اعتقلت السلطات الفرنسية صباح الثلاثاء ناشطاً فرنسياً بارزاً بتهمة القيام بأعمال وصفت بـ “التحريض على ارتكاب جرائم” خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين في 8 سبتمبر/أيلول.
وكان إلياس دي إمزالين قد سأل الحشود خلال الفعالية التي أقيمت في العاصمة الفرنسية: “هل نحن مستعدون لقيادة الانتفاضة في باريس؟ في ضواحينا؟ في أحيائنا؟”.
وأضاف: “طريق التحرير يبدأ من باريس، قريباً ستتحرر القدس وسنكون قادرين على الصلاة في المسجد الأقصى”.
ووجه دي إمزالين اتهامات للرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون بالتواطؤ في عدوان الاحتلال على غزة.
وقال دي إمزالين: “الإبادة الجماعية لها شركاء يُطلق عليهم بايدن وماكرون، ماكرون لص الانتخابات، أليس كذلك؟ نحن نعرف اللصوص الذين يعيشون في قصر الإليزيه وماتينيون”، في إشارة إلى مقر إقامة الرئيس الفرنسي ورئيس الوزراء.
وفي إشارة إلى الاتهامات الموجهة إلى الرئيس الفرنسي بعدم احترام نتيجة الانتخابات المبكرة التي دعا إليها في يونيو/حزيران برفضه تعيين رئيس وزراء من الأحزاب اليسارية الفائزة في التصويت، تساءل الناشط الفرنسي: “هل نحن مستعدون لطردهم أيضاً؟”.
وكان وزير الداخلية الفرنسي في ذلك الوقت جيرالد دارمانين قد قام بإبلاغ المدعي العام بتصريحات دي إمزالين فور إدلائه بها.
واتهم دارمانين الناشط المؤيد لفلسطين بـ “التحريض على التسلح ضد سلطة الدولة أو ضد جزء من السكان، والتحريض على الهجمات المتعمدة على حياة وسلامة الناس، وفي هذه الحالة حملة الجنسية الإسرائيلية أو أتباع الديانة اليهودية، وكذلك من هم في مناصب السلطة العامة”.
وتركز القضية التي أعلنت النيابة العامة أنها ستفتح تحقيقاً بها على عدة جرائم بما في ذلك التحريض على الكراهية أو العنف ضد شخص أو مجموعة من الأشخاص على أساس أصلهم أو أمتهم أو عرقهم أو دينهم المحدد، والتحريض العلني المشدد على ارتكاب هجمات متعمدة على الحياة أو السلامة البدنية، والتحريض العلني على ارتكاب جرائم أو مخالفات تقوض المصالح الأساسية للأمة.
وتلقى دي إمزالين دعماً من منظمات مختلفة بما فيها الأحزاب السياسية اليسارية كالحزب الجديد المناهض للرأسمالية (NPA) وحزب فرنسا المتمردة (LFI).
وأشارت عضو البرلمان عن الحزب الجديد المناهض للرأسمالية إرسيليا سوديس في مقطع فيديو نُشر على منصة X إلى أنها استخدمت حقوق الزيارة الخاصة بها كعضو في البرلمان لإجراء زيارة مفاجئة لمركز الشرطة في الدائرة السابعة عشرة في باريس حيث يُحتجز دي إمزالين.
وقالت سوديس: “أريد أن أعبر عن حقيقة أنني لا أستطيع تحمل المعايير المزدوجة، والتي تعني أن كلمة انتفاضة التي استخدمها دي إمزالين قد استخدمها أشخاص آخرون، ولم يتم التحقيق معهم، ولكن لأنه مسلم، يتم الاشتباه به على الفور بأنه إرهابي”.
وأضافت سوديس: “الشيء الثاني الذي أريد قوله هو أنه في رأيي، فإن مؤيدي الإبادة الجماعية هم من يجب أن يكونوا في الحجز الآن”.
كما أدانت منظمة كيج إنترناشيونال البريطانية غير الحكومية اعتقال دي إمزالين، ووصفت القضية بأنها “أحدث مثال على الجهود المستمرة التي تبذلها الدولة الفرنسية لإسكات الأصوات الإسلامية المعارضة بأي وسيلة ممكنة”.
وعلق ريان فريشي، الباحث في منظمة كيج، على القضية قائلاً: “نحن نشهد كيف أن إدانة الإبادة الجماعية في غزة وكشف مرتكبيها أصبح بمثابة جريمة، حيث يتم عمداً تفسير تصريحات التضامن بشكل خاطئ لتبرير الملاحقات القضائية المسيسة تحت ستار التحريض أو تقويض الأمن القومي”.
يذكر أن دي إمزالين، 45 عاماً، هو أحد مؤسسي موقع Islam et Info وعضو نشط في مجموعة Urgence Palestine.
وكان دي إمزالين قد أُدرج على قوائم مراقبة الشرطة منذ عام 2021 بموجب ما يسمى “بطاقة S”، والتي تتعلق بالأفراد الذين يُعتبرون تهديداً خطيراً لأمن الدولة، بالإضافة إلى ملف منع هجمات السلامة العامة (FPASP)، للأشخاص “المحتمل أن يشاركوا في أعمال عنف جماعي، وخاصة في المناطق الحضرية أو أثناء الأحداث الرياضية”.
وقال المدعي العام أنه جرى تمديد احتجاز دي إمزالين لدى الشرطة، والذي بدأ يوم الثلاثاء، لمدة 24 ساعة.
وأدان الناشطون في فرنسا القمع المتزايد للأصوات المؤيدة لفلسطين منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، مع إطلاق مئات التحقيقات في تصريحات حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني تحت بند ما يسمى بجريمة “تمجيد الإرهاب”، وهي التهمة التي تنطوي على الدفاع عن أعمال إرهابية أو تصويرها بشكل إيجابي.
ومن بين أبرز الشخصيات المتهمة بالترويج للإرهاب النائبة البرلمانية ماتيلد بانو والنائبة البرلمانية الأوروبية ريما حسن، وكلاهما من حزب اليسار الفرنسي، فضلاً عن الخبير الفرنسي البارز في الإسلام السياسي فرانسوا بورغات.
وتم استدعاء هذه الشخصيات من قبل الشرطة في أعقاب شكاوى تقدمت بها الجمعية اليهودية الأوروبية، وهي منظمة غير حكومية فرنسية تتألف من محامين متطوعين، اتهمتهم “بإضفاء الشرعية على تصرفات حماس في تصريحاتهم”.