كيف تفاعل الشرق الأوسط مع فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة؟

بقلم ألكس ماكدونالد

ترجمة وتحرير مريم الحمد

لقد أثار انتخاب دونالد ترامب لولاية ثانية رئيساً للولايات المتحدة قلقاً وبهجة بنفس الوقت في جميع أنحاء العالم، فمن جانب، ينتظر حلفاء أمريكا التقليديين بفارغ الصبر رؤية ما إذا كان ترامب سيقوم بأي تغيير في السياسة الخارجية، وخاصة فيما يتعلق بالحرب الروسية على أوكرانيا أو الحرب الإسرائيلية على غزة.

هناك أيضاً من يرون في فوزه فرصة جديدة لإعادة ضبط العلاقات والاستفادة من الفرص التي كانت غير ممكنة في عهد الرئيس السابق جو بايدن، فما هي أبرز ردود الفعل في الشرق الأوسط؟

  • إسرائيل:

لاشك أن أحد أكثر الأشخاص سعادةً بإعادة انتخاب ترامب هو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فمن المرجح أن يؤدي فوز ترامب إلى دعمه في الوقت الذي يدفع فيه إلى اتخاذ موقف أكثر تشدداً فيما يتعلق بإيران وضغطٍ أقل حول هجومه على قطاع غزة، خاصة في ظل مواجهة نتنياهو لاضطرابات داخلية بسبب إقالة وزير دفاعه، يوآف غالانت.

وفي بيان لترامب، قال نتنياهو: “إن عودتك التاريخية إلى البيت الأبيض تمثل بداية جديدة لأمريكا وإعادة التزام قوي بالتحالف الكبير بين إسرائيل وأمريكا، وهذا نصر عظيم!”

وفي منشور له على وسائل التواصل الاجتماعي، أشاد وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد، يسرائيل كاتس، بإعادة انتخاب ترامب فكتب: “سنعمل معاً على تعزيز التحالف الأمريكي الإسرائيلي وإعادة الرهائن والبقاء ثابتين في هزيمة محور الشر الذي تقوده إيران”.

تجدر الإشارة إلى أنه وخلال فترة ولايته الأولى كرئيس، دفع ترامب بعدد من السياسات المؤيدة لإسرائيل، من أبرزها التفاوض على اتفاقيات التطبيع المعروفة باتفاقات أبراهام، حيث اعترفت فيها الإمارات والبحرين ودول أخرى بإسرائيل، كما قام بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس.

  • السعودية:

سارعت العائلة المالكة السعودية، والتي طور ترامب معها علاقة وثيقة أثناء وجوده في منصبه سابقاً، لتهنئة الرئيس، حيث بعث العاهل السعودي، الملك سلمان ونجله محمد بن سلمان، برقيتين إلى ترامب أشادا فيها بما اعتبراه “العلاقات الوثيقة بين البلدين والشعبين الصديقين، والتي يسعى الجميع إلى تعزيزها وتطويرها في كافة المجالات”.

تجدر الإشارة إلى أنه وخلال فترة رئاسته الأولى، قام ترامب مع صهره جاريد كوشنر بتطوير علاقات قوية مع ولي العهد السعودي، حيث نقلت صحيفة نيويورك تايمز أن كوشنر ومحمد بن سلمان كانا يتواصلان لسنوات من خلال رسائل البريد الإلكتروني والرسائل النصية وغير ذلك.

يذكر أن كوشنر لعب دوراً مهماً في تقديم المشورة لترامب حول سياسة الشرق الأوسط ومنها الدفع باتجاه اتفاقيات التطبيع، فيما استثمرت السعودية حوالي ملياري دولار في صندوق “أفينيتي بارتنرز” التابع لكوشنر ، وذلك تحت إشراف ولي العهد بن سلمان.

  • فلسطين:

لم تكن العلاقات بين ترامب والفلسطينيين دافئة يوماً، حيث اتخذ الرئيس السابق مواقف مؤيدة لإسرائيل باستمرار طوال حياته السياسية، ومع ذلك، فقد هنأ رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، ترامب على فوزه!

أعرب عباس عن أمله في التعاون مع ترامب لتعزيز السلام والأمن الإقليميين، مؤكداً على التزام الشعب الفلسطيني بتحقيق الحرية وتقرير المصير وإقامة الدولة بموجب القانون الدولي.

قال عباس في تهنئته: “سنظل ثابتين في التزامنا بالسلام، ونحن واثقون من أن الولايات المتحدة ستدعم، تحت قيادتكم، التطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني”.

أما حماس، فقد كانت أكثر حذراً، فقد جاء في بيان لها أن “موقفنا من الإدارة الأمريكية الجديدة سوف يعتمد على مواقفها وتصرفاتها العملية تجاه شعبنا الفلسطيني وحقوقه المشروعة وقضيته العادلة”.

وأضاف البيان: “إن الرئيس الأمريكي المنتخب مدعو إلى الاستجابة للأصوات التي ارتفعت من داخل المجتمع الأمريكي نفسه منذ أكثر من عام بسبب العدوان الصهيوني على غزة، وهي الأصوات الرافضة للاحتلال والإبادة الجماعية والمعترضة على الدعم والتحيز تجاه إسرائيل”.

تجدر الإشارة إلى وأنه خلال مناظرة رئاسية في وقت سابق من هذا العام، أشار ترامب إلى أن الولايات المتحدة بحاجة إلى “السماح لإسرائيل بإنهاء المهمة” في غزة، التي قُتل فيها أكثر من 43 ألف شخص منذ أكتوبر 2023!

  • تركيا:

أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأنه قد هنأ “صديقه” بعد “نضال كبير” من أجل إعادة انتخابه، على حد وصفه.

كتب أردوغان في تغريدات على وسائل التواصل الاجتماعي: “أعتقد أنه سيتم بذل المزيد من الجهود من أجل عالم أكثر عدالة، وآمل أن تكون الانتخابات ميمونة لشعب الولايات المتحدة الصديق والحليف وللإنسانية جمعاء”، كما أكد أردوغان رغبته في التعاون مع ترامب للمساعدة في إنهاء الصراعات في أوكرانيا وغزة.

رغم حصول توتر العلاقات التركية الأمريكية حول عدد من القضايا خلال رئاسة ترامب السابقة، إلا أن تقارير عدة أشارت إلى أن الرئيسين كانا على مستوى جيد من التفاهم على المستوى الشخصي، ففي نوفمبر عام 2019، صرح ترامب بأنه “معجب بشكل كبير” بأردوغان، معتبراً إياه “صديقاً” و”زعيماً”.

  • العراق:

من جانبه، أصدر رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، بياناً على مواقع التواصل الاجتماعي هنأ فيه ترامب، مؤكداً “التزام العراق الثابت بتعزيز العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة”.

وأضاف البيان: “إننا نتطلع إلى أن تكون هذه المرحلة الجديدة بداية لتعميق التعاون بين بلدينا في مختلف المجالات، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة ويعود بالنفع على الشعبين الصديقين”، ومن بين القضايا الحاسمة بين البلدين وجود القوات الأمريكية في العراق حتى اليوم.

  • مواقف أخرى:

أصدر كل من زعماء لبنان وقطر والإمارات والأردن ومصر بيانات تهنئة لترامب، شدد فيها معظمهم على الحاجة إلى “السلام والاستقرار” في المنطقة مع استمرار الصراع في الأراضي الفلسطينية ولبنان.

أما ملك المغرب، محمد السادس، فقد أرسل رسالة تهنئة إلى ترامب، مؤكداً على ما اعتبره الأهمية التاريخية لتحالف الجانبين، واصفاً الولايات المتحدة بالصديق والحليف. 

سلط محمد السادس الضوء في رسالته أيضاً على القرار المهم الذي اتخذته ولاية ترامب السابقة، وهو اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة الكاملة للمغرب على منطقة الصحراء الغربية المتنازع عليها، مقابل استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، حيث وصفه الملك المغربي بأنه “لحظة فارقة ومحورية وعمل لا يُنسى سيظل الشعب المغربي ممتناً له إلى الأبد”.

وعلى الجانب الآخر، فهناك غياب ملحوظ لموقف إيران، فمن بين جميع دول الشرق الأوسط، حيث يمكن القول أن إيران هي الأقل تمتعاً بعلاقة ودية مع ترامب.

تعد إعادة انتخابه أمراً مخيفاً ومقلقاً للجمهورية الإسلامية، خاصة بعد قراره بالانسحاب من الاتفاق النووي لعام 2015، واغتياله لقائد فيلق القدس قاسم سليماني في عام 2020 وتهديداته المتكررة بالعنف ضد البلاد، خلال ولايته السابقة.

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة