واصلت قوات الاحتلال حصار مستشفيين في جنين ومهاجمتهما لليوم الثاني على التوالي منذ بدء هجومها الكبير على المدينة الواقعة شمال الضفة الغربية المحتلة، في حين اقتحمت قوات أجهزة أمن السلطة الفلسطينية مستشفى ثالثا.
وتعرضت الفرق الطبية التي حاولت تقديم الرعاية لإطلاق نار مباشر من قبل قوات الاحتلال، كما تم منع المسعفين من الوصول إلى الشهداء والجرحى، الذين ما زالوا متناثرين في الشوارع.
وقتلت قوات الاحتلال ما لا يقل عن 10 فلسطينيين وجرحت 40 آخرين منذ بدء الهجوم صباح الثلاثاء، وفقاً لوزارة الصحة الفلسطينية.
وفي خضم عملية الاقتحام الكبيرة، دمرت جرافات الاحتلال الطريق الرئيسي المؤدي إلى مستشفى جنين الحكومي، وسدت المنافذ الموصلة إليه بحواجز ترابية.
وقال وسام بكر، مدير المستشفى، لموقع ميدل إيست آي إن الجرافات جعلت من الصعب على الفرق الطبية الدخول إلى المستشفى أو الخروج منه، موضحاً أن “أكثر من 600 نازح لجأوا إلى المستشفى الذي حاصرته قوات عسكرية وقطعت عنه أي طعام الأمر الذي جعل الحال مأساوياً الليلة الماضية”.
وأردف بكر أن “المستشفى غص بالنازحين والمرضى، وكان جيش الاحتلال يحاصره من كل الجهات، وكنا نخشى أن يقتحموه أو يبدأوا بإطلاق النار عليه”.
ورغم تعرض المستشفيات في جنين للحصار في عمليات الاجتياح السابقة، إلا أن هذه الغارة وصفت بأنها الأشد قسوة حتى الآن، حيث وصل مئات النازحين إلى المستشفى مع بدء الاجتياح، واضطر كثيرون إلى النوم في ممراته.
ورغم محاولات إدارة المستشفى تنسيق تسليم الطعام للنازحين، إلا أن جيش الاحتلال منع وصوله إلى من هم في الداخل.
وذكر بكر أن جيش الاحتلال سمح صباح الأربعاء لبعض النازحين بمغادرة المستشفى سيراً على الأقدام، ولكن فقط بعد إخضاعهم للتفتيش واعتقال عدد منهم.
وقال إياد صلاحات، الذي كان يرافق والدته المريضة في المستشفى أثناء الاقتحام، إن الخوف وعدم اليقين كانا سيدي الموقف في ظل الحصار، حيث جعله الضجيج العالي للمركبات العسكرية والجرافات والتهديدات عبر مكبرات الصوت يخشى أن يواجه المستشفى نفس مصير المشافي التي دمرتها قوات الاحتلال في غزة.
“لم نكن نعرف ماذا نفعل وبدأنا نتخيل ما حدث في مستشفيات غزة، هل سيقتحمون المستشفى؟ هل سيخلوننا؟ هل سيقتلون الأطباء أم يعتقلونهم؟ بدا كل شيء ممكنًا” – إياد صلاحات، من سكان جنين
كان صلاحات وعائلته من بين الذين سُمح لهم بالمغادرة يوم الأربعاء، حيث يقدم شهادته على ما جرى بالقول “لقد قسمونا إلى مجموعات من خمسة أفراد لكل مجموعة، ثم فتشونا بدقة وأجبرونا على خلع ملابسنا، واعتقلوا ما لا يقل عن 10 من الذين خرجوا وأجبرونا على السير في صف واحد”.
وأضاف أن طائرة بدون طيار تابعة لقوات الاحتلال كانت تحلق في السماء، ويبدو أنها كانت تساعد الجنود في عمليات التفتيش.
إطلاق النار العشوائي
وفي مستشفى الأمل في جنين، كان حصار الاحتلال أكثر ضراوةً، حيث أطلق الجنود النار عشوائيًا في الفناء، مما أدى إلى إصابة ثلاثة أطباء على الأقل وعاملين في المستشفى وُصفت إصاباتهم بأنها متوسطة إلى طفيفة.
ووصف إحسان رواجبة، موظف الاستقبال في المستشفى، الوضع بأنه فوضوي، حيث تردد صدى إطلاق النار في جميع أنحاء المستشفى يوم الثلاثاء، وأصيب ممرض برصاصة خلف المستشفى وترك ينزف حتى تمكن أحد المسعفين من إنقاذه.
وأضاف رواجبة أن إطلاق النار كان عشوائيًا ودون سابق إنذار، فيما كان المستشفى تحت حصار صارم، ودون أن يُسمح لأحد بالدخول أو الخروج باستثناء سيارة إسعاف واحدة تخضع للتفتيش في كل مرة تدخل فيها المستشفى أو تغادره.
وأوضح رواجبة: “نحن مضطرون إلى إحضار الطعام لمن هم داخل المستشفى عبر سيارة الإسعاف هذه، لكن موظفيها مهددون طوال الوقت، ونحن غير قادرين على استقبال إصابات جديدة إلا تحت إشراف جيش الاحتلال ومراقبته”.
وفي سياق منفصل، اقتحمت قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية مستشفى الرازي في جنين يوم الأربعاء واعتقلت رجلاً جريحًا يُعتقد أنه عضو في كتيبة جنين ومطلوب لجيش الاحتلال.
ويبدو أن مداهمة السلطة الفلسطينية هي المرة الأولى التي تشارك فيها القوات الفلسطينية علنًا في هجوم عسكري للاحتلال في الضفة الغربية.