بقلم أمير مخول
ترجمة وتحرير نجاح خاطر
أقر البرلمان الإسرائيلي (الكنيسيت) مؤخراً قانونًا يسمح بترحيل عائلات منفذي عمليات المقاومة من فلسطينيي الداخل المحتل أو القدس الشرقية المحتلة.
ويتيح التشريع إمكانية الترحيل إلى غزة أو أي مكان آخر حسب الظروف لأفراد عائلة منفذ العملية الذين اتهموا بالمعرفة المسبقة بوقوعها او بالتعبير عن دعمها.
ويبدو أن هذا القانون الجديد يتناسب مع أهداف إسرائيل الشاملة في غزة وفلسطين بشكل عام، حيث يوفر الوضع في غزة وخاصة في الشمال صورة أوضح لهذه الخطط.
فبعد أن نزح أكثر من 55000 فلسطيني من جباليا نحو الجنوب، أخبر الجنرال الإسرائيلي إيتسيك كوهين المراسلين أنه “لا توجد نية للسماح لسكان شمال قطاع غزة بالعودة إلى منازلهم”.
وأضاف كوهين أنه لن يتم توفير المساعدات الإنسانية إلا في الجنوب حيث لم يتبق مزيد من المدنيين “في الشمال، (في وقت لاحق قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن حديث كوهين أخرج من السياق ولم يعكس أهداف وقيم الجيش).
وقد رافق التهجير الجماعي للسكان من جباليا تدمير على نطاق واسع للمباني والبنية التحتية في جميع أنحاء شمال غزة، وأدى إلى ارتقاء ما لا يقل عن 2000 شخص، بالإضافة إلى الدمار الهائل الذي طال جميع أنحاء القطاع المحاصر، إلى حد أن وكالات الإغاثة حذرت من أن إعادة الإعمار قد تتطلب قروناً عديدة.
وتشير خريطة العمليات التفصيلية، التي تغطي المناطق الشمالية في بيت لاهيا وبيت حانون وجباليا إلى أن إسرائيل تنفذ بشكل فعال، ولكن بهدوء خطة الجنرالات، وهي استراتيجية إبادة جماعية لتطهير غزة عرقياً واجهت إدانة دولية واسعة النطاق.
الإبادة الجماعية والاحتلال الدائم
لقد شطر ممر نتساريم الذي أنشأته إسرائيل مؤخراً غزة إلى نصفين، ومع تموضع الجيش في الشمال، تم دفع معظم الفلسطينيين جنوب الممر، فيما يبدو أن الهدف النهائي هو ضم جل شمال غزة، مما يخلق مساحة لإسرائيل لتوسيع مستوطناتها وتعميق سيطرتها على مشاريع التجارة الحيوية في البحر الأبيض المتوسط.
علاوة على ذلك، فإن تعيين إسرائيل في الآونة الأخيرة لكاتس كوزير للدفاع يحيي إمكانية تفعيل مشروع قام باقتراحه منذ فترة طويلة، وهو إنشاء جزيرة اصطناعية للسيطرة على المساعدات الواردة إلى غزة ومراقبتها.
ووسط تحديات تنفيذ التهجير الجماعي من غزة إلى سيناء المصرية، وهي فكرة مرفوضة بالنسبة للقاهرة، يبدو أن إسرائيل تستقر بدلاً من ذلك على مشروع يرمي لتطهير وضم الجزء الشمالي من القطاع المحاصر ، مما يمنع النازحين من العودة إلى الشمال عبر ممر نتساريم.
ويعد القانون الجديد الذي يمكّن من ترحيل عائلات المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل وسكان القدس الشرقية المحتلة دليلًا على عزم تل أبيب على الحفاظ على ضمها واحتلالها لشمال غزة.
تشير تصرفات إسرائيل إلى استراتيجية أوسع لا تهدف فقط إلى إعادة احتلال غزة وتقطيعها جغرافيا ، ولكن أيضًا لإعادة تشكيل خارطة فلسطين برمتها
إن تحديد غزة كوجهة محتملة لأولئك الذين يتم ترحيلهم، يشير إلى أن المنطقة ستظل تحت السيطرة الإسرائيلية، ذلك أن القانون الدولي يحظر الترحيل أو إبطال الجنسية دون الموافقة المسبقة للدولة التي يتم إرسال المبعدين إليها، لكن إسرائيل، بالطبع، اعتادت على خرق القانون الدولي.
لم تكن خطة الجنرالات مجرد مبادرة مسؤول إسرائيلي ماكر ، لكنها على ما يبدو تعكس إجماعًا واسعًا وتنسيقاً داخل الأوساط الحكومية رفيعة المستوى.
وفي ظل القيود القانونية الدولية، لا يمكن للحكومة الإسرائيلية إعلان سياسات الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والاحتلال الدائم والضم، لكن هذا ما حدث على أرض الواقع.
لا تختلف خطة الجنرالات في جوهرها عن إعلان وزير الدفاع السابق يوآف غالانت العام الماضي بأن غزة لن تتلقى “لا كهرباء ولا طعام ولا وقود” بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر.
كما أن تصرفات إسرائيل تشير إلى استراتيجية ناشئة أكثر شمولاً لا تهدف فقط إلى إعادة احتلال غزة وتقطيعها جغرافيا، ولكن أيضًا لإعادة تشكيل فلسطين ككل، حيث سيتم ضم شمال غزة، في حين سيصبح الجنوب جيبًا للفلسطينيين النازحين، سواء من الشمال أو أولئك الذين تم ترحيلهم من داخل إسرائيل أو شرق القدس.
وعليه، سيصبح جنوب غزة بمثابة نقطة إبعاد قاحلة لعدد كبير من السكان، تفتقر إلى الظروف الملائمة للعيش.
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)