اقتحمت قوات الاحتلال يوم الجمعة مستشفى كمال عدوان وهو آخر مستشفى عامل في شمال غزة المحاصر.
وجاءت عملية الاقتحام بعد تدمير الاحتلال لمخيم جباليا للاجئين المكتظ بالسكان بعمليات قصف أسفرت عن استشهاد العشرات من الفلسطينيين.
وبدأ الهجوم على المستشفى الواقع في بيت لاهيا، عند الساعة الثانية فجراً بالتوقيت المحلي، بعد وقت قصير من قصف طائرات الاحتلال المقاتلة للمباني السكنية في مخيم جباليا القريب وخان يونس جنوب غزة.
وقال الدكتور منير البرش مدير عام وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أن الهجوم على المستشفى بدأ بغارات جوية ضربت مبانيه وساحاته ومرافقه بما فيها مولد الأكسجين الطبي.
وأضاف البرش أن قصف إمدادات الأكسجين أدى إلى وفاة أطفال في المستشفى وإصابة الطاقم الطبي.
وقال الدكتور حسام أبو صفية، مدير مستشفى كمال عدوان، في مقطع فيديو نُشر على صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي بعد وقت قصير من القصف: “بدلاً من تلقي المساعدات، نتلقى دبابات تقصف مبنى المستشفى”.
وقبل انقطاع الاتصال به تساءل أبو صفية في الفيديو: “أين القانون؟ أي قانون في العالم يسمح باستهداف مستشفى بشكل مباشر؟”.
وبعد ساعات قليلة من الغارات الجوية، داهمت قوات الاحتلال المستشفى ودعت جميع المرضى، بمن فيهم نزلاء العناية المركزة، إلى التجمع في الساحة.
واعتدى الجنود على كل من كانوا داخل المستشفى، حسبما قال مدير التمريض في المستشفى لقناة العربي.
ثم فصلوا الرجال عن النساء. تم اعتقال جميع الرجال وإخضاعهم للاستجواب الميداني، بحسب الجزيرة.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية في بيان لها: “تم اعتقال مئات المرضى والطاقم الطبي وبعض النازحين من المنازل القريبة من المستشفى، الذين لجأوا إلى هناك من القصف المستمر”.
وأضافت الوزارة: “لم يتم توفير أي طعام أو أدوية أو مستلزمات طبية ضرورية لإنقاذ حياة الجرحى والمرضى في المستشفى، الوضع داخل المستشفى كارثي بكل معنى الكلمة”.
وفقا لمدير التمريض، كان هناك 150 مريضاً وجريحاً في الداخل وقت الغارة، إلى جانب 250 من الطاقم الطبي.
وقال: “ما يحدث في المستشفى جريمة وإبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني”.
مستشفى كمال عدوان هو أحد المستشفيات الثلاثة في شمال قطاع غزة التي كانت تحت حصار الاحتلال الخانق لمدة ثلاثة أسابيع.
وقد تلقى النازحون في المستشفى القليل من المساعدات والأدوية والغذاء والوقود منذ بدء الحصار على الشمال.
وأوقف المستشفيان الآخران، وهما المستشفى الإندونيسي ومستشفى العودة، عملياتهما في الأيام الأخيرة بسبب اعتداءات الاحتلال المستمرة.
وشن الجيش الاحتلال هجوماً جديداً على شمال غزة في الخامس من أكتوبر/تشرين الأول، ووصفته جماعات حقوق الإنسان والخبراء بأنه جزء من خطة لتطهير المنطقة عرقياً من الفلسطينيين.
وبدأ الهجوم بعد تقديم اقتراح مثير للجدل أطلق عليه “خطة الجنرالات” إلى الحكومة الإسرائيلية، من شأنه أن يؤدي إلى إخلاء المناطق الواقعة شمال ممر نتساريم، الذي يقسم غزة إلى نصفين، من سكانها حتى تتمكن دولة الاحتلال من إنشاء “منطقة عسكرية مغلقة”.
وقال جيورا إيلاند، وهو جنرال عسكري إسرائيلي متقاعد ورئيس سابق لمجلس الأمن القومي، وصاحب الاقتراح، في مقطع فيديو نُشر الشهر الماضي: “سيحصل أولئك الذين يغادرون على الطعام والماء”.
ووفقاً لخطة الجنرالات، فإن أي شخص يختار البقاء سيُعتبر عميلاً لحماس ويمكن قتله.
وتقدر وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أن حوالي 400 ألف شخص ما زالوا في شمال غزة، بما في ذلك مدينة غزة.
وظلت مناطق الشمال تحت حصار خانق وتعتيم إعلامي منذ ذلك الحين، مع توجيه الاتهامات لقوات الاحتلال بالتسبب في تفاقم المجاعة وسوء التغذية كجزء من خطة التطهير العرقي للفلسطينيين.
وفي أماكن أخرى، استشهد العشرات من الفلسطينيين وجرح آخرون في هجمات عبر قطاع غزة في وقت متأخر من يوم الخميس وحتى صباح يوم الجمعة.
ودمرت مجموعة من المنازل السكنية في مخيم جباليا للاجئين مساء الخميس، ما أسفر عن استشهاد وإصابة 150 شخصا، وفقا لخدمة البحث والإنقاذ التابعة للدفاع المدني الفلسطيني.
وقال مراسل الجزيرة أن نحو 10 عائلات كانت تحتمي داخل المنازل قد “قضي عليها”.
وأفادت تقارير إعلامية عربية أن موجة أخرى من الغارات الجوية على منازل في بيت لاهيا، الواقعة غرب جباليا، أسفرت عن استشهاد 25 فلسطينياً على الأقل صباح الجمعة.
وفي جنوب قطاع غزة، ارتكبت قوات الاحتلال عدة “مجازر” ضد المدنيين جنوب شرق خان يونس في هجمات قبل الفجر وفي الصباح، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.
وأضافت الوزارة أن 38 شخصاً على الأقل استشهدوا، معظمهم من الأطفال والنساء، وأصيب كثيرون آخرون.
واتُهم جيش الاحتلال بتدمير النظام الصحي في غزة عمداً من خلال الهجمات المستمرة على المستشفيات وسيارات الإسعاف والأطباء، بما في ذلك الغارات الجوية والاعتقالات وحرمان المعدات الطبية، منذ الهجوم الذي قادته حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وكانت قوات الاحتلال قد داهمت في وقت سابق أكبر مستشفيين في القطاع، وهما مستشفى الشفاء في مدينة غزة ومستشفى ناصر في خان يونس، ودمرتهما في هذه العملية.
كما قتلت قوات الاحتلال أكثر من 1150 عاملاً في المجال الصحي واعتقلت 300 آخرين منذ بدء الحرب على غزة، وفقاً لوزارة الصحة الفلسطينية.