كشفت ملفات رسمية نشرت مؤخراً أن دولة الاحتلال عرضت “مفاتيح غزة” على محمد دحلان في ذروة الانتفاضة الفلسطينية الثانية.
لكن الوثائق أشارت إلى أن القائد الأمني في السلطة الفلسطينية في غزة آنذاك رفض العرض، متمسكاً بولائه للزعيم ياسر عرفات.
وبعد أكثر من عقدين من الزمن، يقف دحلان اليوم على رأس قائمة يسعى بعض المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين والعرب لتسليمها مقاليد حكم مؤقت في غزة بعد الحرب.
وذكر تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال يوم الخميس أن دحلان مفضل لتولي مسؤولية الأمن في القطاع باعتباره مستقلاً عن حماس والسلطة الفلسطينية على السواء.
وذكر مسؤولون عرب لوول ستريت جورنال أن من بين الخيارات قيد الدراسة أن يشرف دحلان على قوة أمنية فلسطينية قوامها 2500 فرد بالتنسيق مع قوة دولية مع انسحاب قوات الاحتلال.
وأوضح التقرير أيضاً أن حماس “خففت معارضتها لدحلان” في الأسابيع الأخيرة، على الرغم من أن المسؤول الكبير في الحركة باسم نعيم قال للصحيفة أنه “من غير المقبول أن يتم فرض أي طرف من أعلى”.
ويوم الخميس، قال دحلان في تصريح على منصة X أنه “لن يدعم أي خيار لا يتم التوصل إليه على أساس التفاهمات الوطنية الفلسطينية”.
وأردف أن مثل هذا التفاهم من شأنه أن يؤدي إلى إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني وتشكيل خطة عمل دولية تفضي إلى إنشاء دولة مستقلة عاصمتها القدس.
وتابع: “لقد رفضت مراراً وتكراراً قبول أي دور أمني أو حكومي أو تنفيذي”.
وكان دحلان قد أبلغ المسؤولين الإسرائيليين في عام 2002 أنه لن يتولى السيطرة على غزة “دون موافقة عرفات”، وفقا لتقرير عن اجتماع بين مسؤولين بريطانيين وإسرائيليين أصدرته الأرشيف الوطني هذا الأسبوع.
وخلال نيسان/أبريل 2002، عقد اجتماع ضم وزير الدفاع في حكومة الاحتلال بنيامين بن إليعازر، واللورد ليفي، المبعوث الخاص لتوني بلير إلى الشرق الأوسط، والسفير البريطاني شيرارد كوبر كولز.
وفي أعقاب موجة من الهجمات التي قتلت العشرات من الإسرائيليين قبل ذلك بشهر واحد، غزا رئيس وزراء الاحتلال أرييل شارون الضفة الغربية المحتلة فيما عرف باجتياح عملية (السور الواقي).
وأظهرت الوثائق المحفوظة أن المسؤولين البريطانيين كانوا، بحلول وقت الاجتماع، يشعرون بقلق متزايد إزاء التقارير الإعلامية عن انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان ارتكبها جيش الاحتلال.
ووفقاً لمذكرة الاجتماع، فقد ضغط ليفي وكوبر كولز في الاجتماع باستمرار على بن إليعازر لشرح “المنطق العسكري والسياسي” للغزو.
ورد مسؤولو الاحتلال على ذلك بالقول إنهم يحاولون الحد من الإرهاب وتفكيك بنيته الأساسية، لكن الدبلوماسيين أعربوا عن تشككهم في نجاح الاجتياح بتحقيق هذا الهدف.
وتقول المذكرة: “أضاف اللورد ليفي أن النقطة الأساسية هي أنه لا يمكن إبقاء ثلاثة ملايين ونصف المليون فلسطيني تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي، وقد كانت بريطانيا مستعدة للمساعدة في تأمين الانسحاب الإسرائيلي”.
وأوضح ليفي أنه مستعد للقاء عرفات الذي كان تحت حصار عسكري من قبل الاحتلال في مقره بالمقاطعة، لكن بن إليعازر قال أن مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي قرر ألا يتمكن أحد من مقابلة عرفات، بما في ذلك المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط أنتوني زيني.
وقال بن إليعازر إنه يتفق مع الرأي القائل بأنه “لا يوجد حل عسكري” وأنه كان يفضل المفاوضات، “لكن طريقة شارون كانت محتلفة”.
وتقول المذكرة المنسوبة إلى بن إليعازر: “الوضع الحالي كان خطأ عرفات بالكامل، لقد عرض بن إليعزر مفاتيح غزة على دحلان، لكن لا هو ولا [رئيس الأمن الفلسطيني في الضفة الغربية آنذاك جبريل] الرجوب كانا ليتحركا دون موافقة عرفات”.
وفي وقت لاحق من ذلك العام، وبعد استشهاد نحو 500 فلسطيني في العملية وحصار مقر عرفات عسكرياً للمرة الثانية في ذلك العام، كتب دحلان: “ما دام الإسرائيليون ضد عرفات، فأنا معه”.
في عام 2006، انتُخب دحلان ممثلاً للمجلس التشريعي الفلسطيني عن خان يونس، المدينة الواقعة في غزة حيث ولد ونشأ. وانتُخب في اللجنة المركزية لحزب فتح في عام 2009.
غير أن دحلان طُرد في عام 2011 من حركة فتح بعد خلاف مرير مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وقيادة الحركة، حيث أقام منذ ذلك الوقت وحتى اليوم في الإمارات العربية المتحدة.
ويُعتقد أن دحلان عمل في الأشهر الأخيرة على إدخال المساعدات إلى غزة، وقال يوم الخميس أن أولويته القصوى هي إنهاء الحرب.
وذكر في تغريدة على تويتر: “أنا وجميع زملائي نشارك فقط في تقديم كل ما في وسعنا لإغاثة شعبنا في غزة بدعم سخي ومستمر من إخواننا في الإمارات العربية المتحدة طوال هذه الإبادة الجماعية القذرة المستمرة”.