهدداً بسبب تصريحات نتنياهو الأخيرة.
وأوضح المسؤول الذي لم يذكر اسمه أن رئيس وزراء الاحتلال كان يحاول تخريب الاتفاق.
وأضاف أن تصريحات نتنياهو “تضرب الجانب الأكثر حساسية في المفاوضات الجارية”، مضيفاً أنها “تضر بشدة بالجهود الرامية إلى الحفاظ على الغموض” الذي تم التوصل إليه في صياغة العرض الأخير.
وأضاف المسؤول: “لا يسع المرء إلا أن يستنتج أنها تُقدم لأغراض سياسية بحتة”.