أعلنت منظمتان حقوقيتان اعتزامهما مطالبة القضاء البريطاني بإصدار أمر بوقف جميع صادرات الأسلحة البريطانية إلى دولة الاحتلال ما لم تغير ممارساتها تجاه الفلسطينيين بحلول الساعة الرابعة من مساء يوم الجمعة.
جاء ذلك في مجريات الاستئناف في القضية الذي قدمته شبكة العمل القانوني العالمية (جلان) ومقرها المملكة المتحدة ومنظمة (الحق) لحقوق الإنسان ضد وزير الأعمال والتجارة في المحكمة العليا يوم الاثنين.
وتعود القضية إلى ديسمبر/كانون الأول الماضي، حين قاضت المنظمتان الحكومة قائلتين أن المملكة المتحدة يجب أن تحظر جميع صادرات الأسلحة إلى دولة الاحتلال بسبب الخطر الواضح في إمكانية أن تستخدم تل أبيب أسلحة بريطانية الصنع لانتهاك القانون الإنساني الدولي في غزة.
وكانت حكومة حزب العمال قد علقت 30 ترخيصًا لتصدير الأسلحة للاحتلال في سبتمبر/أيلول الماضي، بعد أن أظهرت المراجعة وجود خطر واضح يمكن أن يتمثل في استخدام هذه الأسلحة في انتهاكات ضد الفلسطينيين.
وانصبّ تركيز القضية على مكونات قاذفة إف-35 المصنعة في المملكة المتحدة، والتي لا يزال من الممكن تصديرها عبر دول أخرى إلى إسرائيل كوجهة نهائية.
ويقول خبراء وباحثون في مجال الحد من الأسلحة إن إسرائيل اعتمدت على طائرات إف-35 في شن عدد كبير من الغارات الجوية على غزة، ومؤخرا في لبنان، حيث تشكل الأجزاء المصنوعة في المملكة المتحدة 15% من هذه الطائرات.
وقالت الحكومة إنها لا تستطيع تعليق المكونات المصدرة عبر دول ثالثة دون تقويض برنامج إف-35 العالمي، قائلة إن تتبع الأجزاء عبر سلسلة التوريد المعقدة للبرنامج والتي تضم أكثر من 20 دولة أمر صعب.
ودافع وزير الخارجية ديفيد لامي عن القرار، وأخبر أعضاء البرلمان مؤخرًا أن تقييد البرنامج قد يؤدي إلى عواقب غير مقصودة خطيرة على مستوى العالم.
وقال لامي في 29 أكتوبر/تشرين الأول: “لست مستعدًا لإيقاف الطائرات التي تنقذ الأرواح في مسارح أخرى، ولهذا السبب اتخذنا هذا القرار، وأنا متمسك به لقد كان القرار الصحيح”.
وتقول المنظمتان الحقوقيتان أن الحكومة لم تراجع بشكل صحيح قرارها باستثناء أجزاء الطائرات من التصدير غير المباشر، ولم تضع خطوطًا حمراء حول ما إذا كان هناك أي شيء قد يجبرها على تعليقها.
وأضافت المنظمتان أن الحكومة كانت لتقرر أن تعليق جميع الصادرات، بشكل مباشر أو غير مباشر، هو الخيار القانوني الوحيد لو أجريت مراجعة شاملة.
وتعتبر المنظمتان أن مثل هذا التقييم بالغ الأهمية في ضوء التطورات الأخيرة في شمال غزة، حيث حذر خمسة عشر من قادة الأمم المتحدة والوكالات الإنسانية في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني من أن السكان بالكامل “معرضون لخطر الموت الوشيك بسبب المرض والمجاعة والعنف”.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، قدم محامو المنظمتين طلباً يمهل الحكومة حتى الساعة الرابعة مساء يوم الجمعة للتراجع عن قرارها بشأن “استثناء” أجزاء طائرات إف-35 من تعليق الصادرات، مشيرين إلى أنهم سيطلبون أمرًا إلزاميًا من القاضي في حال عدم امتثال الحكومة للمهلة.
وفي حال إصدار مثل هذا الأمر من القاضي، سيفرض تعليق كامل لصادرات الأسلحة البريطانية إلى دولة الاحتلال أثناء إجراء التحقق.
وأخبرت شارلوت أندروز بريسكوي، المحامية في جلان، ميدل إيست آي يوم الجمعة أن المنظمة حددت الموعد النهائي “بسبب الإلحاح الشديد للموقف”، مشيرة إلى خطورة خطة الجنرالات، الإسرائيلية لتطهير شمال غزة عرقيًا.
وأوضحت بريسكوي أن “طائرات إف-35 بريطانية الصنع تلعب دورًا حاسمًا في عمليات القصف الجارية ضمن حملة الإبادة هذه، ولهذا السبب فإن الموعد النهائي قصير”.
ورفضت وزارة الأعمال والتجارة التعليق على الموعد النهائي يوم الجمعة، مستشهدة بالقضية القانونية الجارية.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية: “لقد علقنا تراخيص التصدير ذات الصلة إلى إسرائيل لاستخدامها في العمليات العسكرية في صراع غزة، بعد مراجعة خلصت إلى وجود خطر واضح من أن يتم استخدام المواد المصدرة من المملكة المتحدة لارتكاب أو تسهيل انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي، ولن نعلق على الإجراءات القانونية الجارية أو المحتملة في المستقبل”.
وكانت منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش قد تدخلتا في القضية وقدمتا أدلة للحكومة والمحكمة العليا الإسرائيلية على عدم التزام إسرائيل بالامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي.
وقالت المنظمتان يوم الجمعة أن الحكومة البريطانية تأخرت كثيرا في حظر جميع صادرات الأسلحة إلى إسرائيل.
وأوضحت ياسمين أحمد، مديرة هيومن رايتس ووتش في المملكة المتحدة: “الحكومة في المحكمة تدافع عن أمر لا يمكن الدفاع عنه، القانون الدولي ليس تقديريا والفشل في الالتزام به باستمرار لا يعرض حياة المدنيين الأبرياء للخطر فحسب، بل ويضعف النظام بأكمله، ليس فقط في الشرق الأوسط، ولكن في أوكرانيا والسودان وكل صراع آخر”.
من جهته، ذكر ساشا ديشموك، الرئيس التنفيذي لمنظمة العفو الدولية في المملكة المتحدة: “لم يكن من المفترض أن يتطلب الأمر طعناً قانونياً من الحكومة بشأن سياستها المتعلقة ببيع الأسلحة لإسرائيل، ولكن إذا لم يلتزم الوزراء بالقانون الدولي من تلقاء أنفسهم، فلن يكون هناك خيار آخر.
وتابع: “الأدلة على جرائم الحرب الإسرائيلية وغيرها من الانتهاكات في غزة والضفة الغربية واضحة، يجب وقف جميع عمليات نقل الأسلحة البريطانية إلى إسرائيل على الفور دون استثناءات أو ثغرات”.
ومن المقرر أن تبدأ جلسة الاستماع عند الساعة 10:30 من صباح يوم الاثنين في المحكمة الملكية للعدل في لندن.