زيارة ديفيد لامي إلى إسرائيل… أول وصمة عار في مسيرة الحكومة البريطانية الجديدة

بقلم بيتر أوبورن

ترجمة وتحرير مريم الحمد

لم يقم رئيس الوزراء البريطاني الجديد في حكومة كير ستارمر حتى بمحاولة إخفاء الإرث الذي ورثه عن حكومة ريشي سوناك، حيث ارتكب سوناك خطأً فادحاً عندما وعد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بدعم “ثابت”، مما أعطى الضوء الأخضر لإسرائيل بممارسة القتل الجماعي للسكان المدنيين في غزة، كما سمح بتزويد إسرائيل بالأسلحة.

علاوة على ذلك، فقد أمرت حكومة المحافظين في عهد سوناك بتعليق مساعدات المانحين البريطانيين لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين، الأونروا، بناءً على تهمة لم يتم إثباتها ادعت مشاركة موظفين في الوكالة في هجمات 7 أكتوبر.

عندما وصل لامي، بعد يوم من المذبحة الإسرائيلية التي راح ضحيتها ما لا يقل عن 88 فلسطينياً في المنطقة، التي كان من المفترض أن تكون آمنة في خان يونس، كان هناك فرصة ليعيد لامي ضبط علاقة بريطانيا مع إسرائيل من خلال إدانة المذبحة، فقد كان هذا واجب أخلاقي

وفي أيامها الأخيرة في السلطة، حاولت حكومة سوناك إحباط محاولة المحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكرة اعتقال دولية بحق نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت، وكل هذا كان سبباًفي اعتبار حكومة سوناك متواطئة في جرائم إسرائيل.

تواطؤ صامت 

لقد كان لحكومة حزب العمال الجديدة فرصة ذهبية لوضع الأمور في نصابها الصحيح بعد انتخابها، ولكن زيارة وزير الخارجية البريطاني الجديد، ديفيد لامي، إلى إسرائيل جاءت مخيبة للآمال!

عندما وصل لامي، بعد يوم من المذبحة الإسرائيلية التي راح ضحيتها ما لا يقل عن 88 فلسطينياً في المنطقة، التي كان من المفترض أن تكون آمنة في خان يونس، كان هناك فرصة ليعيد لامي ضبط علاقة بريطانيا مع إسرائيل من خلال إدانة المذبحة، فقد كان هذا واجب أخلاقي.

بدلاً من ذلك، وقع لامي في ذات النمطية التي اتبعها حزب المحافظين من قبل، والمتمثلة في عدم التطرق إلى إدانة الفظائع الإسرائيلية في غزة أبداً ما دام هناك ذكر من قبل السلطات الإسرائيلية بأن حماس كانت الهدف من الهجوم، وبذلك كان مثل سلفه المحافظ، ديفيد كاميرون، متواطئاً بالصمت.

دعا لامي على استحياء إلى وقف إطلاق النار ووعد بتقديم المزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة، بنبرة يعرفها الفلسطينيون جيداً، فإذا كان هذا أقصى ما عند لامي، فما كان هناك من داعٍ لقدومه أصلاً!

الحقيقة القاسية هي أن وزير الخارجية البريطاني الجديد الذي يفتقر إلى الخبرة سوف يتم الحكم عليه من خلال الأفعال وليس الأقوال، ففي الأمد القريب، هناك 3 إجراءات يتعين على لامي اتخاذها إذا كان يرغب في الانفصال عن إرث المحافظين فيما يتعلق بغزة.

“اختبار أخلاقي”

الإجراء الأول بسيط للغاية، حيث يستطيع لامي إعادة التمويل البريطاني للأونروا، الوكالة الدولية الوحيدة القادرة على التعامل مع الأزمة الإنسانية الكارثية في القطاع.

 أعتقد أن لامي قد ارتكب خطأ غبياً بقيامه بهذه الرحلة إلى إسرائيل، فمن المثير للغثيان رؤيته وهو يصافح نتنياهو في هذا الوقت، فقد كان لامي في غنى عن هذه الفرصة الشنيعة وخاصة وأنه يبدو أنه لم يحصل على أي شيء في المقابل، ولذلك يمكن القول أن رحلته هذه كانت بلا معنى

لقد كانت حكومة سوناك مخطئة عندما استسلمت للمطالبات الإسرائيلية بقطع أموال الأونروا، وهذا ما تبين في كلام السفيرة البريطانية لدى الأمم المتحدة حين اعترفت ضمنياً بخطأ حزب المحافظين عندما أعربت عن “الدعم” البريطاني للأونروا.

أما الإجراء الثاني، فهو أسهل، فقد كان أحد الأفعال الأخيرة التي قامت بها حكومة المحافظين هو محاولة منع المحكمة الجنائية الدولية من إصدار مذكرة اعتقال دولية بحق نتنياهو وآخرين، من خلال القول بأن إسرائيل تتمتع بالحصانة في غزة، أي أنها تستطيع ارتكاب أي جريمة حرب تختارها دون عواقب!

في مقال نشرته صحيفة الغارديان، وصف الكاتب جيفري روبرتسون، القرار حول إنهاء حماية المحكمة الجنائية الدولية لنتنياهو بـ “الاختبار الأخلاقي الأول للحكومة الجديدة في السلطة”.

ربما تكون الحكومة قد فشلت في ذلك، فقد ذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن لامي قدم تأكيدات بأن المملكة المتحدة ستواصل اعتراضها على طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار أوامر اعتقال ضد نتنياهو ووزير دفاعه، يوآف غالانت، وإذا ما صحت تلك التقارير، فمن المؤكد أن لامي قد فشل في هذا الاختبار.

رحلة بلا معنى

الإجراء الثالث متعلق بنشر المشورة القانونية الرسمية حول ما إذا كانت مبيعات الأسلحة لإسرائيل تنتهك القانون الإنساني الدولي، وهذا ما كان قد دعا إليه لامي حين كان في المعارضة، فهل سينشرها الآن وهو في السلطة؟

استناداً إلى الأدلة المتوفرة حتى الآن، فأنا أعتقد أن لامي قد ارتكب خطأ غبياً بقيامه بهذه الرحلة إلى إسرائيل، فمن المثير للغثيان رؤيته وهو يصافح نتنياهو في هذا الوقت، فقد كان لامي في غنى عن هذه الفرصة الشنيعة وخاصة وأنه يبدو أنه لم يحصل على أي شيء في المقابل، ولذلك يمكن القول أن رحلته هذه كانت بلا معنى، فمن الواضح أن وزير الخارجية البريطاني قد سمع حججاً “مقنعة” على ما يبدو تسببت في عدم القيام بشيء، فمع اقتراب وقف إطلاق النار، ما الداعي للسماح بصدور مذكرة الاعتقال؟

ليس هناك شك في أن الإسرائيليين قد سلموا لامي ملفات يحاولون بها إثبات تعاون الأونروا مع حماس، كما أن هناك ستارمر الذي ينتظره في داونينج ستريت والذي يستمع بعناية إلى التوجيهات القادمة من واشنطن.

المشكلة فقط أن القرارات المتعلقة بتمويل الأونروا ومذكرة الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية لا يمكن أن تنتظر توجيهات واشنطن، ولذلك دعونا نأمل في عودة لامي بإعلانات جريئة إلى مجلس العموم القادم للحكم عليه.

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة