لعدة أيام ظل اسم عبد الرحمن يوسف القرضاوي يتردد في وسائل الإعلام في ظل الدعوات التي وجهتها منظمات حقوق الإنسان إلى لبنان لإلغاء ترحيله إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، الحليف الرئيسي للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، حيث تخشى هذه المنظمات أن يواجه القرضاوي إجراءات قانونية ذات دوافع سياسية وحتى التعذيب.
ولكن من هو عبد الرحمن ولماذا تبحث عنه حكومات عربية متعددة؟
يبلغ عبد الرحمن من العمر 55 عامًا، وهو مواطن مصري تركي مزدوج، وهو شاعر وناشط سياسي يعمل ويعيش في تركيا.
كان القرضاوي من كبار المؤيدين للثورة المصرية عام 2011 التي أنهت حكم الرئيس المصري السابق حسني مبارك الذي دام عقودًا من الزمان، كما عمل في حملة محمد البرادعي، الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي ترشح للرئاسة المصرية بعد انتهاء حكم مبارك بعد الثورة المصرية.
ساعد القرضاوي في تأسيس مجموعة كفاية في مصر، والمعروفة أيضًا باسم الحركة المصرية من أجل التغيير والتي سبق انطلاقها لثورة 2011 بفترة طويلة لكنها شاركت فيها بقوة، رغم أن مجموعة الأزمات الدولية وصفتها بأنها غير فعالة إلى حد كبير نحو التغيير البنيوي في مصر لأنها عملت كحركة احتجاجية فحسب.
وبعد عام 2011، مُنع عبد الرحمن من الظهور على الهواء وحظرت منشوراته في مصر فاتجه إلى المنفى حاله كحال العديد من الشخصيات البارزة التي عارضت السلطات المصرية وأقام في تركيا.
أمضت شقيقته علا أربع سنوات محتجزة تعسفيًا في مصر بتهم متعلقة بالإرهاب يعتقد على نطاق واسع أنها لا أساس لها من الصحة.
وكان والده الشيخ يوسف القرضاوي، الذي توفي في قطر عام 2022، أحد أكثر العلماء المسلمين إنتاجًا ونشرًا واسمًا مألوفًا في العالم العربي.
ورغم أن القرضاوي الأب رفض لفترة طويلة أي أدوار سياسية رسمية في مصر، فقد كان له تأثير فكري كبير على جماعة الإخوان المسلمين، حزب المعارضة الرئيسي في البلاد، والتي تعتبر الآن جماعة إرهابية في ظل حكومة السيسي.
وباعتباره أحد أبرز المنظرين الإيديولوجيين المرتبطين بالإخوان المسلمين، وقف الشيخ يوسف القرضاوي وتعاليمه في قلب الأحداث العالمية المحورية.
فطوال حياته المهنية كمفكر عام، أكسبه نهجه في التعامل مع الشريعة الإسلامية الذي يجمع بين العلم والنشاط السياسي وقدرته على توصيل هذه الأفكار بلغة واضحة، ملايين المتابعين.
أما عبد الرحمن فقد ظهر مؤخرًا في مقاطع فيديو على الإنترنت نشرها لنفسه وهو يحتفل على الأراضي السورية بإسقاط الرئيس السوري السابق بشار الأسد.
وظهر في موقع المسجد الأموي التاريخي في دمشق، وهو يتجول مرتديًا كوفية فلسطينية سوداء وبيضاء حول عنقه، حيث نادى عبد الرحمن بـ “العرب الصهاينة”، في إشارة إلى قيادات الإمارات العربية المتحدة ومصر والمملكة العربية السعودية، وأشار إلى أمله في أن يتم إسقاط حكوماتهم بعد ذلك من خلال “طوفان التغيير”.
وقال إن الطوفان بدأ بالفعل في غزة، حيث أطلقت حماس عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وبتاريخ 25 ديسمبر/تشرين الأول 2024، نشر على صفحته على الانترنت قصيدة بعنوان “رثاء شهيد الأمة” خصصها للحديث عن مناقب قائد حركة حماس الراحل يحيى السنوار وقد وصفه فيها بأنه رجل “خالد” و”يحمل في قلبه عزم الكون”.
تم اعتقال عبد الرحمن أواخر الشهر الماضي في مطار بيروت أثناء عودته من دمشق، حيث قالت منظمة العفو الدولية، أن “قوات الأمن اللبنانية استجوبت عبد الرحمن فيما يتعلق بحكم أصدرته محكمة مصرية غيابيًا في عام 2017، وأدانته بتهمة نشر أخبار كاذبة”، من بين أمور أخرى، وحكمت عليه بالسجن لمدة خمس سنوات في قضية ذات دوافع سياسية، فضلاً عن طلب الإمارات العربية المتحدة بتسليمه”.
وتطالب العديد من جماعات حقوق الإنسان الآن بالإفراج عنه، حيث قالت لجنة العدالة التي تتخذ من سويسرا مقراً لها في بيان يوم الثلاثاء: “إن مذكرة الاعتقال هذه ذات دوافع سياسية وتعمل كأداة لقمع الأصوات المعارضة، مما يجعل اعتقال القرضاوي جزءًا من حملة إقليمية تستهدف النشطاء والمثقفين”.
وحثت المجموعة المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب والمقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحرية الرأي والتعبير على الضغط على السلطات اللبنانية “للالتزام بالتزاماتها الدولية، وخاصة فيما يتعلق بمبدأ عدم الإعادة القسرية المنصوص عليه في المادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب”.
وقالت مجموعة “العدالة من أجل لبنان” إن مثل هذا التسليم “يشكل تهديداً لكل من يؤمن بحرية الفكر والتعبير، وهو حق تكفله المواثيق الدولية مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يعتبر لبنان طرفاً فيه”.
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)