رئيس الوزراء الفرنسي السابق يدين صمت بلاده تجاه العدوان على غزة ويعتبره “أكبر فضيحة تاريخية”

أدان رئيس الوزراء الفرنسي السابق دومينيك دو فيلبان “الصمت” الفرنسي المتواصل حيال عدوان الاحتلال على غزة وانتقد “تنحي” الحكومة الفرنسية عن الصراع الدائر هناك.

جاء ذلك خلال مقابلة إذاعية له مع فرانس إنتر يوم الخميس عبر فيها عن غضبه إزاء الاستجابة السياسية والإعلامية الفرنسية لعدوان الاحتلال على غزة.

وركز رئيس الوزراء الفرنسي السابق كل ردوده في إطار العدوان على غزة حتى عندما سُئل عن قضايا أخرى من قبيل تعيين ميشيل بارنييه رئيساً للوزراء والتحديات السياسية والاقتصادية التي تواجه فرنسا.

وعندما أوردت الصحفية التي تدير المقابلة عدد الشهداء في غزة ونسبته إلى “وزارة الصحة التابعة لحماس”، قاطعها دو فيلبان بسرعة قائلاً: “أسمع ذلك طوال الوقت، ليست وزارة الصحة التابعة لحماس وحدها التي تقول أن هناك 40 ألف قتيل، وربما يكون هناك الكثير غير ذلك، دعونا لا نعطي الانطباع بأن هذا رقم منفصل عن الواقع”.

“للأسف إنه واقع يومي في غزة، الأجساد متناثرة والقلوب متناثرة والأرواح متناثرة والرؤوس متناثرة” – دومينيك دو فيلبان، رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق

هذا وأعلنت السلطات الفلسطينية عن حصيلة جديدة يوم الخميس بلغت 41.118 شهيداً في غزة و95.125 جريحاً منذ بدء الحرب قبل عام تقريباً.

وقال دو فيلبان أنه لا يوجد “أفق” كما يبدو لإعادة الإعمار،  وأضاف: “إسرائيل تعمل على تهيئة الظروف لإعادة احتلال غزة”.

وأوضح دو فيلبان: “سواء كان ذلك على الخط الجنوبي أو على الخط الذي يقطع القطاع في المنتصف، فإن إسرائيل من خلال إنشاء محيط حوله قد استعادت السيطرة على غزة، لقد أصبحت غزة محاصرة بالكامل”.

وحذر دو فيلبان من أنه “في الوقت الذي تنهار فيه الضفة الغربية نفسها، كما نرى في الشمال والجنوب، فإننا أمام قدر ضغط حقيقي”.

ووصف رئيس الوزراء الفرنسي السابق وهو من يمين الوسط، والذي خدم تحت قيادة جاك شيراك من عام 2005 إلى عام 2007، وصف العدوان على غزة بأنه “الفضيحة التاريخية الأعظم بلا شك، والتي لم يعد أحد يتحدث عنها في هذا البلد”.

وأوضح “إنه صمت، ثقل من الرصاص، وسائل الإعلام لا تناقشه، علي أن ألجأ إلى غوغل للعثور على أخبار تعطيني عدد القتلى في غزة، إنها فضيحة حقيقية من حيث الديمقراطية”.

وتابع: “وكل هذا باسم ماذا؟ حرب؟ إنها حرب هكذا هو الحال، ومع ذلك، فهي ليست حرباً تماماً مثل الحروب الأخرى، هؤلاء هم السكان المدنيون الذين يموتون، نحن في حالة عبثية وفرنسا تتنحى جانباً”.

وعندما سئل دو فيلبان عما ينبغي لفرنسا أو الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة أن تفعله، أشار إلى أن الغرب لديه “أدوات فيما يتصل بالتسليح وفي المجال الاقتصادي”. 

وقال: “نحن نواصل قبول التجارة مع الأراضي التي ينشط فيها الاستعمار الإسرائيلي، ولكننا نرفض استخدام هذه الأدوات تحت حجج غير مسبوقة على الإطلاق”.

وتساءل: “يجب السماح لإسرائيل بخوض حربها حتى النهاية؟ ولكن إلى أي غاية؟ يقول يوآف غالانت، وزير الدفاع الإسرائيلي، إن حماس تم القضاء عليها في غزة، فما هي الغاية إذن؟”

اشتهر دو فيلبان بخطابه في فبراير/شباط 2003 أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بصفته وزيراً للخارجية، حيث أعرب عن معارضة فرنسا للتدخل العسكري للحلفاء في العراق، وعُرف باعتباره منتقداً صريحاً لسياسة إسرائيل في الأراضي الفلسطينية.

وفي أعقاب الهجوم الذي قادته حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، والذي أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص وأسر نحو 250 آخرين، قال دو فيلبان إنه “لم يفاجأ بهذه الكراهية”.

“لا يمكن لإسرائيل أن تكون آمنة ما لم يتم الاعتراف بدولة فلسطينية إلى جانبها تتقاسم معها المسؤولية عن الأمن في هذه المنطقة” – دومينيك دو فيلبان

وقال دو فيلبان في ذلك الوقت: “لقد فوجئت بحجم وفظاعة ووحشية ما حدث في السابع من أكتوبر، والذي يدعونا جميعاً إلى التصرف بإنسانية وتضامن تجاه إسرائيل والشعب الإسرائيلي”.

لكنه استدرك مضيفاً: “في المقابل، يجب أن أقول ذلك وأقوله بحزن لا نهاية له، أنا لست مندهشاً من هذه الكراهية التي تم التعبير عنها”.

وأردف بالقول أنه “عندما نتذكر غزة منذ عام 2006، وحروب 2008، 2012، 2014 وفي عام 2021 – عندما نتذكر هذا السجن المفتوح، هذا القدر المضغوط، ليس من المستغرب أن مثل هذا الوضع قد يدعو إلى الجحيم على الأرض”.

وفي حين دعا الرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون مرارا وتكرارا إلى وقف إطلاق النار في غزة وأدان الهجمات ضد المدنيين، إلا أن هذه التصريحات لم تترجم على ما يبدو إلى عمل فعال واستخدام الوسائل المتاحة لفرنسا للضغط على إسرائيل.

وفي يونيو/حزيران، عندما سئل عن إمكانية اعتراف فرنسا بدولة فلسطين، على غرار العديد من الدول الأوروبية مثل إسبانيا والنرويج وأيرلندا، أجاب ماكرون بأن هذا ليس “الحل الصحيح”.

وأضاف “ليس من المعقول أن نفعل ذلك الآن، أنا أندد بالفظائع التي نراها بنفس السخط الذي يشعر به الشعب الفرنسي، لكننا لا نعترف بدولة على أساس السخط”.

كما انتقدت جماعات حقوق الإنسان ووسائل الإعلام الاستقصائية واتهمها بالافتقار إلى الشفافية المحيطة بمبيعات الأسلحة الفرنسية لإسرائيل.

وخلال الأسبوع الماضي، تناول تقرير نشرته مؤسسة ميديابارت الإعلامية الفرنسية تسليم فرنسا معدات عسكرية بقيمة 30 مليون يورو (33 مليون دولار) لإسرائيل في عام 2023.

ونظراً لأن التقرير، المستند إلى بيانات وزارة الدفاع المقدمة إلى البرلمان، لا يحدد الأشهر التي تضمنها تسليم السلاح، فقد أشارت ميديابارت إلى أنه من المستحيل تحديد ما إذا كانت هذه التسليمات استمرت بعد بدء الهجوم الإسرائيلي على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول، مضيفة أن وزارة القوات المسلحة لم توضح القضية.

في هذه الأثناء، أدان ناشطون في البلاد القمع المتزايد للأصوات المؤيدة لفلسطين منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، مع إطلاق مئات التحقيقات في تصريحات حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني تحت ما يسمى جريمة “الاعتذار عن الإرهاب”.

مقالات ذات صلة