قام المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بنقل إفادات شهود عيان عن قيام قوات الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ إعدامات ميدانية بحق فلسطينيين شمال قطاع غزة.
وثق المرصد، الذي يعد منظمة غير حكومية مقرها جنيف، العشرات من عمليات القتل المتعمد على يد الجنود الإسرائيليين منذ أن بدأت إسرائيل هجومها الجديد على المنطقة في أوائل أكتوبر، مشيراً إلى أن عمليات الإعدام كانت جزءاً من “الفظائع العديدة” التي يتم ارتكابها في المنطقة المحاصرة، بما في ذلك “قتل وترويع المدنيين وإخراجهم قسراً من منازلهم وتهجيرهم خارج محافظة شمال غزة”.
قامت الفرق الميدانية التابعة للمرصد بتوثيق “حوادث مروعة لعمليات قتل مباشر وإعدامات خارج نطاق القانون تم تنفيذها دون أي مبرر على الإطلاق”.
وفقاً لشهادة أحد الناجين، ويُدعى تمام عبد المقادمة (61 عاماً) من سكان بيت لاهيا، فقد شهد قتل صهره خالد مصطفى إسماعيل الشافعي، ونجله الأكبر إبراهيم، وذلك بعد أن داهمت القوات الإسرائيلية الأسرة التي كانت تقيم في منزل مكون من طابقين.
“الوضع الغذائي في الملاجئ الثلاثة سيئ للغاية، فأي طعام نتمكن من تأمينه من المنازل المجاورة يتم توزيعه بشكل أساسي على الأطفال، يليهم كبار السن بحصص أصغر، فيما يتلقى الشباب، في أحسن الأحوال، رغيفاً واحداً من الخبز يومياً” – شاهد فلسطيني للمرصد الأورومتوسطي
يتذكر مقادمة ما حصل فيقول: “سمعنا إطلاق نار لكننا كنا خائفين من النظر وبقينا متجمعين معاً في غرفة واحدة في الطابق العلوي”، وعندما وصل جنود الاحتلال إلى الطابق العلوي، أمروا مقادمة ومن معه بمغادرة المنزل والتوجه إلى الجهة الشرقية من البلدة.
أكمل مقادمة بقوله: “عندما نزلنا إلى الطابق الأرضي، وجدت صهري خالد ملقىً على الأرض ميتاً برصاصتين في بطنه، والدماء تسيل منه”، وكان ابنه الأكبر، إبراهيم (21 عاماً)، قد أصيب برصاصة في الرأس، فوصف مقادمة المشهد بقوله: “وقفت مصدوماً للحظات قبل أن يهددني جندي بأن أتحرك أو يتم إطلاق النار علي”.
ورغم توسل شقيقة مقادمة، هيفاء، إلى مجموعة الجنود للسماح لها بتوديع زوجها وابنها، إلا أنهم رفضوا، يقول مقادمة: “حاولنا أن نسحبها بعيداً وهي تقول: لقد أعدموهم أمامي، وفي طريقنا للخروج، روت أختي أنه بمجرد أن فتح الجنود الباب واقتحموا المنزل، أطلقوا النار على زوجها وابنها على الفور بينما كانا واقفين بجانب الغرفة، فقتلوهما دون أن يحركوا ساكناً”.
وفقاً لتقرير الأورومتوسطي، فلا تزال هيفاء وأطفالها يعانون من الصدمات النفسية، كما لا تزال جثتي زوجها وابنها حيث قُتلا، ولم تتمكن الأسرة وفرق الإنقاذ من الوصول إليهما.
الكلاب تنهش الجثث
لقد أدى توغل الجيش الإسرائيلي في شمال غزة إلى انتشار الخوف والمجاعة ونقص الرعاية الطبية بين السكان، ولا يتمكن الجرحى في المنطقة من الحصول على الرعاية الطبية أو نقلهم لتلقيها، حيث وثق الأورومتوسطي عدة حالات لفلسطينيين قضوا تحت الأنقاض نتيجة منع القوات الإسرائيلية وصول المساعدات الإنسانية إليهم لمدة 25 يوماً.
وفق شهادة الفلسطيني (أ.ج) ذو (54 عاماً) من شمالي غزة، “على مدى الأيام العشرة الماضية، تتعرض بيت لاهيا لحملة إسرائيلية واسعة النطاق، أجبرت الناس على ترك منازلهم إلى نقاط تجمع محددة حددها الجيش”.
وأضاف: “زوجتي التي أصيبت بجروح خطيرة في وقت سابق، تعاني من تدهور حاد في حالتها، وهي طريحة الفراش ولكنها تضطر إلى الاستلقاء على الأرض لعدم توفر سرير، رغم حاجتها الماسة لذلك لأنها مشلولة”.
أفاد (أ.ج) في شهادته أيضاً بأن هناك 5000 شخص ما زالوا في 3 مدارس للجوء، حيث “يخاطر النازحون بالخروج من منازلهم لاستعادة ما تبقى من إمدادات لتأمين الغذاء، فقد تم إعدام العشرات ممن حاولوا ذلك في الشوارع”.
أفاد فلسطيني آخر من عائلة حمودة بأنه رأى جثثاً عندما خرج لإحضار الدقيق، يقول: “أثناء عودتي، رأيت كلاباً تنهش جثث 5 شبان ملقاة على جانب الطريق، وهم أشخاص أعرفهم من عائلتي زايد ورجب، وبجانب أحد الضحايا، كان هناك كيس طحين يبدو أنه نجح في استعادته من منزله، لكن الجيش الإسرائيلي أطلق عليه النار أثناء عودته إلى الملجأ”.
وأضاف: “الوضع الغذائي في الملاجئ الثلاثة سيئ للغاية، فأي طعام نتمكن من تأمينه من المنازل المجاورة يتم توزيعه بشكل أساسي على الأطفال، يليهم كبار السن بحصص أصغر، فيما يتلقى الشباب، في أحسن الأحوال، رغيفاً واحداً من الخبز يومياً”.
“ضوء أخضر لتصعيد الإبادة الجماعية”
في تقريره، حذر الأورومتوسطي من أن “إحجام المجتمع الدولي عن اتخاذ إجراءات حاسمة ضد المجازر الإسرائيلية في غزة يجعله متواطئاً في هذه الجرائم ويمنح إسرائيل الضوء الأخضر لتصعيد عمليات الإبادة الجماعية، كما أن هذا يعكس استخفافاً صادماً بحياة الفلسطينيين وكرامتهم”.
منذ 6 أسابيع، تشن القوات الإسرائيلية عملية عسكرية مكثفة في شمال قطاع غزة، حيث اتهمت جماعات حقوقية ومنظمات إغاثة القوات الإسرائيلية بتنفيذ حملة تطهير عرقي أطلق عليها اسم “خطة الجنرالات”، وذلك بعد أن صدرت أوامر لسكان الشمال المتبقين البالغ عددهم حوالي 400 ألف نسمة الشهر الماضي بالإخلاء إلى جنوب غزة.
لقد ورد هذا الاتهام في وقت سابق من هذا الشهر في صحيفة هآرتس، حيث استشهدت الصحيفة بتعليقات أدلى بها القادة الإسرائيليون خلال جولة في المنطقة تم تنظيمها للصحفيين، ووصف خلالها أحد الضباط مهمته بأنها ” تنظيف المنطقة”، كما أكد أن فرقته تقوم بتحويل المساعدات من شمال غزة إلى الجنوب.
ونقلت الصحيفة عن قائد كبير آخر قوله بأنه لن يُسمح للمدنيين بالعودة إلى الشمال، وسط أنباء عن خطط لبناء مستوطنات إسرائيلية هناك
تجدر الإشارة إلى أنه قد قُتل ما لا يقل عن 2000 فلسطيني في الهجوم الأخير، بينما تم اختطاف مئات آخرين وطرد الآلاف قسراً من شمال القطاع المحاصر.
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)