علقت المملكة المتحدة 30 ترخيصاً لتصدير الأسلحة إلى دولة الاحتلال بعد مراجعة أجرتها حكومة حزب العمال الجديدة خلصت فيها إلى أن الأسلحة المنتجة في بريطانيا ربما استخدمت في انتهاك القانون الإنساني الدولي في غزة.
ورحب نشطاء حملات تعليق صادرات السلاح والنشطاء الحقوقيون بالقرار لكنهم انتقدوا استمرار تصدير مكونات طائرة إف-35 المقاتلة.
وكان النشطاء قد مارسوا ضغطواً لعدة أشهر من أجل تعليق كامل لمبيعات الأسلحة إلى الاحتلال.
ويشمل التعليق، الذي أعلنه وزير الخارجية ديفيد لامي في البرلمان يوم الاثنين، مكونات لأنواع أخرى من الطائرات العسكرية، بما فيها الطائرات المقاتلة والمروحيات والطائرات المسيرة، لكن نحو 320 ترخيصاً آخر، بما في ذلك مواد للاستخدام المدني، مازالت سارية المفعول.
وبموجب معايير تصدير الأسلحة، تلتزم الحكومة البريطانية بتعليق تراخيص تصدير الأسلحة إذا وجدت أن هناك خطر واضح من استخدامها في انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي.
وقال لامي لأعضاء البرلمان: “أمام صراع مثل هذا، فإن من واجب هذه الحكومة قانوناً مراجعة تراخيص التصدير”.
وأضاف: “أعربت اليوم عن أسفي لإبلاغ مجلس العموم بأن التقييم الذي تلقيته لا يجعلني قادراً على استنتاج أي شيء غير أن بعض صادرات الأسلحة البريطانية إلى إسرائيل تنطوي على خطر واضح”.
وأكد لامي أن مراجعة الحكومة، التي سيتم نشر ملخص لها، لا تعني أن دولة الاحتلال انتهكت القانون الإنساني، مبيناً أنه من المستحيل التحقق من جميع الادعاءات.
ومع ذلك، قال إن التقييم وجد أن دولة الاحتلال “تستطيع أن تفعل المزيد بشكل معقول لضمان وصول المواد الغذائية والطبية المنقذة للحياة إلى الناس في غزة”.
وأوضح لامي أيضاً أن الحكومة البريطانية “قلقة للغاية” بشأن التقارير التي تتحدث عن إساءة معاملة المعتقلين الفلسطينيين، والتي لم تتمكن اللجنة الدولية للصليب الأحمر من التحقيق فيها بعد رفض السماح لها بالدخول.
لكنه استدرك بالقول أن “هذه الحكومة ستواصل الدفاع عن أمن إسرائيل، وسنفعل ذلك دائماً بطريقة تتفق مع التزاماتنا بالقانون المحلي والدولي”.
هذا وجاء الإعلان قبل ساعات من استعداد منظمتين، كانتا قد رفعتا قضية على الحكومة البريطانية أمام المحكمة العليا بشأن استمرار صادرات السلاح، مطالبتين بإيقاف التصدير فوراً.
وقال محامون من شبكة شبكة العمل القانوني العالمية (جلان) ومقرها المملكة المتحدة ومنظمة (الحق) الفلسطينية لحقوق الإنسان أنهما أبلغتا الحكومة الأسبوع الماضي أنهما كانا يخططان لطلب إصدار أمر طارئ في جلسة استماع صباح الثلاثاء.
ولكن في وقت متأخر من يوم الاثنين، قالت المنظمتان إنها ستنظران الآن فيما إذا كان الحظر المعلن “واسع النطاق بما يكفي لمواجهة خطورة الموقف وتقييم ما إذا كانت هناك حاجة لمزيد من التقاضي”.
” القرار المهم الذي اتخذته الحكومة يثبت كل ما كان الفلسطينيون يقولونه منذ أشهر ،لقد تم دفع الحكومة البريطانية إلى الزاوية” – ديربله مينوغ، شبكة العمل القانوني العالمية
ووصف نشطاء منظمات حقوق الإنسان التي دعت إلى وقف شامل لصادرات الأسلحة البريطانية إلى الاحتلال قرار الحكومة بأنه غير كاف، بسبب عدم شموله مكونات مقاتلات إف-35 المدرجة في قائمة الأسلحة التي يطالبون بحظرها.
وقالت ياسمين أحمد، مديرة هيومن رايتس ووتش في المملكة المتحدة: “لقد استغرق تعليق تراخيص التصدير وقتاً طويلاً ولم يكن كافياً”.
وأضافت أن “استثناء مكونات طائرة إف-35، وهي العمود الفقري لحملة القصف الوحشية التي تشنها إسرائيل، من الحظر يُظهِر إما سوء فهم للقانون أو تجاهلًا متعمداً”.
في وقت سابق من يوم الاثنين، كشفت وكالة الأنباء الدنماركية “إنفورميشن” أن جيش الاحتلال استخدم مقاتلة شبح من طراز إف-35 في هجوم 13 يوليو/تموز على منطقة آمنة في غزة أسفر عن استشهاد 90 فلسطينياً على الأقل.
وتمثل المكونات المصنوعة في بريطانيا 15% من جميع طائرات إف-35 المقاتلة، مما أثار تساؤلات حول ما إذا كانت المعلومات عن دور الطائرة في الغارة ستغير سياسة تصدير الأسلحة في المملكة المتحدة.
لكن لامي قال إن أجزاء طائرات إف-35، المستخدمة في برنامج متعدد الجنسيات، لم تكن من بين العناصر المعلقة التي من شأنها “تقويض سلسلة توريد إف-35 العالمية التي تعد حيوية لأمن المملكة المتحدة وحلفائنا وحلف شمال الأطلسي”.
ووصف سام بيرلو فريمان، منسق الأبحاث في قالت الحملة ضد تجارة الأسلحة استثناء أجزاء من برنامج إف-35 من حظر التصدير للاحتلال بأنه “أمر فظيع وغير مبرر على الإطلاق”.
وقال “هذه هي الإمدادات الأكثر أهمية من الأسلحة التي قدمتها المملكة المتحدة للجيش الإسرائيلي، واليوم فقط حصلنا على تأكيد بأنها استُخدمت في واحدة من أكثر الهجمات فظاعة في الأشهر الأخيرة”.
وذكرت آنا ستافرياناكيس، مديرة الأبحاث والاستراتيجية في شركة شادو وورلد إنفيزيتيشنز ومقرها المملكة المتحدة وأستاذة العلاقات الدولية في جامعة ساسكس أن بدون تعليق مكونات إف-35، فإن بيان الحكومة “يبدو وكأنه محاولة لتهدئة المنتقدين أكثر من كونه تقييداً ذا مغزى لقدرة إسرائيل على ارتكاب الإبادة الجماعية”.
وقال كريس دويل، مدير مجلس تعزيز التفاهم العربي البريطاني، أنه من غير العادي أن يستغرق الأمر “11 شهراً من المذابح والفظائع” حتى تتوصل الحكومة إلى استنتاجاتها، وهو أمر قال إنه “لا يغتفر”.
لكنه ذكر أيضاً أن هذه الخطوة محل ترحيب وقايلة للبناء عليها “لأن الجانب الأكثر أهمية هو أن الحكومة البريطانية تقبل للمرة الأولى أن إسرائيل ربما تكون انتهكت القانون الدولي في غزة”.
بدوره ذكر النائب العمالي أفضال خان أنه مسرور لأن لامي اتخذ “خطوة أولى مهمة، مضيفاً أنه “يجب أن يكون دعم القانون الإنساني الدولي محورياً لأي نظام تصدير، ومن الواضح أن حكومة حزب العمال الجديدة تدرك هذا”.
وأردف: “في النهاية، الشيء الوحيد الذي سيمنع قتل المدنيين الفلسطينيين الأبرياء هو وقف إطلاق النار الفوري والدائم في غزة، وهو ما كانت حكومة حزب العمال تدعو إليه، يجب أن يظل هذا على رأس أولوياتنا”.
وعلق جوش بول، المسؤول الأميركي السابق الذي استقال في أكتوبر/تشرين الأول الماضي احتجاجاً على نقل الأسلحة الأميركية إلى إسرائيل على القرار البريطاني بالقول: “مع اعتراف أقرب حلفاء أميركا، المملكة المتحدة، الآن بالخطر الواضح والجلي المتمثل في الأذى والانتهاكات القانونية المتأصلة في استمرار نقل الأسلحة إلى إسرائيل، لا يسعنا إلا أن نأمل في أن تأخذ الولايات المتحدة علما بذلك وتحذو حذوها”.
لكنه استدرك قائلاً لميدل إيست آي: “للأسف، لا أتوقع أن يحدث هذا تحت قيادة هذا الرئيس”.