بقلم مها الحسيني وأحمد عبد العزيز
ترجمة نجاح خاطر
لمدة ثلاث ساعات تحت عتمة ليل سماء غزة، قامت فرق البحث والإنقاذ بانتشال الجثث والناجين من بين أكوام الرمال، لكنهم توقفوا مرهقين في نهاية المطاف بانتظار شروق الشمس ومعرفة ما تبقى.
وصلت الفرق بعد دقائق من قصف طائرات الاحتلال لمنطقة في المواصي بجنوب غزة صنفتها سلطات الاحتلال نفسها على أنها “منطقة إنسانية”.
وعند منتصف ليل الثلاثاء، سقطت القنابل على خيام تؤوي فلسطينيين نازحين، مما أدى إلى تكون حفر واسعة في الأرض وقتل 40 شخصاً، وفقًا للسلطات المحلية.
وقال شهود عيان لموقع ميدل إيست آي أن الانفجارات بدت وكأنها “زلزال هز المنطقة”، وأنهم عندما وصلوا إلى موقع القصف وجدوا الشهداء “بأطراف مبتورة” ملقين على الأرض.
وقال علاء الشاعر، أحد سكان المواصي المسنين، أن “الساعة كانت حوالي 12.30 أو 1 صباحاً، وكنت نائماً في العريشة خارج منزلي عندما رأيت فجأة صواريخ تسقط ورمالاً تتطاير علينا، لقد قصفوا المنطقة بحوالي أربعة أو خمسة صواريخ”.
“لا يزال هناك مفقودون تحت الرمال، قبل قليل، انتشلوا رأساً ويداً وساقاً، لا يزال الناس مدفونين، وأسرهم تبحث عنهم، كانوا نائمين وقصفتهم الطائرات، المنطقة مكتظة بالناس والخيام” – أم محمود، نازحة فلسطينية
كانت شقيقات الشاعر وأصهاره وبناته يقمن معه، حيث حضروا جميعاً بناء على تعليمات جيش الاحتلال للفلسطينيين بالانتقال إلى هذه المناطق “الآمنة”.
وعن ذلك قال الشاعر: “لذلك جاء الجميع إلى هنا، لقد صُدمنا بما فعلوه”.
انضم الشاعر إلى العشرات من السكان والنازحين الذين بدأوا في إزالة أكوام الرمال وإنقاذ المدفونين أحياء قبل وصول فرق البحث والإنقاذ التابعة للدفاع المدني.
وتابع يقول: “الله وحده يعلم كيف أنقذنا الناس، لقد قمنا بإزالة الرمال والخيام عنهم بأيدينا، كان انتشال الضحايا صعباً للغاية، لقد حاولنا إنقاذ النساء والأطفال ولكن الرمال غطت الخيام والناس”.
وأضاف: “لم نتمكن من العثور على بعض الخيام، لقد دُفنت بالكامل، حاول الدفاع المدني انتشالها أثناء الليل ولكن لم يتمكن، وما زلنا ننتظر انتشالها”.
وفقاً للدفاع المدني في غزة، فقد استشهد ما لا يقل عن 40 شخصاً وجُرح 60 آخرون في الهجوم، الذي وقع دون أي أوامر مسبقة بالإخلاء.
وقال الشاعر: “لم أر الشهداء، لكن الناس قالوا ان هناك امرأة مقطوعة الرأس، وأطفالاً وأفراداً من عائلتي الشاعر وفوجو قد استشهدوا، كل من استشهد كانوا أشخاصاً عاديين، لم نسمع قط أن أياً منهم عمل مع المقاومة من قبل”.
من جهته، ادعى جيش الاحتلال أنه استهدف مركز قيادة لحماس في المنطقة الإنسانية في خان يونس، مضيفاً أن “العديد من الخطوات اتخذت للحد من فرصة إيذاء المدنيين، بما في ذلك استخدام الأسلحة الدقيقة، والمراقبة الجوية، ومعلومات استخباراتية إضافية”.
ولم ينشر جيش الاحتلال أدلة تدعم ادعاءاته التي نفتها حماس بدورها.
وفي حديثه إلى جانب وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، وصف وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي الغارة بأنها “مذهلة” وقال إنها أظهرت الحاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار.
“مثل الزلزال”
وشهدت عائشة نايف الشاعر، وهي امرأة مسنة تسكن في المواصي، سحب أطراف مبتورة للشهداء من تحت الرمال.
وقالت لموقع ميدل إيست آي: “كنا نائمين عندما بدأ القصف فجأة، فبدأنا في الركض ووجدنا أشخاصاً ممددين على الأرض، بعضهم كانت أرجلهم مقطوعة، والبعض الآخر كانت رؤوسهم مقطوعة، وكان الناس يحملونهم”.
وقال شهود أن القصف استهدف ما لا يقل عن 20 خيمة مؤقتة تؤوي عائلات في المنطقة الرملية الساحلية بالقرب من مدينة خان يونس، وهي منطقة لا تتوفر فيها سوى القليل من البنية الأساسية.
وكان مئات الآلاف من الفلسطينيين قد نزحوا إلى منطقة المواصي بعد أن طالبهم الاحتلال بمغادرة شمال وشرق غزة بعد وقت قصير من اندلاع الحرب في أكتوبر/تشرين الأول.
ومنذ بدأت دولة الاحتلال عملياتها العسكرية في مدينة رفح الجنوبية في مايو/أيار، تضاعف عدد النازحين في منطقة المواصي، وهو الوضع الذي تفاقم بسبب الهجمات على خان يونس وأجزاء من وسط غزة.
“أنا هنا منذ تسعة أشهر ولم أر أي مقاتلين في هذه المنطقة، الجميع هنا هم من النساء والأطفال وكبار السن والناس العاديين” – أم محمود، نازحة فلسطينية من المواصي
وشهدت منطقة المواصي هجوماً مماثلاً في 13 يوليو/تموز، عندما أسفرت الغارات الجوية على النازحين الفلسطينيين عن استشهاد 88 شخصاً على الأقل وإصابة 289 آخرين، وفقاً لوزارة الصحة في غزة.
ووصفت أم محمود، النازحة الفلسطينية التي لجأت إلى منطقة المواصي منذ تسعة أشهر، الهجوم بأنه “مروع”.
وقالت: “سمعنا خمس انفجارات وشعرت وكأنها زلزال في المنطقة، كان الظلام دامساً، وكنا جميعاً نائمين، وخرج الأطفال يبكون، كان الناس ممزقين إلى أشلاء، ومعظمهم من النساء والأطفال”.
للإطلاع على النص الأصلي من (هنا)