أقر برلمان الاحتلال (الكنيست) قراراً يرفض إقامة دولة فلسطينية، ومن المرجح أن يثير القرار حفيظة بعض الديمقراطيين الأمريكيين قبيل أيام من زيارة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو للولايات المتحدة وإلقاء كلمة أمام الكونغرس.
تم تمرير مشروع القانون، الذي شارك في رعايته ائتلاف نتنياهو إلى جانب أحزاب يمينية في المعارضة، بأغلبية 68 صوتاً، فيما صوت تسعة نواب فقط ضده.
وصوت بيني غانتس، الذي ينظر إليه العديد من القادة في الغرب على أنه شخصية أكثر اعتدالاً من نتنياهو ونواب حزبه كذلك لصالح مشروع القانون.
ويرفض القرار بشدة قيام دولة فلسطينية “غرب الأردن”، حتى كجزء من تسوية تفاوضية مع دولة الاحتلال، بزعم أن “إقامة دولة فلسطينية في قلب أرض إسرائيل سيشكل خطراً وجوديا على دولة إسرائيل ومواطنيها، وسيؤدي إلى إدامة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وزعزعة استقرار المنطقة”.
وجاء في القرار كذلك “لن يكون الأمر سوى مسألة وقت قصير حتى تستولي حماس على الدولة الفلسطينية وتحولها إلى قاعدة إرهاب إسلامي متطرف، تعمل بالتنسيق مع المحور الذي تقوده إيران للقضاء على دولة إسرائيل”.
وأضاف القرار أن “الترويج لفكرة الدولة الفلسطينية في هذا الوقت سيكون مكافأة للإرهاب ولن يشجع حماس وأنصارها إلا على رؤية ذلك على أنه انتصار، بفضل مذبحة 7 أكتوبر 2023، وتمهيد لاستيلاء الإسلام الجهادي على الشرق الأوسط”.
وفي ردود الفعل، انتقد مصطفى البرغوثي الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية القرار وكتب على منصة X: “لم يصوت أي حزب صهيوني من الحكومة والمعارضة ضد القرار”.
وأضاف البرغوثي أن “هذا القرار يمثل رفضاً للسلام مع الفلسطينيين وإعلاناً رسمياً عن موت اتفاق أوسلو”.
وكانت اتفاقيات أوسلو، التي تم توقيعها في عامي 1993 و1995 بين دولة الاحتلال ومنظمة التحرير الفلسطينية، التي كان يرأسها ياسر عرفات آنذاك، تهدف إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة من خلال إنشاء السلطة الفلسطينية كهيئة مؤقتة للحكم الذاتي.
لكن الاتفاقيات تضمنت بنوداً خلقت تحديات جديدة للفلسطينيين تحت الاحتلال مثل التنازل عن أكثر من 60% من الضفة الغربية الخاضعة لسيطرة الاحتلال، وإطلاق التنسيق الأمني المثير للجدل بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
ومنذ ذلك الحين، احتفظت دولة الاحتلال بالسيطرة الكاملة على الضفة الغربية المحتلة وفرضت حصاراً كاملاً على غزة في عام 2007 عندما وصلت حماس إلى السلطة من خلال الانتخابات التشريعية.
وكان برلمان الاحتلال قد وافق في شباط/فبراير على مشروع قانون برعاية نتنياهو يرفض الدولة الفلسطينية، في حين جاء مشروع القانون الأخير بمثابة رد فعل على اعتراف عدد من الدول بفلسطين.
وجاء مشروع القانون الجديد في الوقت الذي من المقرر أن يلقي فيه نتنياهو كلمة أمام الكونغرس الأمريكي الأسبوع المقبل، وهو ما تسبب بانقسامات وجدل بين المشرعين الديمقراطيين في الولايات المتحدة.
ويستعد نتنياهو أيضاً للقاء الرئيس الأمريكي جو بايدن، على الرغم من أن اختبار كوفيد-19 الإيجابي الأخير قد يعقد التحضيرات اللوجستية لعقد الاجتماع مع رجل البيت الأبيض الذي يواصل التأكيد على دعم بلاده لحل الدولتين.
ويتناقض مشروع القانون أيضاً وبشكل مباشر مع الخطاب الذي ألقاه الملك تشارلز ملك المملكة المتحدة يوم الأربعاء والذي أكد فيه على سياسة بلاده لحل الدولتين.
وفي وقت سابق من يوم الأربعاء، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن سياسات الاحتلال في الضفة الغربية المحتلة تقضي على أي فرصة لحل الدولتين.
وأوضح غوتيريش في بيان قرأه رئيس ديوان مكتبه كورتيناي راتراي خلال اجتماع لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أن دولة الاحتلال تغير جغرافية الضفة الغربية عبر خطوات إدارية وقانونية.
وأضاف: “التطورات الأخيرة تدق وتداً في قلب أي احتمال لحل الدولتين، ويجب علينا أن نغير مسارنا، يجب أن تتوقف كافة أنشطة الاستيطان على الفور”.
وأضاف الأمين العام للأمم المتحدة أن المستوطنات تشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وعقبة أمام السلام مع الفلسطينيين.
ميدانياً، استشهد ستة فلسطينيين على الأقل في غارة شنها طيران الاحتلال على منزل في الزوايدة، وسط غزة، واستشهد شخص آخر على الأقل في هجوم على مسجد في مخيم النصيرات للاجئين.
وأفادت قناة الجزيرة أن غارة بطائرة مسيرة على شرق البقاع اللبناني أسفرت أيضاً عن استشهاد عضو من “الجماعة الإسلامية” اللبنانية.
وفي وقت مبكر من يوم الخميس، أظهرت لقطات نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي ضربة جوية استهدفت عربة يجرها حمار وتقل مدنيين في رفح جنوب غزة.
وأسفرت هجمات الاحتلال في مختلف أنحاء قطاع غزة عن استشهاد العشرات من الفلسطينيين في الأيام الأخيرة، من بينهم 17 استشهدوا بالقرب من منطقة خيام تؤوي نازحين في المنطقة “الآمنة” في المواصي في خان يونس يوم الثلاثاء.
وجاء الهجوم على المواصي بعد أن أسفرت الغارات الجوية عن استشهاد 88 فلسطينياً على الأقل وإصابة 289 آخرين الأسبوع الماضي في مخيم للنازحين في نفس المنطقة.
وقالت الأمم المتحدة يوم الثلاثاء أن الأسبوع الماضي كان واحداً من أكثر الأسابيع دموية في غزة منذ بدء الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر.
واستشهد أكثر من 38 ألف فلسطيني أغلبهم من الأطفال والنساء في عدوان الاحتلال على غزة منذ تشرين الأول/أكتوبر، وفقاً لمسؤولين محليين.
وفي وقت سابق من يوم الأربعاء، أيد مسؤول إماراتي كبير فكرة نشر قوة دولية لتوفير “القانون والنظام” في قطاع غزة المحاصر تحت رعاية السلطة الفلسطينية.
ويعتبر هذا الإعلان، في حال صحته، واحداً من أوضح الإشارات حتى الآن على أن قوى الخليج تقترب من اتفاق بشأن قوة ما بعد الحرب في غزة والتي كانت الولايات المتحدة تضغط من أجل إنشائها.
وفي مقال رأي نُشر في صحيفة فاينانشال تايمز، دعت لانا نسيبة سفيرة الإمارات العربية المتحدة السابقة لدى الأمم المتحدة إلى “وجود دولي مؤقت في غزة”
ودعت نسيبة التي تعمل الآن مساعدة وزير للشؤون السياسية في الإمارات إلى إرسال “بعثة دولية مؤقتة تستجيب للأزمة الإنسانية، وترسي القانون والنظام، وتضع الأساس للحكم وتمهد الطريق لإعادة توحيد غزة والضفة الغربية المحتلة”.