بعد صدور مذكرات الاعتقال الدولية بحق نتنياهو وغالانت.. هل حان الدور على المسؤولين الأمريكيين؟

خلق قرار المحكمة الجنائية الدولية الأسبوع الماضي بإصدار أوامر اعتقال ضد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت صدمة في مختلف أنحاء العالم الغربي.

وأصدرت المحكمة أوامرها على خلفية الأدوار التي لعبها قادة الاحتلال في العدوان على غزة، حيث قتلت قواتهم عشرات الآلاف من الفلسطينيين. 

وعلى النقيض من ذلك، صدرت مذكرة الاعتقال ضد قائد الجناح العسكري لحركة حماس محمد ضيف بسبب ضلوعه في الهجمات التي قادتها حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول على مستوطنات غلاف غزة، والتي أسفرت عن مقتل حوالي 1200 شخص وأسر أكثر من 200 آخرين تم نقلهم إلى غزة.

ويشكل قرار المحكمة بإصدار هذه المذكرات لأول مرة ضد زعماء دولة حليفة للغرب سابقة قانونية يمكن أن يكون لها آثار كبيرة في القانون الدولي من بينها إمكانية معاقبة المسؤولين الأميركيين من قبل المحكمة الجنائية الدولية بسبب دعمهم للجرائم التي ارتكبها جيش الاحتلال في غزة.

ورغم أنه من غير المرجح الوصول إلى ذلك، فإن خبراء قانونيون يرون أن المحكمة الجنائية الدولية ونظام روما الأساسي يشتملان على الآليات القانونية التي بوسعها من الناحية الفنية توجيه اتهامات إلى مسؤولين رئيسيين في إدارة بايدن.

فقد قالت سيليست كميوتيك، المحامية في مشروع التقاضي الاستراتيجي في المجلس الأطلسي أن الأمر يعود في النهاية إلى المحكمة “لتقييم الأدلة ضد المسؤولين الأميركيين، لكن نظام روما يتضمن بالتأكيد طرقًا يمكن من خلالها تحميل الأفراد المسؤولية الشخصية عن المساهمة في جرائم الحرب بما في ذلك، على سبيل المثال، توفير الأسلحة”.

“نظرًا لأن فلسطين دولة طرف في نظام روما الأساسي، فإن الدائرة التمهيدية يمكنها إصدار مذكرات اعتقال بحق أي شخص مسؤول عن جرائم على الأراضي الفلسطينية بغض النظر عن جنسيته ” – سيليست كميوتيك، المجلس الأطلسي

وكان البيت الأبيض قد وصف مذكرات الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية ضد نتنياهو وغالانت بأنها “شائنة”، وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض في بيان أن بلاده كانت واضحة في أن المحكمة الجنائية الدولية ليس لديها ولاية قضائية على هذه المسألة، مضيفاً “بالتنسيق مع الشركاء، بما في ذلك إسرائيل، نناقش الخطوات التالية”.

والولايات المتحدة ودولة الاحتلال ليستا طرفين في نظام روما، بعكس فلسطين وهي طرف فيه، ومع وقوع الحرب على غزة داخل الأراضي الفلسطينية، فإن هذا يمنح المحكمة الجنائية الدولية السلطة القضائية لملاحقة المتورطين في الحرب.

وأوضحت كميوتيك أنه يمكن إصدار مذكرات اعتقال ضد “مسؤولين غربيين مثل أولئك الذين دعموا الاحتلال في الولايات المتحدة، ومسؤولين مثل أعضاء الحكومة الإيرانية الذين دعموا حماس”.

المادة 25 من نظام روما

وقال العديد من الخبراء القانونيين لميدل إيست آي أن المسار الذي يمكن للمحكمة الجنائية الدولية من خلاله متابعة مذكرات الاعتقال ضد المسؤولين الأميركيين عن الجرائم المرتكبة في عدوان الاحتلال على غزة يتمثل في المادة 25 من نظام روما.

ونظام روما الأساسي هو المعاهدة التي أسست المحكمة الجنائية الدولية، وتتناول المادة 25 المسؤولية الجنائية الفردية.

وقالت منظمة الديمقراطية من أجل العالم العربي الآن في بيان لها الأسبوع الماضي أن المسؤولين الأميركيين قد يُدانون بارتكاب جرائم حرب بموجب المادة 25(3)(ج) الذي ينص على أن العقوبة تقع على أي شخص إذا “ساعد أو حرض شارك بأي شكل آخر” في ارتكاب جريمة، بما في ذلك “توفير الوسائل لارتكابها”.

ورغم أن الولايات المتحدة ليست طرفاً في الحرب على غزة، إلا أنها ظلت تقدم أكبر قدر من المساعدات العسكرية للاحتلال من أي دولة أخرى في العالم حيث سرعت إرسال شحنات الأسلحة إليها منذ بدأ العدوان على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وعلى الرغم من ذلك، فإن العوائق أمام توجيه اتهامات إلى المسؤولين الأميركيين عن هذا السلوك مازالت كبيرة، حيث أن من الصعب إثبات أن المسؤولين الأميركيين كانوا يعتزمون تسهيل جرائم الحرب.

وقال عادل حق، أستاذ القانون، وجون أو نيومان، القاضي والباحث في جامعة روتجرز، لميدل إيست آي أنه سيكون من الصعب على المحكمة الجنائية الدولية توجيه اتهامات بارتكاب جرائم حرب في غزة ضد كبار المسؤولين الأميركيين بموجب المادة 25 (3) (ج) لأنه من المرجح أن يزعم المسؤولون الأميركيون “أنه لم يكونوا يهدفون لمساعدة إسرائيل على ارتكاب جرائم بإرسال أسلحة أميركية إليها”.

وقال حق: “حتى لو علم هؤلاء المسؤولون الأميركيون أو توقعوا أن إسرائيل سترتكب مثل هذه الجرائم، فإن هذه المعرفة وحدها قد لا تثبت القصد أو الغرض المطلوب”.

وأشارت كميوتيك إلى أنه يمكن توجيه اتهامات أيضًا إلى المسؤولين الأميركيين بموجب المادة 25 (3) (د)، وهي المادة التي تنص على أن أي فرد هو تحت طائلة العقوبة إذا ساهم في جريمة من خلال التصرف “بـ”غرض مشترك” لارتكاب هذه الجريمة”.

وقال حق أن هناك حجة أقوى للمادة 25 (3) (د)، وبشكل أكثر تحديدًا فيما يتعلق بفقرتها الثانية، والتي تنص على أن الفرد يساهم في جريمة وأن القرار يتخذ “مع العلم بنية المجموعة بارتكاب الجريمة”.

وأضاف حق: “بعبارة أخرى، لا يلزم أن يشارك الفرد نية المجموعة في ارتكاب الجريمة، يكفي أن يعرف الفرد نية المجموعة ويقرر المساهمة على أي حال”.

وإذا كانت الاستراتيجية العسكرية لمجلس الحرب الإسرائيلي تتضمن صراحة استخدام التجويع كسلاح حرب، وكان المسؤولون الأمريكيون على علم بذلك واستمروا في الموافقة على إرسال شحنات المساعدات العسكرية إلى البلاد، فيمكن أن يكونوا مسؤولين مشتركين في الجريمة بموجب هذا البند من نظام روما.

وأكد حق أن المساهمة بالجريمة عبر إرسال الأسلحة الأمريكية يجب أن تكون متعمدة ومترافقة مع العلم بأن إسرائيل تخطط لارتكاب جرائم حرب في غزة، دون أن تكون الحالات الفردية التي تهاجم فيها قوات الاحتلال قوافل المساعدات أو المستشفيات أو الصحفيين كافية لاستخدامها كأدلة.

وقال حق: “ما دام المسؤولون الأميركيون على علم بالنوايا الإجرامية لمجلس الحرب الإسرائيلي، فقد يتحملون المسؤولية بموجب نظام المحكمة الجنائية الدولية”.

مقالات ذات صلة