طلب أربعة ناشطين وقادة مجتمع مدني مقيمين في المملكة المتحدة من شرطة العاصمة التحقيق في عملية الاختراق التي يُعتقد أنهم تعرضوا لها من خلال برنامج التجسس بيغاسوس.
وفي شكوى جنائية تم رفعها هذا الأسبوع، اتهم المستهدفون الأربعة ثلاث شركات بانتهاك قوانين المملكة المتحدة عبر تمكين اختراقهم ببرامج التجسس لدول سيئة السمعة بانتهاكات حقوق الإنسان.
والشركات المذكورة في الشكوى المكونة من 98 صفحة والتي اطلع عليها موقع ميدل إيست آي هي مجموعة NSO المطور الإسرائيلي لبرنامج بيغاسوس والشركة الأم، Q Cyber Technologies ومقرها لوكسمبورج، وشركة Novalpina Capital، وهي شركة استثمارية خاصة مقرها لندن اشترت شركة NSO في عام 2019.
ويعتقد المحققون أن هواتف الرجال الأربعة استهدفت من قبل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ببرنامج بيغاسوس على الأراضي البريطانية بين عامي 2018 و2020.
وتعد قضايا المدعين الأربعة من بين العديد من الهجمات المزعومة التي شملت برنامج بيغاسوس على الأراضي البريطانية في السنوات الأخيرة، بما في ذلك استهداف مكتب رئيس الوزراء، ووزارة الخارجية والكومنولث والتنمية، وعضو مجلس اللوردات، البارونة فيونا شاكلتون، عندما كانت تعمل ممثلة قانونية للأميرة هيا من دبي.
ولم تتخذ الحكومة البريطانية أي إجراءات قانونية ضد المسؤولين عن هذه الهجمات.
وقالت ليانا بورنارد، المحامية في شبكة العمل القانوني العالمية ومقرها المملكة المتحدة والتي أعدت الشكوى، إن هذه فرصة “لضحايا الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان للحصول على العدالة أخيراً”.
“لقد استخدمت جهات خبيثة في الخارج برنامج بيغاسوس لتقويض سيادة المملكة المتحدة وتهديد قيمها الديمقراطية، ومن المصلحة الوطنية أن يُحاسب المسؤولون عن هذه الاختراقات لإثبات أن الهجمات على المدافعين عن حقوق الإنسان على الأراضي البريطانية لن يتم التسامح معها” – ليانا بورنارد، شبكة العمل القانوني العالمية
ولم تستجب مجموعة NSO لطلب التعليق من موقع ميدل إيست آي، لكن جيل لانير، نائب رئيس الاتصالات العالمية في NSO، قال لموقع The Intercept: “بسبب القيود التنظيمية، لا يمكننا تأكيد أو نفي أي عملاء محددين مزعومين.
وأضاف: “تلتزم NSO بجميع القوانين واللوائح وتبيع تقنياتها حصرياً لوكالات الاستخبارات وإنفاذ القانون المعتمدة”.
وأردف يقول: “يستخدم عملاؤنا هذه التقنيات يومياً، حيث تواصل بيغاسوس لعب دور حاسم في إحباط الأنشطة الإرهابية وتفكيك الحلقات الإجرامية وإنقاذ آلاف الأرواح”.
“ليالٍ بلا نوم”
وذكر أحد ضحايا عمليات الاختراق ويدعى يوسف الجمري، وهو ناشط بحريني تعرض للتعذيب على يد الحكومة البحرينية، إنه شعر بالصدمة عندما أدرك أن هاتفه قد تعرض للاختراق في المملكة المتحدة حيث طلب اللجوء.
وقال: “لقد أمضيت ليالٍ لا حصر لها بلا نوم خوفاً من الأذى المحتمل الذي قد يلحق بأولئك الذين ائتمنوني على معلوماتهم الحساسة”.
ودعا الجمري الشرطة إلى محاسبة المسؤولين عن ذلك، وأوضح أنه: “يجب التعامل مع الهجمات الإلكترونية على الخصوصية الشخصية بنفس الجدية التي يتم التعامل بها مع اختراق البنوك، ويجب محاسبة المجرمين، ولا ينبغي لأحد أن يكون فوق القانون”.
أما الضحايا الثلاثة الآخرون الذين تقدموا بالشكوى فهم أنس التكريتي، مؤسس ورئيس مجلس إدارة مؤسسة قرطبة التي تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها، وعزام التميمي، الأكاديمي والناشط البريطاني الفلسطيني، ومحمد كزبر، رئيس مسجد فينسبري بارك في لندن.
وكان التكريتي، الذي يعمل مفاوضاً في قضايا الرهائن، في خضم مفاوضات لإطلاق سراح امرأة شابة عندما تم اختراق هواتفه، وحتى يومنا هذا، لا يعرف ما حلّ بالمرأة.
وقال: “إذا لم يتم البت في هذه القضية، فيمكننا أن نقول وداعاً للحريات العامة والشخصية والحريات المدنية وحقوق الإنسان في البلدان التي تحكمها أنظمة استبدادية”.
كما سعى الرجال الأربعة إلى تحقيق العدالة من خلال الدعاوى المدنية في المحاكم البريطانية، ولكن لم يتم حل أي من هذه القضايا أو الحصول على أحكام.
وقالت مونيكا سوبيكي، الشريكة في شركة المحاماة Bindmans في لندن، والتي مثلت المدعين قانونياً أن الشكوى قد تكون “لحظة محورية”.
وأردفت: “على الرغم من تقديمها في المملكة المتحدة، فإننا نأمل أن ترسل الشكوى الجنائية موجات صدمة إلى صناعة برامج التجسس على مستوى العالم، لإثبات أنه لا توجد شركة تكنولوجيا فوق القانون”.