بقلم أمير مخول
ترجمة وتحرير مريم الحمد
يمثل الإضراب العام الذي دعت إليه أكبر نقابة عمالية في إسرائيل، وتدعى الهستدروت، تصعيداً كبيراً في الاحتجاجات المستمرة ضد حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وقد تطورت هذه الاحتجاجات، التي اندلعت بعد العثور على جثث 6 رهائن إسرائيليين في شبكة أنفاق تحت غزة، لتصبح أكبر مظاهرات شهدتها تل أبيب منذ بدء الحرب على غزة في 7 أكتوبر.
لقد أضافت المظاهرات بعداً جديداً للاضطرابات الموجودة أصلاً بتحويلها إلى اضطرابات وطنية، حيث اتهمت عائلات الرهائن نتنياهو علانية بالخيانة، معتبرين أنه أعطى الأولوية لاستراتيجيته السياسية الشخصية على عودة الرهائن، وذلك بالحفاظ على السيطرة على ممر فيلادلفيا في غزة.
قد يكون الإضراب العام لحظة حاسمة في مسار الأزمة السياسية داخل إسرائيل، خاصة إذا استمرت الاحتجاجات في التصاعد، ففي حين أنه من غير المرجح سقوط الحكومة بسبب الضغوط الخارجية، إلا أن الانقسامات الداخلية داخل الائتلاف قد تؤدي إلى انهيارها
لقد أدى رفض نتنياهو للتفاوض على صفقة تبادل الأسرى إلى تأجيج الغضب واليأس بين المتظاهرين، ولذلك فإن الدعوة إلى إضراب عام يمكن أن يمثل نقطة تحول، من خلال حشد مئات الآلاف من الإسرائيليين في موجة من العصيان المدني يمكن أن تشل الحكومة.
لترجمة هذا الزخم إلى تغيير سياسي ملموس، يجب أن تستمر الاحتجاجات وتتوسع، خاصة من خلال جذب الدعم من قاعدة نتنياهو في حزب الليكود وغيرها من الفصائل اليمينية.
ائتلاف نتنياهو قد يتصدع
لقد كانت حكومة نتنياهو سريعة في الرد، فقد حاولت تقويض الإضراب من خلال وسائل مختلفة، بما فيها الطعون القانونية والجهود المبذولة لتأليب النقابات العمالية الأخرى ضد الهستدروت والتهديدات بحجب الأجور عن العمال المضربين.
علاوة على ذلك، فقد رفضت البلديات التي يقودها الليكود، مثل بلدية القدس، المشاركة في الإضراب، في الوقت الذي أطلقت فيه الحكومة الإسرائيلية حملة تصور الإضراب العمالي على أنه ذو دوافع سياسية ويضر بالمصالح الأمنية لإسرائيل.
تهدف هذه الرواية التي أطلقتها حكومة نتنياهو إلى منع انشقاق كبير من أنصار اليمين وانضمامهم إلى حركة الاحتجاج، حيث يصور نتنياهو وحلفاؤه وعلى رأسهم الوزراء اليمينيون المتطرفون، بتسلئيل سموتريش وإيتمار بن غفير، الاحتجاجات على أنها تهديد وجودي وأن الهدف الحقيقي للحركة هو إسقاط الحكومة وتخريب الجهود الرامية إلى تأمين إطلاق سراح الرهائن المتبقين.
رغم ذلك، فقد بدأت الشقوق تظهر داخل ائتلاف نتنياهو، حيث دعا زعيم حزب شاس، أرييه درعي، إلى الوحدة الوطنية وتشكيل ائتلاف أوسع من شأنه أن يخفف من تأثير العناصر اليمينية المتطرفة مثل بن غفير وسموتريتش، خاصة وأن الأحزاب الحريدية داخل الائتلاف، والتي تشعر بعدم الارتياح من تصرفات بن غفير الاستفزازية في المسجد الأقصى، تجد صعوبة في البقاء في حكومة يبدو أنها تتجه نحو صراع أعمق.
أما التهديد الأكثر إلحاحاً لحكومة نتنياهو فقد يأتي من الداخل، فهناك همسات داخل حزب الليكود حول احتمالية إقالة وزير الدفاع، يوآف غالانت، وهي خطوة يبدو أن نتنياهو متردد في القيام بها بسبب التداعيات المحتملة داخل حزبه وبين الجمهور.
ومن ناحية أخرى، فقد يستقيل غالانت، مدعوماً بالدعم العسكري والاضطرابات العامة التي تتزايد، مما يضع المسؤولية الكاملة عن الأزمة المستمرة على عاتق نتنياهو وحلفائه المتشددين، ومثل هذه الخطوة يمكن أن تحفز حدوث انشقاق أكبر داخل الائتلاف، خاصة إذا اقترنت بتحول في موقف الأحزاب الحريدية.
قد يكون الإضراب العام لحظة حاسمة في مسار الأزمة السياسية داخل إسرائيل، خاصة إذا استمرت الاحتجاجات في التصاعد، ففي حين أنه من غير المرجح سقوط الحكومة بسبب الضغوط الخارجية، إلا أن الانقسامات الداخلية داخل الائتلاف قد تؤدي إلى انهيارها.
إضافة إلى ذلك، قد يؤدي الاستقطاب العميق داخل المجتمع الإسرائيلي، والذي يبدو أن نتنياهو وشركاؤه من اليمين المتطرف يعملون على تعزيزه، إلى تراجعهم في نهاية المطاف، وعليه فمن الممكن ظهور حكومة وحدة وطنية كحل اقترحه أدرعي، الأمر الذي قد يوفر مخرجاً لنتنياهو يعطيه وقتاً لإعادة تشكيل مستقبل السياسة الإسرائيلية.
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)