مع دخول عملية الاحتلال العسكرية في جنين ومحيطها أسبوعها الثاني، ازدادت ظروف قتامة الحياة بالنسبة للفلسطينيين، حيث أكدت بلدية جنين يوم الأحد أن جيش الاحتلال جرف 70% من شوارع المدينة، كما قطع المياه عن 80% من المنازل، وهدم 20 كيلومتراً من شبكات المياه والصرف الصحي وكابلات الاتصالات والكهرباء.
وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية ـ فقد ارتقى 19 شهيداً من المحافظة من بين الفلسطينيين الـ 33 الذين استشهدوا في أكبر غزو للاحتلال للضفة الغربية بعد الانتفاضة الثانية.
ومن بين الشهداء سبعة أطفال، منهم فتاة تبلغ من العمر 16 عاماً، تدعى لجين مصلح، استشهدت برصاص قوات الاحتلال في بلدة كفر دان بمحافظة جنين يوم الثلاثاء.
وقال إبراهيم مصلح، أحد أقارب لجين، لموقع ميدل إيست آي إن قناصة من جيش الاحتلال تمركزوا في عدة مبان في المنطقة بعد اقتحام الجيش لقرية كفر دان، موضحاً أن لجين كانت تنظر من نافذة منزلها عندما أطلق قناص إسرائيلي النار عليها مباشرة وأصابها في رأسها في اللحظة التي سحبت فيها الستارة.
وأضاف: “بدأ والداها وأخواتها بالصراخ والبكاء لكنها همدت جثة بلا حراك، لقد بدا الأمر وكأنها قُتلت على الفور لأن الرصاص كان متفجراً ودمر دماغها”.
وأوضح مصلح أن سيارة إسعاف أُرسلت إلى منزل لجين تعرضت لنيران قناصة الاحتلال قبل أن تنجح في الوصول إلى المنطقة في النهاية بعد 20 دقيقة، بينما لم تكن الطريق تستغرق دقيقتين في الظروف العادية.
وقال مصلح: “لجين هي المولودة الثالثة بين أشقائها الستة، كانت مهذبة وهادئة، صلت الفجر مع والدها في ذلك اليوم وقرأت القرآن.
وأردف: “كانت تدعو الله طيلة الوقت أن ينتهي هذا الاقتحام الهمجي لتتمكن من العودة إلى المدرسة، إلا أن رصاصات جيش الاحتلال قتلت أحلامها”.
وكانت وسائل إعلام الاحتلال قد ذكرت يوم الأربعاء أن الجيش قرر تمديد عملياته في جنين، والتي كان من المقرر في الأصل أن تنتهي يوم الثلاثاء، حيث أفادت التقارير أن الجيش أرسل تعزيزات إلى جنين وطولكرم وسط استمرار الاشتباكات مع المسلحين الفلسطينيين.
وقال نضال العبيدي، رئيس بلدية جنين، لـ “ميدل إيست آي” أن عمليات الاحتلال جعلت المدينة تبدو وكأنها خرجت من زلزال، وأن المناطق الأكثر تضررا هي الأحياء الشرقية، حيث يقع مخيم جنين للاجئين.
وتتمركز قوات الاحتلال في المناطق الشرقية للمدينة منذ عدة أيام، وتحاصر المنطقة أثناء تنفيذ عمليات التجريف والهدم.
وقال العبيدي: “لم ترد أي معلومات من المخيم بسبب الحصار المشدد وقطع الكهرباء والمياه والاتصالات، حيث دمرت منطقة الساحة التجارية، التي تعتبر قلب جنين، بالكامل وتوقف التسوق تماماً، وتم هدم العديد من المحلات التجارية وحرقها وسط نقص حاد في الغذاء والدواء”.
وأضاف رئيس البلدية أن قوات الاحتلال “احتلت العديد من المنازل وطردت أصحابها منها كما قام الجنود بفتح ثقوب في الجدران لتسهيل الحركة بينها”.
وتحاول طواقم البلدية والمتطوعون تقديم المساعدات للسكان، لكن بعض المناطق محظورة بسبب نيران الاحتلال المكثفة، حيث تعرضت سيارة عبيدي لإطلاق نار قبل أيام أثناء محاولته الإشراف على عمال البلدية.
ورغم تمكن البلدية من إعادة المياه والكهرباء إلى مناطق معينة، إلا أن الوضع كما يقول العبيدي لا يزال صعبا في ظل استمرار حصار مستشفيات جنين.
وأوضح عبيدي أن مستشفى جنين الحكومي اضطر إلى إيقاف العمليات في عدة أقسام بسبب نقص المياه والكهرباء ونقص الإمدادات الطبية، مضيفا أن مرضى غسيل الكلى تم نقلهم إلى نابلس لمواصلة علاجهم، معتبراً أن “ما يحدث في جنين ينذر بكارثة بيئية وغذائية وشلل كامل للحياة”.
وختم يقول: “العام الدراسي على الأبواب، وكان من المفترض أن يبدأ المعلمون عملهم الأحد الماضي، إلا أنهم لم يتمكنوا من الوصول إلى مدارسهم.”