بقلم إدروس فيصل
ترجمة وتحرير مريم الحمد
لقد أثارت زيارة مجموعة من المهنيين والشخصيات المؤثرة الشباب المغاربة إلى إسرائيل مؤخراً غضباً في الشارع المغربي، شمل الملك والسلطات المغربية لعدم قيامها باستدعاء تلك المجموعة ومحاسبتهم.
يذكر أن مجموعة مكونة من 20 شاباً مغربياً قامت بزيارة إسرائيل في محاولة لما أسموه “تعزيز السلام”، حيث تحدثوا مع دبلوماسيين إسرائيليين حاليين وسابقين، بمن فيهم رئيس الكنيست أمير أوحانا، كما قاموا بزيارة مواقع تاريخية في القدس والضفة الغربية المحتلة، بالإضافة إلى القيام بجولة في المناطق التي وقع فيها هجوم 7 أكتوبر في غلاف غزة.
“إن مثل هذه الزيارة إلى كيان فاشي إجرامي تعني المشاركة في جرائمه ودعمه وتأييد أعمال الإبادة الجماعية التي يرتكبها، ولذلك تتحمل السلطات المغربية كامل المسؤولية سياسياً وإدارياً وأمنياً، لأن هذه الزيارة تؤكد على انخراط السلطات المغربية العميق في عملية التطبيع، بشكل يعارض آراء الشعب المغربي الذي عبر منذ 9 أشهر عن موقفه من خلال الاعتصامات والاحتجاجات وغيرها من الأشكال الاحتجاجية” حسن بن ناجح- كاتب وناشط مغربي
لم تحظ الرحلة باهتمام كبير من قبل الإسرائيليين ولا الفلسطينيين، ولكنها أثارت الغضب في المغرب الذي تتزايد فيه مشاعر الغضب تجاه إسرائيل بسبب الهجوم الدموي الذي تشنه على غزة منذ 9 أشهر، وقد أكد على ذلك مصدر على اتصال وثيق بالملك محمد السادس، حيث صرح لموقع ميدل إيست آي بأن المغاربة غاضبون من زيارة الوفد.
و أشار المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إلى أنه “كان ينبغي إلغاء الزيارة”، مضيفاً أن “هذا الحدث وقع في وقت تتزايد فيه الدعوات، إقليمياً ودولياً، إلى وقف إطلاق النار، ولذلك فإن استدعاء الوفد لن يضر صورة المغرب لا في الداخل ولا على المستوى الإقليمي”.
لقد انتشرت عدة مقاطع فيديو من رحلة الوفد على وسائل التواصل الاجتماعي، الأمر الذي أثار غضب المغاربة الذين يطالبون أصلاً بالتراجع عن عملية التطبيع، فقد أظهر أحد المقاطع الوفد وهو يغني ويرقص مع إسرائيليين في أحد الفنادق، بينما أظهر مقطع آخر المجموعة وهي تزور سوقاً للمواد الغذائية في القدس يشيدون فيه بالمجتمع الإسرائيلي على “دفئه وتسامحه”.
من جانبها، زعمت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن الحفل كان “عفوياً وغير مخطط له”، إلا أن أكاديمياً مقيماً في المغرب، طلب عدم الكشف عن هويته، قال إن مقاطع الفيديو هذه كانت محاولات واضحة من قبل الجماعات المدعومة من قبل الحكومة الإسرائيلية لإعادة تشكيل العلاقة بين البلدين في مواجهة التضامن العالمي المتزايد للقضية الفلسطينية.
تزايد الأصوات المناهضة للتطبيع
لقد أكدت الموجات الغاضبة بسبب الحرب على غزة في الشرق الأوسط على ما ظل يردده العديد من الناشطين والخبراء منذ سنوات، وهو أن القضية الفلسطينية لا تزال صرخة حاشدة وأن موقف إسرائيل في المنطقة سيظل غير مستقر طالما استمر الصراع مع الفلسطينيين.
في الأشهر الأخيرة، خرج عشرات الآلاف من المتظاهرين من مختلف الأطياف السياسية إلى شوارع المغرب للتنديد بإسرائيل والتعبير عن دعمهم للمقاومة الفلسطينية، كما انتقد المتظاهرون حلفاء إسرائيل وعلى رأسهم الولايات المتحدة، وهتفوا بمطالبة الحكومة بإلغاء التطبيع وطرد الدبلوماسيين الإسرائيليين.
“الكيان الصهيوني وعدد قليل من المغاربة يحاولون يائسين عكس التيار من خلال تنظيم زيارات إلى إسرائيل واستضافة وفود في المغرب، فهدفهم هو توسيع نطاق التطبيع الشعبي وتحسين الصورة المشوهة للصهاينة، والتي تفاقمت بسبب الحرب المستمرة في غزة وكل فلسطين، ولكننا نؤكد أن مثل هذه الخطوات سوف تبقى معزولة ومرفوضة في المغرب” عبد الصمد فتحي- رئيس اللجنة المغربية لدعم قضايا الأمة
يذكر أن المغرب واحدة من 4 دول عربية أقامت علاقات مع إسرائيل في عام 2020، كجزء مما سمي اتفاقات أبراهام، التي أدت إلى اعتراف كل من الولايات المتحدة وإسرائيل بمطالبة المغرب بالسيادة الغربية المتنازع عليها في الصحراء الغربية.
لقد ظلت الدول العربية مصرة لعقود من الزمن على أن ثمن التطبيع مع إسرائيل هو إنشاء دولة فلسطينية مستقلة، إلا أن الزعماء المستبدين من مختلف أنحاء المنطقة قد طمعوا في الفوائد الاقتصادية والأمنية التي يمكن أن تقدمها هذه العلاقة مع إسرائيل.
تجدر الإشارة إلى أن المغرب وإسرائيل كانتا على اتصال منذ ما يقرب من 60 عاماً في المسائل العسكرية والاستخباراتية، إلا أن العلاقة الدفاعية بين البلدين تعمقت بعد اتفاق التطبيع، حيث وقعت المملكة على صفقات لشراء نظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي باراك 8، وطائرات بدون طيار من طراز هيرميس ونظام أقمار التجسس الصناعية.
على الجانب الآخر، فقد كان هناك كلفة لذلك التطبيع على الصعيد المحلي، خاصة بعد الحرب الإسرائيلية على غزة، فقد أظهر استطلاع للرأي نشره المركز العربي في واشنطن في فبراير الماضي، أن المشاعر المناهضة للتطبيع في المغرب قد ارتفعت من 67% إلى 78%.
في حديثه مع موقع ميدل إيست آي، أوضح المصدر السياسي المذكور أن زيارة وفد الشباب ومناقشاته مع وزراء إسرائيليين مثل عميشاي شيكلي قد أثارت غضب العديد من السياسيين المغاربة الذين يعملون حالياً في البرلمان ولكن دون الكشف عن أسمائهم.
إلقاء اللوم على السلطات المغربية
نشرت العديد من وسائل الإعلام الإسرائيلية تقارير عن زيارة الوفد، وأثنت على المنظمة الإسرائيلية غير الحكومية “شراكة”، التي رتبت للزيارة، والتي تأسست في أعقاب اتفاقيات التطبيع عام 2020، وتصف نفسها بأنها تهدف إلى تحسين العلاقات بين إسرائيل والدول الإسلامية.
في حديثه لموقع ميدل إيست آي، قال الكاتب والناشط، حسن بن ناجح: “إن مثل هذه الزيارة إلى كيان فاشي إجرامي تعني المشاركة في جرائمه ودعمه وتأييد أعمال الإبادة الجماعية التي يرتكبها، ولذلك تتحمل السلطات المغربية كامل المسؤولية سياسياً وإدارياً وأمنياً، لأن هذه الزيارة تؤكد على انخراط السلطات المغربية العميق في عملية التطبيع، بشكل يعارض آراء الشعب المغربي الذي عبر منذ 9 أشهر عن موقفه من خلال الاعتصامات والاحتجاجات وغيرها من الأشكال الاحتجاجية”.
أما رئيس اللجنة المغربية لدعم قضايا الأمة، عبد الصمد فتحي، فقد أوضح في حديثه لموقع ميدل إيست آي أن “الكيان الصهيوني وعدد قليل من المغاربة يحاولون يائسين عكس التيار من خلال تنظيم زيارات إلى إسرائيل واستضافة وفود في المغرب، فهدفهم هو توسيع نطاق التطبيع الشعبي وتحسين الصورة المشوهة للصهاينة، والتي تفاقمت بسبب الحرب المستمرة في غزة وكل فلسطين، ولكننا نؤكد أن مثل هذه الخطوات سوف تبقى معزولة ومرفوضة في المغرب”.
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)