تحت الدوي المتواصل والمزعج لطائرات الاحتلال المسيرّة، تخيم أجواء التوتر فوق العاصمة اللبنانية بيروت، حيث تزدحم المدينة بالسكان مع توافد مئات الآلاف من الذين لجأوا إلى شوارعها وساحاتها وشاطئها في الأيام القليلة الماضية.
وتزدحم شوارع المدينة بالسيارات المتوقفة والتي تعود لأولئك الذين نزحوا من الضاحية الجنوبية ومن مناطق لبنانية أخرى حيث لا يجدون أي مكان آخر يذهبون إليه، وهو ما اضطر العديد من العائلات إلى النوم داخل سياراتهم.
ويقول علي عباس، وهو فلسطيني مقيم في حي الطريق الجديدة في بيروت “هناك الكثير من الازدحام هنا، إذا كان هناك غزو بري كبير، سوف نضطر إلى الانتقال إلى مكان آخر من أجل أطفالي”.
وعباس لاجئ فلسطيني جاء من الأساس إلى لبنان فراراً من الحرب في سوريا، وهو يخشى أن يضطر إلى النزوح مرة أخرى إذا غزا المحتلون لبنان.
وكانت دولة الاحتلال قد أعلنت يوم الاثنين أنها وافقت على خطط لما أسمتها عملية برية “محدودة” في لبنان، مما أثار مخاوف الكثيرين من خطط لغزو أوسع نطاقاً في البلاد.
وأصدرت دولة الاحتلال يوم الثلاثاء أوامر لسكان عدة بلدات جنوب لبنان بمغادرة منازلهم والبقاء فوق نهر الأوّلي، على بعد حوالي 60 كيلومترًا من الحدود وحوالي 30 كيلومترًا فوق نهر الليطاني الذي كانت دولة الاحتلال تطالب بإبعاد قوات حزب الله إلى شماله.
وفي حي الطريق الجديدة، حيث لجأ العديد من النازحين اللبنانيين من الجنوب والشرق والضاحية، تحطم الشعور بالأمان عندما ضربت مسيّرة إسرائيلية مبنى على دوار الكولا المزدحم في بيروت يوم الأحد.
وردد عباس المخاوف التي يشعر بها الكثيرون في الوقت الحالي: “لقد تلاشى شعورنا بالأمن”، في حين قالت دلال، التي اضطرت إلى الفرار من بلدتها الجنوبية كفر رمان عندما شن الاحتلال حملة قصف دموية عبر لبنان في 23 سبتمبر/أيلول: “نحن نخشى من عدوان الاحتلال”.
دمر منزل دلال، كما تعرض منزل أقاربها الذي لجأت إليه في الضاحية الجنوبية للقصف وباتت الآن مع أفراد عائلتها يعيشون على درج مسجد محمد الأمين في وسط بيروت، ويعتمدون على حزم المساعدات للبقاء على قيد الحياة ويخشون ما قد يحدث بعد ذلك.
وقالت دلال: “إذا غزت إسرائيل لبنان، فعلينا أن نعد أنفسنا للنزوح، هذا كل شيء”.
وأضافت: “إذا رحل السيد، فما الذي سيحمينا؟”، في إشارة إلى قائد حزب الله حسن نصر الله، الذي تم اغتياله في هجوم ضخم للاحتلال على الضاحية يوم الجمعة.
أما حزب الله فيقول بدوره أنه وعلى الرغم من الخسائر الفادحة التي تكبدها خلال الأسابيع الأخيرة، وخسارة معظم قياداته العليا وإصابة مئات من أعضائه بجروح خطيرة في هجوم أجهزة النداء، إلا أنه مازال مستعدًا لمواجهة أي غزو للأراضي اللبنانية.
وقالت صفاء، التي نزحت من الضاحية وتنام الآن على رصيف كورنيش بيروت: “سنهزم المحتلين، وعليهم أن لا يحلموا بدخول لبنان”.
وعلى الرغم من الخوف، لا يزال الكثيرون واثقين من قدرة حزب الله على الصمود وصد غزو الاحتلال.
وتعتمد صفاء وعائلتها حالياً على التبرعات الغذائية من الأهالي بينما يستخدمون دورة المياه في المقهى المحلي القريب.
وتقول صفاء إنها كانت ستبقى في الضاحية رغم الهجمات لولا والدتها المريضة، مضيفة: “أنا لست خائفة، سنهزم الإسرائيليين”.
وأضافت: “كما قال لنا السيد فإن علينا الصبر”، في إشارة إلى ما اعتاد نصر الله على قوله لأتباعه.