كيف يمكن لحرب إقليمية أن تدمر اقتصادات الشرق الأوسط؟

بقلم حسين شكر

ترجمة وتحرير نجاح خاطر 

شكل الهجوم الصاروخي الذي شنته طهران على دولة الاحتلال هذا الشهر تصعيداً خطيراً في الصراع الدائر في الشرق الأوسط، وجاء رداً مباشراً على حملة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو العدوانية لاستهداف “محور المقاومة”.

ويبدو أن نتنياهو مازال عازماً على جر الولايات المتحدة إلى مواجهة مع إيران، حتى في ظل خطر إثارة حرب إقليمية تهدد الاستقرار العالمي، فقد كان يعمل من أجل تحقيق هذا الهدف لسنوات. 

فقبل عقد من الزمان، كان نتنياهو يدعو بإصرار إلى منع إبرام الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، بل إنه دعا حتى إلى شن ضربات على المواقع النووية الإيرانية، واليوم، وبعد مرور عام على عدوان الاحتلال على غزة، يواصل إثارة بواعث حرب إقليمية أوسع نطاقاً من خلال مهاجمة كبار المسؤولين العسكريين الإيرانيين وحلفائهم في حزب الله وحماس.

وبلغ التصعيد من قبل الاحتلال ذروته الشهر الماضي عبر الانفجارات المنسقة لأجهزة النداء واللاسلكي في لبنان، تلاها اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في هجوم كبير على بيروت.

يمكن لنتنياهو الاعتقاد أن جر الولايات المتحدة إلى حرب مع إيران لن يبعث الروح في حياته السياسية فحسب، بل قد يتوجه أيضاً باعتباره السياسي الإسرائيلي الذي صاغ الشرق الأوسط لصالح أمن دولة الاحتلال، في خطوة يمكن أن تكون كارثية على المنطقة والعالم برمته.

إذ سيكون لمثل هذه الخطوة عواقب سياسية واقتصادية وإنسانية سلبية، مما يؤدي إلى زعزعة الاستقرار وانهيار الأنظمة الحاكمة، حيث إن تعطيل التجارة، إلى جانب النزوح الواسع النطاق وفقدان الأرواح، من شأنه أن يطغى على أنظمة المساعدات الإقليمية المنهكة بالفعل.

التأثيرات المتتالية

يعتبر الشرق الأوسط منطقة ذات أهمية جيوسياسية فريدة من نوعها، فهو يضم ثلاثاً من أكثر نقاط الاختناق الاستراتيجية للطاقة في العالم وهي مضيق هرمز وقناة السويس ومضيق باب المندب، والتي تسهل معاً حوالي نصف تجارة النفط البحرية الدولية، التي من شأن تعطيلها أن يشكل تهديداً كبيراً لاستقرار أسواق الطاقة العالمية.

وفيما تملك الدول الغربية مصادر متنوعة لواردات النفط، فإنها لن تكون محصنة ضد صدمات الأسعار ومشاكل سلاسل التوريد، وفي وقت يشهد ضغوطاً اقتصادية كبيرة وتضخماً جامحاً، فإن التأثيرات المتتالية قد تؤدي إلى إثارة الاضطرابات الاجتماعية.

وفي مختلف أنحاء الشرق الأوسط، ستكون آثار الصراع المتصاعد الذي قد يؤدي إلى إغلاق طرق النفط شديدة التأثير، وستضرب الأزمة البلدان التي تعتمد على صادرات النفط لدعم اقتصاداتها مثل العراق والكويت والمملكة العربية السعودية وقطر، وغيرها.

تعتمد البحرين، التي تمر سفنها عبر مضيق هرمز، على صادرات النفط لتمويل أكثر من 60% من ميزانيتها الوطنية، وسوف يكون إغلاق المضيق كارثياً بالنسبة لاقتصاد الدولة الخليجية الصغيرة.

أما المملكة العربية السعودية، أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، فيمرّ أكثر من ستة ملايين برميل من نفطها يومياً عبر الممرات المائية الاستراتيجية في الخليج، وتجني مئات المليارات من الدولارات من العائدات السنوية.

وتنتج الإمارات العربية المتحدة نحو ثلاثة ملايين برميل يومياً وتتطلع إلى الاقتراب من ضعف هذا الرقم في غضون السنوات القليلة المقبلة، فيما تصدر قطر ما قيمته 100 مليار دولار من الغاز الطبيعي سنوياً، وتعتمد الكويت على 62 مليار دولار سنوياً لتغطية 90% من إيراداتها الحكومية. 

وفي حين حققت هيئة قناة السويس المصرية عائدات تجاوزت 9 مليارات دولار العام الماضي، فإنها تستخدم باب المندب لتصدير 30% من الغاز الطبيعي الذي يمر عبر ممراتها المائية.

إن كل هذه البلدان معرضة بشدة للاضطرابات في طرق الشحن الحيوية هذه، وتوسع الحرب الذي يؤدي إلى إغلاقها من شأنه أن يوجه ضربة كبيرة وواسعة النطاق.

 كما أن من شأن الخسارة المفاجئة للإيرادات مع انخفاض السلع المستوردة للاستهلاك المحلي أن تؤدي إلى إثارة الاضطرابات الاجتماعية، تماماً كما قد يحدث في الغرب، وسيكون الوضع شديد التأثير بالنسبة لدول الشرق الأوسط التي تعتمد بشكل كبير على الدعم، وقد يعرض الصراع المطول التوازن الدقيق القائم للخطر، مما يؤدي إلى نقص العرض والتضخم

ومع وجود قوات في أكثر من اثنتي عشرة دولة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، تحتفظ الولايات المتحدة أيضاً بحضور استراتيجي مهم في المنطقة، وفي حالة توسع الحرب، ستصبح القواعد الأمريكية أهدافاً للجهات المعادية، مما قد يجر الولايات المتحدة إلى مواجهة مباشرة ويؤدي إلى المزيد من زعزعة الاستقرار.

ومن المرجح أن يؤدي توسع الحرب إلى انسحاب الشركات بسبب عدم الاستقرار، وبالتالي نضوب الاستثمار الأجنبي في الشرق الأوسط، وهو جانب رئيسي من الاستراتيجيات مثل رؤية السعودية 2030، التي تهدف إلى تنويع اقتصاد البلاد والابتعاد عن الاعتماد على النفط، والاعتماد على حوالي 270 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية، وكل هذا من شأنه أن يخلق حقبة من عدم اليقين المتزايد في منطقة مضطربة بالفعل.

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة