أدى عشرات اليهود بقيادة وزراء في حكومة الاحتلال صلاتهم في المسجد الأقصى الذي قاموا باقتحامه اليوم الثلاثاء، منتهكين الترتيبات المعمول بها منذ عقود والتي تنص على أن التعبد في المسجد الواقع في البلدة القديمة بالقدس حق حصري للمسلمين.
وقال وزير الأمن القومي إيتامار بن غفير، الذي كان من بين الحشود: “سياستنا هي السماح لليهود بالصلاة في جبل الهيكل”، وهو الاسم اليهودي المقدس لموقع المسجد الأقصى المبارك.
ولعقود من الزمن، ظل يسُمح لغير المسلمين بزيارة الأقصى تحت إشراف أوقاف القدس، وهي مؤسسة إسلامية أردنية فلسطينية مشتركة تدير شؤون المسجد.
غير أن سلطات الاحتلال تجاوزت منذ فترة طويلة الأوقاف، وسمحت للمستوطنين والقوميين المتطرفين من اليهود باقتحام الموقع تحت حماية مسلحة مكثفة، وكثيراً ما كانت تستبق ذلك بإبعاد المصلين المسلمين بالقوة.
كما اتُهمت شرطة الاحتلال خلال السنوات الأخيرة بالسماح لليهود بالصلاة في الموقع، رغم استمرار حكومة الاحتلال بالزعم أنها لا تزال ملتزمة بالحفاظ على الوضع الراهن.
ومن المرجح أن تثير تصريحات بن غفير يوم الثلاثاء إدانة من الفلسطينيين، الذين اتهموا الاحتلال منذ أمد بعيد بمحاولة تقويض الهوية الإسلامية للمسجد.
ويتهم الفلسطينيون الجماعات اليمينية المدعومة من حكومة الاحتلال بالعمل على تقسيم المسجد الأقصى إلى قسمين، أحدهما لليهود والآخر للمسلمين.
وسهلت منظمات إسرائيلية تعرف باسم “جماعات جبل الهيكل” مداهمات المسجد الأقصى، ودفعت باتجاه زيادة الوجود اليهودي هناك، ودعت إلى تدمير المسجد وقبة الصخرة لإفساح المجال لبناء الهيكل الثالث.
وينظم العشرات من نشطاء جبل الهيكل مداهمات يومية للمسجد تحت حماية شرطة الاحتلال، حيث تستقطب المداهمات حشوداً كبيرة في الأعياد اليهودية.
ووفقاً للأوقاف، فقد شارك أكثر من 2250 يهودياً في مداهمة الثلاثاء، والتي تزامنت مع يوم تيشا بآف، وهو يوم صيام سنوي يحيي ذكرى تدمير المعبدين اليهوديين القديمين اللذين كانا قائمين ذات يوم على الهضبة التي يقع فيها المسجد الأقصى.
وأصدرت السلطة الفلسطينية والأردن بيانين منفصلين أدانا فيهما المداهمة، ووصفوها بأنها انتهاك للقانون الدولي.
ومن خلال سيطرتها على القدس الشرقية، بما في ذلك البلدة القديمة، فإن دولة الاحتلال تنتهك العديد من مبادئ القانون الدولي، التي تنص على أن القوة المحتلة ليس لها سيادة على الأراضي التي تحتلها ولا يمكنها إجراء أي تغييرات دائمة هناك.
وقام العشرات بأداء الصلوات اليهودية ورفعوا الأعلام الإسرائيلية وغنوا النشيد الوطني خلال مداهمة يوم الثلاثاء، وهي أفعال يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها انتهاكات للوضع الراهن القائم منذ فترة طويلة.
وحضر المداهمة وزيران في الحكومة على الأقل وعضو في البرلمان، بمن فيهم بن غفير الذي قال في رسالة سجلها أثناء جولته في الموقع: “نحن في تيشا بآف، جبل الهيكل، قادمون لإحياء ذكرى تدمير الهيكل”.
وأضاف: “يجب أن نقول بصدق أن هناك تقدم كبير جداً في الحكم والسيادة، وكما قلت، فإن سياستنا هي تمكين الصلاة”.
وعلق مكتب رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو على تصريحات بن غفير قائلاً أنه لا يمكن للوزراء تحديد سياساتهم الخاصة وأن الحادث كان “خروجاً عن الوضع الراهن”.
وأضاف مكتب نتنياهو: “سياسة إسرائيل في الحرم القدسي لم تتغير، هكذا كانت وستستمر”.
وعلى الرغم من قيام العديد من اليهود بالصلاة علناً وانتهاك القواعد في الأقصى، إلا أن شرطة الاحتلال لم تجرِ أي اعتقالات، وفقًا لصحيفة تايمز أوف إسرائيل.
ورد بن غفير بعد وقت قصير من تصريح رئيس حكومته، قائلاً أن “جبل الهيكل هو منطقة ذات سيادة في عاصمة دولة إسرائيل” وأنه لا توجد قوانين تسمح “بالانخراط في التمييز العنصري ضد اليهود في جبل الهيكل أو في أي مكان آخر في إسرائيل”.
وقال في بيان: “سياسة وزير الأمن القومي هي تمكين حرية العبادة لليهود في جميع الأماكن، بما في ذلك جبل الهيكل، وسيستمر اليهود في القيام بذلك في المستقبل أيضاً”.
وواجه بن غفير انتقادات من المعارضة الإسرائيلية وشركاء الائتلاف المتطرفين، الذين يعارضون الزيارات اليهودية للمسجد الأقصى لأسباب دينية.
وقال يائير لابيد، زعيم المعارضة، أن تصريحات بن غفير تعرض حياة المواطنين والجنود الإسرائيليين للخطر.
وأضاف: “مجموعة المتطرفين غير المسؤولين في الحكومة تحاول جر إسرائيل إلى حرب إقليمية شاملة”.
وعلق موشيه غافني، عضو حزب التوراة اليهودية المتحد الأرثوذكسي المتشدد، على تصريحات بن غفير بالقول أنها “تضر بقدسية ومكانة جبل الهيكل”.
وكان النائب أميت هاليفي من حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو حاضراً أيضاً في المداهمة.
وقال في بيان إنه انضم إلى الحشود للصلاة من أجل النصر في الحرب، التي قال إنها “حرب من أجل الجبل، من أجل الله، ضد عدو يملأ العالم بالقتل باسم الدين”.