هل تحقق إسرائيل في الضفة الغربية ما فشلت في تحقيقه في غزة؟

بقلم فريد طعم الله

ترجمة وتحرير مريم الحمد

عندما تم الإعلان عن وقف إطلاق النار في غزة واتفاق تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل، تنفسنا الصعداء كفلسطينيين، فقد شعر الفلسطينيون في كل من غزة والضفة الغربية بسعادة غامرة لإتمام هذا الاتفاق الذي طال انتظاره لوقف الإبادة الجماعية في غزة.

وسرعان ما تبددت هذه الفرحة بسبب المخاوف من قيام إسرائيل بتكرار سيناريو الإبادة الجماعية والتهجير هنا في الضفة الغربية المحتلة، فقد كانت هناك علامات أولى تمثلت في التهديدات العنيفة التي بدأت تتصاعد منذ اللحظة التي توقفت فيها الحرب على غزة، حيث فرضت إسرائيل إجراءات صارمة لمنع الاحتفالات بخروج الأسرى مع إعاقة حريتنا في الحركة أيضاً.

إن هدف إسرائيل المعلن فيما تسميه بعملية “واسعة النطاق” في جنين هو “هزيمة الإرهاب”، لكن الهدف الحقيقي واضح لنا، وهو دفع الفلسطينيين إلى مغادرة الضفة الغربية

على كل حال، لم تمنعنا تلك التهديدات من الانتظار في رام الله لساعات لاستقبال الأسرى المحررين رغم البرد القارس، فقد كان فرحاً لا يوصف، رغم قيام الجنود الإسرائيليين بمهاجمة الحشود التي كانت تنتظر لم الشمل مع الأحباء، كما أطلقوا الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت وأغلقوا الطرق حول رام الله. 

نتيجة لذلك، اضطر بعض الأسرى المفرج عنهم إلى قضاء ليلتهم الأولى خارج السجن عالقين عند نقاط التفتيش مع عائلاتهم متحملين البرد القارس، وهو إجراء سادي يهدف إلى قتل فرحتنا.

تشديد الخناق

منذ ذلك الحين، شددت القوات الإسرائيلية حصارها على الضفة الغربية المحتلة، مما أدى إلى شل حركة الفلسطينيين عبر ما يقرب من 900 نقطة تفتيش وبوابة عسكرية، كما قام الجيش الإسرائيلي أيضاً بشن عملية لا تزال مستمرة في جنين.

في الوقت نفسه، أعلنت الحكومة الإسرائيلية عن خطط لتكثيف النشاط الاستيطاني، وهو جزء من هدفها الأوسع المتمثل في ضم مساحات كبيرة من الضفة الغربية، كما صعد المستوطنون من هجماتهم بإحراق المنازل والمركبات والمزارع الفلسطينية تحت حماية الجيش الإسرائيلي.

كل هذا بدأت تتصاعد وتيرته بتشجيع ومباركة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي قام، في أحد إجراءاته الأولى منذ توليه منصبه، بإلغاء العقوبات التي تستهدف المستوطنين.

إن هدف إسرائيل المعلن فيما تسميه بعملية “واسعة النطاق” في جنين هو “هزيمة الإرهاب”، لكن الهدف الحقيقي واضح لنا، وهو دفع الفلسطينيين إلى مغادرة الضفة الغربية، فالهجمات الإسرائيلية الشرسة تهدف في المقام الأول إلى قتل الفرحة والأمل الذي نشأ في قلوب الفلسطينيين بعد دخول الهدنة في غزة حيز التنفيذ.

مع دخول وقف إطلاق النار في غزة، سارعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلى إثارة حرب جديدة في الضفة الغربية، في محاولة لمحو أي صورة للانتصار الفلسطيني، وذلك لردع الفلسطينيين حتى عن مجرد التفكير في معارضة توسع المشروع الصهيوني على أراضيهم، وذلك من خلال الضغط عليهم بالقتل والتشريد العشوائي وفرض إجراءات أمنية جديدة تضيق الخناق وتدفع الفلسطينيين إلى المغادرة.

خلال سفري مؤخراً من رام الله إلى مدينتي قيرا، رأيت لوحات إعلانية كبيرة نصبتها مجموعات المستوطنين في الطريق جاء في أحدها: “لا يوجد مستقبل في فلسطين”، مصحوبة بصورة للفلسطينيين النازحين في غزة، وهي الرسالة التي أقرتها حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل بأن الفلسطينيين في الضفة الغربية سوف يعانون من مصير مماثل إذا لم يغادروا طوعاً.

في الوقت نفسه، تعمل إسرائيل على تشديد واقع الفصل العنصري لدينا، فتقوم بحصرنا في مناطق حضرية صغيرة المساحة مقابل السماح للمستوطنين بالسيطرة على الأرض والطرق، وذلك بهدف إضعاف السلطة الفلسطينية والقضاء على دورها السياسي في نهاية المطاف.

من جانب آخر، فإن نتنياهو وخوفاً على ائتلافه الحكومي، يكافئ وزير ماليته المتطرف بتسلئيل سموتريش، الذي احتج على وقف إطلاق النار في غزة، من خلال السماح له ببدء حربه الخاصة في الضفة الغربية المحتلة.

أنا أعتقد أن إسرائيل وإن كررت في الضفة الجرائم والدمار الذي أحدثته في غزة، فإنها سوف تفشل حتماً كما فشلت في تركيع الشعب الفلسطيني في غزة، فنحن سوف نبقى في وطننا لنشهد بكل فخر اليوم التالي للحرب، يوم الانتصار.

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة